8620 قتيلا وجريحا في زلزال المغرب.. وقلق من المستقبل
وهج الخليج – وكالات
أعلنت وزارة الداخلية المغربية ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق متفرقة بالمغرب يوم الجمعة الماضي إلى 2946 قتيلا و 5674 مصابا.
وأوضحت الوزارة، في بلاغ لها، أن عدد الوفيات بلغ 1684 بإقليم الحوز، و980 بإقليم تارودانت، في حين لم يتم تسجيل أي حالة وفاة جديدة في باقي العمالات والأقاليم المعنية،بحسب وكالة الأنباء المغربية . وأكدت الوزارة أن السلطات العمومية تواصل جهودها للتكفل بالمصابين، وإيواء المتضررين، وإيصال الإعانات الغذائية والصحية لهم، وتأمين حركة السير بالطرق التي تضررت جراء الزلزال، معبئة في الوقت نفسه كل الإمكانات اللازمة لمعالجة آثار هذه الفاجعة المؤلمة .
ـ تداعيات هائلة
وقد خلف الزلزال تداعيات هائلة، حيث يقف المزارع محمد المتوكل “56 عاماً”، عاجزاً في حقله الذي يزرع فيه التفاح والجوز وخضراوات وسط سلسلة جبال الأطلس الكبير، ويقول “كنا نعتقد أن البرد هو أسوأ عدو لنا، لكن الآن هناك عدو آخر: الزلزال، لقد دمّر كلّ شيء”. يشير الرجل إلى أشجاره التي زرعت بعناية من جيل إلى آخر في عائلته، تحت منازل تقليدية بنيت بالحجارة والخشب، وقد تحطّمت تماماً. يحلّ موسم جني الثمار في الخريف، لكن تفاحاته الحمراء تناثرت على العشب الأخضر، وامتزجت رائحتها برائحة جيفة حمار نفق تحت الأنقاض، وفق سكان المنطقة. ولم ينضج التفاح بعد ليكون صالحا للبيع، وقد أطاح الزلزال بموسم كامل وبقدرة الفلاحين على سداد ديونهم.
وكما في مناطق أخرى في إقليم الحوز الجبلي، تعدّ الزراعة وتربية المواشي مثل الأبقار والأغنام، مصدراً للرزق والقوت. وأطلقت الحكومة وجهات مانحة أخرى في السنوات الأخيرة برامج، بعضها لمكافحة تأثيرات التغير المناخي، وأخرى مخصصة لفكّ عزلة تلك المجتمعات وإعطاء مزيد من الاستقلالية للنساء.
يشرح جمال بو يحيى، مزارع يبلغ من العمر “42 عاماً”، “نحن نعمل بكدّ لنجمع القليل من المال بقطف التفاح، لنتحضر لموسم العودة إلى المدرسة ونتمكن من إعالة عائلاتنا”. خلفه، كان الأطفال يقفزون على الفرش المغطاة بالغبار، فمدرستهم لم تعد صالحة للاستخدام.
من جهته خسِر طالب الثانوية وليد ناصر البالغ 19 عاماً دخلاً يومياً يساوي 80 درهماً (7,30 يورو)، كان يتقاضاها لقاء أعمال صغيرة في الحقول. وقد أنهك الجفاف ونقص المياه أصلاً المزارعين الصغار، ليزيد وقع صدمة الزلزال أيضاً من معاناتهم، فقد أسفر عن مقتل 11 شخصاً من القرية الصغيرة البالغ عدد سكانها 200 نسمة. أما قريتهم الوعرة والصخرية، فقد تحولت إلى خيم صفراء تأوي الناجين الذين فقدوا بيوتهم.
ـ إعادة إعمار
في القرية هذه، لا سكان تحت الأنقاض لإنقاذهم، على عكس البلدات الأخرى حيث لا تزال فرق الإنقاذ تعمل الخميس بعد ستّة أيام على الكارثة التي أودت بأكثر من 2900 شخص وتسببت بإصابة 5500 بجروح.
الضرورة الآن هي إيجاد مأوى للسكان. تقوم نساء بفرز البطانيات والملابس التي يقدّمها مدنيون، فيما يبحث الرجال هنا وهناك بين المنازل التي لا تزال صامدة، عن أكواب أو أواني، لم تنل منها الكارثة. لكن القلق من المستقبل يخيّم على الأجواء. يقول جمال يو يحيى إن “القطاع الأكثر تأثراً بالزلزال هو قطاع الري: فقد دمرت جميع الأنابيب تقريباً”، مقدّراً بمئة ألف درهم (920 يورو) قيمة خسارته المادية من ضياع محصوله.
آبار المياه ممتلئة، لكن “الحجارة التي تحركت خلال الزلزال قطعت مصادر” المياه، وفق المزارع محمد المتوكل الذي لفحت الشمس وجهه، مضيفاً “طالما أن هذه المشكلة لم تُحل، فلن يكون الأمر جيداً على الإطلاق”. ويتوقّع أن تشكّل مسألة الوصول إلى المياه واحدةً من التحديات في عمليات إعادة الإعمار. وبحسب المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في جهة مراكش- أسفي، فإنّ “شبكة توزيع المياه قد تضررت في ثلاث بلديات هي أمزميز ومولاي ابراهيم وتلات نيعقوب، في إقليم الحوز”.
تعتبر حليمة رزقاوي مديرة منظمة “كير المغرب” الناشطة خصوصاً في تلك المنطقة أن مرحلة إعادة الإعمار قد تكون بمثابة “نداء للجهات المعنية بالتنمية”. وتضيف “لديكم فرصة للمساهمة في تعافي سكان هذه المنطقة ومساعدتهم في إعادة الإعمار بشكل متين، وإطلاق ممارسات جيدة منذ البداية، مع الأخذ بعين الاعتبار نقص المياه ونقص المساحة في نفس الوقت”، مؤكدةً أن “إعادة الإعمار تعني الأمل”.