ضيفها زهران القاسمي .. ندوة في الكويت تسلط الضوء على اهتمام العُمانيين بفن الشعر
وهج الخليج – مسقط
نظم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، مساء أمس الثلاثاء ندوة بعنوان “حضور البيئة في الأعمال الروائية العربية”، وذلك ضمن فعاليات مهرجان “صيفي ثقافي 15″، الذي تتواصل أنشطته في الفترة من 3 إلى 17 من شهر سبتمبر الجاري.
الندوة التي حضرها الأمين العام للمجلس بالإنابة الدكتور محمد الجسار، والأمين المساعد لقطاع الثقافة عائشة المحمود وجمع من المثقفين والأدباء والشعراء، تحدث فيها الشاعر والروائي العماني زهران القاسمي الفائز بجائزة البوكر للرواية العربية للعام الجاري 2023، عن روايته ” تغريبة القافر”، وأدارها القاص والروائي والكاتب الكويتي المعروف طالب الرفاعي.
وفي بداية الندوة أشار طالب الرفاعي إلى أن العالم العربي عرف زهران القاسمي شاعراً قبل أن يعرفه روائياً، ونوّه إلى أن “القاسمي” شغوف بالبيئة ومهتم بالمفردة المحلية في كتاباته. وأكد “الرفاعي” على أن الرواية تأتي نتيجة بحث ودراسة وعمل متواصل، ولفت إلى أن كل رواية لزهران القاسمي كانت بمثابة دراسة كبيرة، وأن موضوع الماء الذي تناوله “القاسمي” في مشروعه الروائي، هو موضوع قليل الحضور في الرواية العربية، حيث يهتم الروائيون العرب بالمعاناة اليومية والواقع السياسي وذلك وفقاً لقوله.
ـ اهتمام العُمانيين بفن الشعر
وتحدث زهران القاسمي عن تجربته وعن حضور البيئة في أعماله، فقال بأنه حين يعود بذاكرته للبدايات يتساءل: ما الذي يجعل ذلك الطفل القروي الذي يعيش بين الجبال والوديان شغوفاً بالكتابة، وأجاب على تساؤله، بأن الأسر العمانية تُعرف باهتمامها بالشعر، وان كل بيت عماني به على الأقل ديوان واحد من الشعر، وتابع بأنه كما يقولون فإن “خلف كل حجر في عمان شاعر”، مؤكدا على على أن العمانيين نشأوا على حُب الشعر الفصيح منه والشعبي، واعتبر أن بيئة عمان البسيطة هي بيئة مُحبّة للشعر، وأن جُل شعراء عمان خرجوا من تلك البيئة المتعلقة بالشعر.
ولفت “القاسمي” إلى أن ملكة الإبداع هي هبة إنسانية، وأن التربة والبيئة المحيطة هي التي تخرج وتغذى تلك الملكة الإبداعية لدي المبدعين، وأن من يحيطون بالمبدع هم الدافع له في أن يستمر، وأنه وجد في بداياته التشجيع من البيئة المحيطة به مثل والده وأساتذته في المدرسة. وأوضح زهران القاسمي، أن المطلع على الأدب العماني يلاحظ أنه منذ تشكل القصيدة النثرية في فترة السبعينيات في عمان، والمفردة المحلية حاضرة في هذا الشعر (شعر النثر)، ويلاحظ كذلك أن شعراء عمان قدموا قصائد تتعلق بالمكان والبيئة العمانية من جبال وأودية، وأنه حتى في مجال القصة القصيرة يُركّز أدباء عمان على تفاصيل المكان، وأن معظم كتاب القصة ببلاده أخذوا هذا المنحنى، حيث حضور القرية العمانية ومفرداتها المحلية في نصوصهم القصصية، وأنه لا يعتبر نفسه بمنأى عن هذه المنظومة.
ـ سيرة الحجر
وتحدث “القاسمي” عن حضور تفاصيل الجبال والوعول والنحل والبساتين في أول ديوان له، وأنه كان لديه مشروع لجمع الحكاية القروية المتعلقة بالمكان، حيث أنه في كل قرية هناك مسجد، أو طريق، أو شجرة، أو صخرة تدور حولها حكاية يقوم بجمعها وإعادة سردها، وخرجت تلك الحكايات في مشروع أسماه “سيرة الحجر”. ورأي بأن الصورة المكانية للبيئة العمانية حاضرة في كل أعماله الروائية، ومنحتها الكثير من الخصوصية، وأنه حين كتب روايته “القناص” كتبها بعد لقاءات مع قناصي الوعول وعرف جيدا طقوس القنص، وعاش حياة القناصين، وشدد على أن البيئة التي يعيش بها الإنسان هي التي تُشكل شخصيته وسلوكه وثقافته.
وحول روايته “تغريبة القافر”، قال زهران القاسمي بأن “القافر” هي مهنة قديمة، وأن مهنة القفارين هي تتبع مواطن الماء في باطن الأرض، وأنه قبل أن يكتب روايته تلك، بحث عن أسماء ومفردات الأفلاج – التي تنقل الماء بين الجبال والوديان والقرى – والتقى بمن شاركوا في حفر تلك الأفلاج التي تشتهر بها بلاده، وأن ما جمعه من معلومات وفّر له قاعدة لكتابة هذه الرواية، وأضاف بأن والده كان يمتلك مزرعة وكانوا يعانون من قلّة الماء، وأنه كان يحلم لو أنه يستطيع وضع أذنه على الأحجار فيعرف أين يجري الماء في باطن الجبال، وأن تتدفق المياه بغزارة لمزرعة والده.