روسيا تتصدر قائمة مصدري القمح عالميا وتحدد مسارات جديدة للتصدير
وهج الخليج – وكالات
تهيمن روسيا على سوق تصدير القمح العالمي حيث يتنافس اثنا عشر بلدا على امداد السوق العالمي بالمحصول الذي تستخدمه معظم الدول لإنتاج الخبز وهو أبسط السلع الأساسية لقسم كبير من سكان العالم.
ـ مناخ معتدل
أصبح القمح جزءا أساسيا من النظام الغذائي للبشرية منذ أن زُرع لأول مرة في بلاد ما بين النهرين قبل آلاف السنين حيث المناخ المعتدل. قال الاقتصادي الفرنسي برونو بارمنتييه، مؤلف كتاب “إطعام الإنسانية”، العام الماضي إن “كل شخص في العالم يأكل القمح، لكن لا يستطيع الجميع زراعته”. وإلى ذلك ونظرًا لتقلب إنتاج القمح نتيجة عوامل طبيعية أو من صنع الانسان، صارت هذه السعة في بعض الأحيان سببًا للنزاعات.
ويتوقع المجلس الدولي للحبوب، الذي يضم الدول الرئيسية المنتجة والمستوردة للقمح، أن يصل الإنتاج العالمي من القمح إلى 784 مليون طن في موسم 2023-2024، بانخفاض قدره 2,4 % عن الموسم السابق. ويقتصر تصدير القمح في العالم على اثني عشر بلدا.
وتعتبر الصين في مقدمة كبار المنتجين بحوالي 138 مليون طن في موسم 2022-2023، إلا أنها تستورد أكثر من 10 ملايين طن سنويا من أجل إطعام سكانها البالغ عددهم 1,4 مليار نسمة والحفاظ على احتياطيها من المحصول.
كما تعد الهند منتجا كبيرا للقمح، إذ بدأت في تصدير فائض الإنتاج في السنوات الأخيرة قبل أن تفرض الحكومة بعض القيود العام الماضي نتيجة تعرض روسيا للجفاف.
ومن بين المنتجين الكبار الآخرين للقمح في العالم تأتي روسيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وفرنسا.
ـ حصاد قياسي
وبعد حصاد قياسي يتراوح بين 92 إلى 100 مليون طن خلال موسم 2022-2023، تتجه روسيا نحو ثاني أفضل محصول لها على الإطلاق بانتاج حوالي 90 مليون طن، بحسب سيباستيان بونسيليه، المتخصص في شركة أغريتيل لاسواق المواد الاولية الزراعية.
واعتلت موسكو قائمة المصدرين للقمح في العالم في موسم 2022-2023 بواقع 46 مليون طن، على ما أفادت احصاءات وزارة الزراعة الأميركية (يو إس دي ايه)، بما يعادل ربع تجارة القمح العالمية هذا العام.
وبعد روسيا، تأتي كل من كندا وأستراليا والولايات المتحدة والتي يُتوقع أن تنخفض صادراتها من القمح إلى أقل من 20 مليون طن، وهو أدنى مستوى لها منذ نصف قرن. ومن المتوقع، بحسب وزارة الزراعة الأميركية، أن تصدر كل من فرنسا وأوكرانيا 10 ملايين طن. وكانت أوكرانيا ثالث أكبر مصدر للقمح قبل الغزو الروسي.
وعلى ما يقول الباحث بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية سيباستيان أبيس،، فإن تركيا تسجل أكبر عقود لشراء القمح الروسي منذ عام 2018، وتليها مصر، إذ يستورد البلدان 40 % من صادرات موسكو من القمح.
إيران وسوريا أيضا من كبار المشترين للقمح الروسي.
وأشار أبيس إلى أن القمح الروسي يجد مزيدا من المشترين من أوروبا الغربية وشمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء.
– أسواق إفريقية
وفق المعهد الأفريقي للدراسات الأمنية، بلغ إجمالي التجارة بين البلدان الإفريقية وروسيا 14 مليار دولار عام 2020، مقارنة بـ65 مليار دولار حجم التجارة مع الولايات المتحدة، و254 مليار دولار مع الصين، و295 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أن صفقات الطاقة والسلاح هي التي تهيمن على أوجه التجارة، زادت السلع الزراعية، وعلى رأسها القمح، من حصتها في هذه التبادلات. وفي معظم البلدان الإفريقية لا يعد القمح من بين السلع الأساسية، ولكن في الوقت نفسه تعتمد دول إفريقية عديدة على الخبز كمصدر هام للسعرات الحرارية، وخصوصا في المدن حيث يمكن أن يؤدي نقصه إلى إثارة الشغب. هذه الكميات، رغم أنها ليست هائلة، ليست قليلة الأهمية.
ويمثل القمح الروسي نحو 20 % من واردات القمح إلى إفريقيا جنوب الصحراء في 2022-2023 مع 3,9 ملايين طن، مقابل 4,5 ملايين طن في 2021-2022. وعلى الرغم من وعود روسيا بزيادة الصادرات منخفضة التكلفة إلى إفريقيا، لم يعوض ذلك انخفاض الصادرات الأوكرانية بأكثر من النصف لتسجل 701 ألف طن في 2022-2023، بحسب دراسة أجراها المعهد الدولي لأبحاث السياسات الغذائية.
ـ تحديد مسارات:
تعزز روسيا أول مُصدِّر للقمح في العالم، موقعها المهيمن أصلا على البحر الأسود وتسعى لاعادة تحديد مسارات نقل الحبوب، مع محصول استثنائي وارتفاع الاسعار بشكل حاد. ويوضح سيباستيان أبيس، أن الحرب في أوكرانيا فتحت طرقًا جديدة، مثل مسارات نهر الدانوب التي سمحت لكييف بمواصلة تصدير الحبوب على الرغم من انتهاء مفاعيل اتفاق الحبوب في منتصف يوليو. وتحاول تركيا إعادة إطلاقه واعداد “مقترحات جديدة بالتشاور مع الأمم المتحدة”، وفق ما أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان الاثنين بعد اجتماع مع فلاديمير بوتين. لكن الحرب كرست، بشكل خاص، هيمنة روسيا على تجارة الحبوب العالمية. إلا أن الممرات النهرية تتعرض بانتظام للقصف. والممر البحري “سمح بنقل حوالى 33 مليون طن من المنتجات الزراعية إلى خارج البلاد” في عام واحد، لكنه “لم يساعد أوكرانيا على استعادة مكانتها من حيث الإنتاج الزراعي، بسبب الحرب” التي قلصت من مساحة أراضيها الصالحة للزراعة بمقدار الربع، بحسب الخبير الاقتصادي جوزف غلوبر، الباحث في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية في واشنطن.