المقالات

حينما نمتلك الشغف !

بقلم فتحية البحرية

كيف أجد شغفي؟ السؤال الذي وصلني أكثر من مرة في إحدى منصات التواصل الإجتماعي من شباب في مقتبل العمر، أكثر حواراتهم تدور حول موضوع الشغف، وعدم قدرتهم على إيجاده حتى يحددوا مسارهم في هذه الحياة.
فهل بالفعل نحن بحاجه لمعرفة الشغف الذي نمتلكه حتى نستطيع النجاح ؟
وهل نحن نعمل لمجرد العمل وكسب العيش فقط؟ أم نعمل لنحقق النجاح والتميز؟!
كما أنني في الوقت ذاته أجد حولي الموظف الذي يصحو مبكراَ كشعلة من النشاط والابتسامه لا تفارقه، يصل لعمله بكل حب وعزيمة وبداخله الكثير من الرغبة في إنجاز مزيد من الأعمال في ذلك اليوم، وفي المقابل أرى من يصحو متململا بوجهه العبوس، يأتي لعمله وكأنه مجبر عليه بلا هدف في داخله ليحققه في ذلك اليوم، يعد الساعات لينتهي وقت عمله ويعود لمنزله!
هنا نجد سحر الشغف الذي خلق الفرق بينهما َ!
الشغف هو ذلك الشعور الجامح بداخلنا، ذلك الإحساس الذي يدفعك دفعاً للوصول لهدفك، هو الرغبة العارمة بداخلنا لتحقيق رغبات وأمنيات رسمناها في خيالنا، ولن نصل إليها إلا بوجود شعلة من الشغف متأصلة بداخلنا تقودنا إلى السعي لتحقيق أهدافنا.
الشغف هو الذي سيحول الأعمال الإعتيادية المملة في حياتنا إلى مهام تعتريك نشوة عارمة وسعادة فائقة وأنت تقوم بها، وهو ما سيجعلنا نتحمل الصعوبات، نتجاوز الفشل، وسيمدنا بالإصرار والعزيمة وبدون استسلام !
فالاستسلام والشغف متضادان تماماً، فلا مكان للاستسلام حيث يوجد الشغف، ولا مكان لانطفاء العزيمة حيث توجد شعلة الشغف المتوهجه !
الله خلقنا جميعا ونحن نمتلك قدرات ومهارات عديدة، ونمتلك شغف تجاه أشياء محدده في حياتنا ولكن الكثير منا لا يستطيع معرفة شغفه في هذه الحياة ولا يعرف أين يتجه ليحقق نجاحه.
نحن نحتاج بعضا من الوقت للجلوس مع أنفسنا والتركيز عليها وإعطاءها مساحة لنكتشف هذا الشغف الذي بداخلنا، ففي كثير من الأحيان وفي زحمة مشاغل الحياة ننسى أنفسنا، وننسى أن نركز على ذاتنا ونبحث عن ماهية رغباتنا وماهو شغفنا الذي سيقودنا إلى الوصول لأهدافنا وتحقيق النجاح.
في الحقيقة هذا الشغف موجود بداخلنا جميعاً ولكنه مهمل !
نحتاج أن نكتشفه ونوجه مسار حياتنا بناءً عليه وعلى رغبتنا وحبنا للأشياء التي حولنا.
نسأل أنفسنا ماذا نحب أن نعمل؟ ماهي هواياتنا؟ اهتماماتنا ؟ ماذا يميزنا عن غيرنا ؟
وكيف نحب أن نقضي أوقاتنا ؟
أجب عنها وربما ستجد شغفك الذي سيميزك وسيحقق لك طموحاتك ؟!

الجميع يريد أن ينجح ويتفوق ويحقق التميز، الجميع يحلم بالوصول لأهدافه ويراها محققة على أرض واقعه.
ولكن لماذا البعض يصل ويحقق النجاح والبعض الآخر لا زال في مكانه منذ سنين ولم يحقق شيئاً من النجاحات مثل غيره، على الرغم أن الله أكرمنا جميعا بقدرات ومهارات متميزه ومختلفة لو عملنا بها لحققنا الكثير من النجاحات.
وجود الشغف الذي خلق الفرق بين الناجح الذي يعمل بحب لخلق التميز لنفسه، وبين من يعمل لمجرد العمل كعادة في الحياة!
فعندما أعمل في مجال اخترته لشغفي فيه، أخترته لانني وجدت فيه المكان الذي استطيع أن استثمر فيه قدراتي ومهاراتي، اخترته بإرادتي ورغبتي دون تدخل من الآخرين، هنا حتما سأحقق النجاح الذي أحلم به والتميز الذي يتمناه الجميع .
وكان السلطان الراحل قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – في الكثير من أقواله يحثنا دائماً على العمل المتقن والاخلاص فيه حيث قال:
” العمل الجاد ليس هواية يمارسها الشخص متى يشاء بل العمل عبادة وبالتالي يجب أداؤه بإتقان وإخلاص وأمانه ”
كما حثنا ديننا على العمل الصالح المتقن الذي يحقق الخير والفائدة، وليس العمل لمجرد العمل فقط،
فقد قال تعالى {ومَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } سورة النحل الآية 97.
وصلاح العمل هنا في الآية يتحقق حينما يحب الإنسان هذا العمل ويجد شغفه فيه.
ابحث عن شغفك واهتماماتك دائماً عندما تريد أن تنجح في عمل ما، ولا تعمل لمجرد العمل فقط، بل إعمل لحبك لهذا العمل تحديداً فهنا سيكمن الفرق في تطورك ونجاحك من عدمه.
فإذا أردت النجاح ابحث عن العمل الذي تجد فيه شغفك حتى تستطيع تحقيق نجاحات متتاليه تفتخر بها.
وتأكد بأن العمل الذي يقودك إليه شغفك ستنجح فيه حتماً، بغض النظر عن ماهية العمل حتى لو كان عملاً بسيطاً، اذا وجدت شغفك فيه فأنت حتماً ستحقق نجاحا تلو الاخر.
ابحث عن شغفك في الحياة فحيث يوجد شغفك ستجد نجاحك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى