قـوة الفشـل !
وهج الخليج – بقلم فتحية البحرية
في كثير من الأحيان يتبادر في أذهان البعض هل للفشل قوة ؟
هل نمتلك شيء من القوة عندما نفشل ؟
نعم هناك قوة كامنة خلف كل فشل نمر به في حياتنا، هناك قوة خلف عثراتنا، سقطاتنا، وانكساراتنا في الحياة.
إن من يفشلون في مرحلة من مراحل حياتهم هم من يعملون، هم المنجزون، هم الأشخاص الذين يبذلون جهد في محاولة الوصول لهدف وإنجاز يتطلعون لتحقيقه في حياتهم.
عندما تفشل فهذا يعني أنك تعمل، أنك تبذل جهد وتحاول، وأن لديك هدف تسعى إليه .
أنت تتعلم من فشلك، فكل مرة تفشل فيها هي تجربة لك ستعلمك الكثير، ستعلمك كيف تتعامل مع المواقف في حياتك وكيف تتجاوز وكيف تصمد وتقف من جديد.
إن من يفشلون ثم ينهضون محاولين تكملة طريقهم ثم تصادفهم عثرة تسقطهم ثانية، ثم يقفون مرة أخرى مواصلين السير، هؤلاء هم الأشخاص الذين ما أن يصلوا لهدفهم يصلون بكامل قوتهم، يصلون وهم يملكون من الخبرات والتجارب ما يمكنهم من الصمود أمام أي موقف صعب يمر بهم في حياتهم.
هؤلاء فقط من لا يستطيع أحد هزيمتهم ولا كسرهم، لأنهم يعلمون تماماً كيف يحمون أنفسهم هذه المرة ؟
كٌن ممتناً لعثراتك لإخفاقاتك فهي من ستصنعك، هي من ستجعل منك شخصاً من الصعب هزيمته، وثق دائماً بنفسك وقدراتك، فالله سبحانه وتعالى خلق في كل منا قدرات ومواهب عديدة على الشخص أن يكتشفها وينظر إليها، ينميها، يطورها، ويضع نفسه في المكان الذي يساعده على تحقيق أهدافه.
كن دائماً عظيم في عين نفسك أحببها وأكرمها، ومهما فشلت واصل تقدمك للأمام بخطوات واثقة، ولا تقف مهما واجهت من عثرات ومحبطين في طريقك.
ثق بنفسك وبأنك تملك من الإرادة والعزم والمهارات ما يمكّنك من مواجهه تحديات الطريق.
فأنت تتعلم من الفشل، تتعلم من الألم، فهو من سيصنع قوتك، وتذكرالحديث النبوي الشريف الذي يقول “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف…” فتغلب على فشلك بالكثير من الإيمان والإرادة القوية.
وهنا أتذكر قصة كفاح لإحدى الشخصيات العمانية المٌلهمة التي نجحت بعد الكثير من الإصرار وهي قصة نجاح الدكتور محمد البرواني الذي استقال من وظيفته كمهندس بترول، وقرر أن يؤسس مشروعه الخاص في مجال المقاولات، والذي فشل وخسر فيه كل ثروته، ولكنه لم يجعل الفشل نقطة نهاية لحلمه، بل واصل كفاحه وأكمل طريقه، ولم يجعل الفشل عائق له بل تحدى نفسه، وأصر على النجاح، وقرر أن ينشىء مشروعه الخاص الآخر في مجال النفط كونه يمتلك فيه خبرة أكبر وبذل كل جهده فيه حتى حقق نجاحات عديدة، فأصبح يمتلك واحدة من أكبر شركات خدمات النفط في الشرق الاوسط، وشركة عالمية لبناء اليخوت الأفخم في العالم، والعديد من الفنادق العالمية والشركات الخاصة بشبكات أمن الكمبيوتر، واليوم يٌعد الدكتور محمد البرواني واحداً من أهم رجال الأعمال العمانيين ومثالاً رائعاً لقصص النجاح التي تحققت بعد المرور بمحطات من الفشل والإصرار والكفاح.
وهناك الكثير من قصص الناجحين الذين حققوا النجاح بعد فشلهم في كثير من محطات حياتهم.
قد يأتيك النجاح بعد مرورك بكثير من الإحباطات والصعوبات التي ما أن تتجاوزها حتى تجد نفسك شخصا آخر أقوى يمتلك الكثير من الإصرار والعزيمة.
ولكن البعض يقولون أن هناك من يصل لهدفه بدون جهد ومساعدة من الآخرين !
وأنا أقول إن من يصل لهدفه بمحاولات عديدة، سقط فيها ونهض ثم سقط ونهض مرة أخرى ليكمل طريقة، تعثر ثم نهض بكل قوة وإصرار متحدياً عثراته واثق من نفسه متغلب على جميع الصعوبات ليكمل مشواره حتى يصل، ليس كمن وصل على بساط ممهد لا يعرف للعثرات والفشل طريق.
فالأول سيصل بكامل قوته وخبرته في الحياة، سيصل ومن الصعب كسره، سيصل وأمام أي عثرة تصادفه يعرف تماماً كيف يستطيع تجاوزها، فهو يملك من الخبرات في حياته والتجارب ما تمكنه من الصمود وبناء نفسه ومستقبله بكل ثقة.
أما الثاني وصل بضعفه وقلة خبرته في الحياة، لم تصقل شخصيته العثرات ولا الصعوبات ولم يتعلم كيف يتغلب على صعوبة في حياته.
نعم وصل ولكن من أول عثرة في طريقة قد يسقط إلى نقطة البداية !
إن الفشل لا يحطم إلَّا النفوس الضعيفة، أمَّا النفوس القوية فهي تصنع من فشلها نجاحات عديدة، وللفشل قوة لا يعلمها إلا من وصل وحقق نجاح بعد أن مر بالعديد من العثرات في حياته وتعلم كيف يتغلب عليها .
الفشل هو من سيعلمك أي الطرق يجب أن تسلك هذه المرة، وأي الطرق عليك تجنبها !