فيلم أوبنهايمر .. تفاصيل مشروع “مانهاتن” وتطوير أول قنبلة نووية في العالم
وهج الخليج – وكالات
يعرض حاليًا في سينمات سلطنة عُمان، فيلم “أوبنهايمر” أحد أفلام المخرج كريستوفر نولان منذ21 يوليو الجاري، والذي تمكن من أن يحقق نجاحا كبيرا، رغم سوداويته، حيث يحظى الفيلم الطويل الثاني عشر لنولان، بالقليل من اللحظات المشرقة، فهو بالكاد يمنح المشاهدين لحظة من الراحة الكوميدية.
يقوم ببطولة فيلم أوبنهايمر كيليان مورفي، الذي يجسد دور ” أبو القنبلة النووية”، وإيميلي بلانت ومات ديمون وروبرت داوني جونيور وكاسي أفليك ورامي مالك. واستند نولان، الذي قام بإخراج وكتابة الفيلم، على كتاب ” بروميثيوس الأمريكي” للكاتبين كاي بيرد ومارتن جيه شيروين.
ويسرد الفيلم قصة روبرت أوبنهايمر، العالم الشهير في الفيزياء النظرية، الذي ساهم في تطوير سلاح نووي بصفته جزءا من ما يطلق عليه مشروع مانهاتن. وقد درس أوبنهايمر، ذو الجذور الألمانية ـ اليهودية، في هارفرد، والتقى بعلماء بارزين مثل فرنر هيزنبرج، الذي قام بدوره الممثل الألماني ماتياس شفيجوفر، والعالم نيلز بور.
ويتناول فيلم أوبنهايمر تفاصيل مشروع مانهاتن، وفي النهاية مساعدته للولايات المتحدة في تطوير أول قنبلة نووية لها. وعلى الرغم من أن نولان لا يستخدم بأي حال من الأحوال الفيلم لدفع أجندة أخلاقية، فإنه تمكن من أن يبرز إلى مدى مثلت أول قنبلة نووية قطيعة مع الماضي. هذا الأمر الأكثر تحريكا للمشاعر، حيث ترك المشاهدين يمرون ببضعة دقائق طويلة وباعثة للتوتر تصور انفجار أول قنبلة نووية في صحراء نيو مكسيكو.
ويعرض فيلم أوبنهايمر كيف أن العالم لم يعد كما كان مرة أخرى . ففي السادس و التاسع من أغسطس 1945، أسقطت الولايات المتحدة قنابل في هيروشيما وناكازاكي في اليابان، مما أدى لوفاة مئات الآلاف على الفور. وتمكن نولان ومدير التصوير هويتي فان هويتيما من تجسيد الاضطراب الداخلي الذي شعر به أوبنهايمر عندما أدرك الحجم الكامل للمعاناة البشرية، التي يعد مسؤولا عنها جزئيا. وقد اتسمت بعض اللغة العلمية المستخدمة في الفيلم بالصعوبة بالنسبة حتى لدارسي الفيزياء، ولكن التفاصيل ليست محورية بالنسبة للقصة بأكملها التي يعرضها نولان.
ويعرض الفيلم صورة معقدة للانسان، رجل تدفعه الرؤى والأفكار، ولكن عبقريته تصبح محنته. ويظهر الفيلم أوبنهايمر وهو يعاني من تداخل حتمي بين العلم والسياسة. وفي النهاية، يوضح الفيلم أنه حتى أعظم الأفكار يمكن أن تخرج عن السيطرة.
ويؤدي مورفي أداء جيدا في تصوير تعقيدات هذه القصص المحورية، حيث أن عدم حصوله لترشيح لجائزة أوسكار سوف يعد إهانة. ويشار إلى أن تجسيد مورفي لأوبنهايمر، بتوتره الشديد، وفي بعض الأحيان نظرته العميقة المتحركة، هو ما يجعل القصة خالدة، أكثر من السياق الجيوسياسي، الذي يختفي في بعض الأحيان في ظل التسلسل الضيق للمشاهد.
وقال نولان في حوار مع صحيفة ذا اندبندنت البريطانية “الفيلم الذي رغبت في إخراجه كان لا يمكن أن يتم بميزانية أصغر” في إشارة لتكلفة الفيلم التي بلغت 100 مليون دولار (7ر77 مليون جنيه استرليني ).
وأضاف” الأمر لا يتعلق بالمال أو الميزانية، ولكن حجم القصة هو ما جذبني. حقيقة أن أوبنهايمر وزملاءه العلماء لم يستطيعوا القضاء بصورة كاملة على احتمالية أنهم قد يقومون بإحراق الغلاف الجوي وتدمير العالم بأكمله، مع ذلك واصلوا جهودهم لإجراء التجربة وهي فكرة أن يقوم شخص بهذه المخاطرة بالنيابة عنا وعن كل أسلافنا. لا يوجد ما هو أكبر من ذلك”.
وقد عمل مورفي “47 عاما” مع نولان في خمسة أفلام في السابق، ولكنه كان دائما يؤدي دورا مساعدا. ولكنه هذه المرة تلقى مورفي مكالمة من نولان في أكتوبر 2021 لإبلاغه بأنه سوف يقوم بدور رئيسي. وقال مورفي ” لم يخبرني أنه يقوم بكتابة سيناريو…و لم يكن هناك تحضير أو تحذير، فقد اتصل بي وقال هل ترغب في القيام بالدور الرئيسي ؟ سوف أكون كاذبا إذا قلت إنني لم أرغب في القيام بدور البطولة في فيلم نولان. أعتقد أن أي ممثل في العالم يرغب في العمل مع نولان، مهما كان حجم الدور”.
وكانت الممثلة إيميلي بلانت، التي قامت بدور زوجة أوبنهايمر، قد قالت في وقت سابق إن مورفي أجرى تغيرات جذرية على نظامه الغذائي لكي يخسر وزنا من أجل تجسيد شخصية أوبنهايمر. وقالت ” قد يأكل حبة لوز معظم الليالي أوشريحة صغيرة من التفاح”. وقال مات ديمون” كنا نقوم بدعوة مورفي لتناول العشاء معنا كل ليلة، وهو لم يحضر قط”، مضيفا ” لقد كان يخسر وزنا من أجل الدور لذلك لم يتناول العشاء معنا مطلقا”. وقال مورفي” أحب أن أمثل بجسدي، وأوبنهايمر كان لديه بنية جسدية مميزة، وأردت أن أقوم بالدور بصورة صحيحة. كان يتعين أن أخسر وزنا ، فقد كان نحيفا ويتناول المارتيني ويدخن السجائر فقط.
وليس هناك شك في أن ثلاثية أفلام ” باتمان” و فيلم ” انترستيلر” جعلوا نولان يحجز لنفسه مكانا لا يقبل الجدل في السينما. مع ذلك، فإن توجهه للانغماس في حبكات فرعية معقدة، يمثل أحيانا تضحية بكل القصص القوية و التمثيل البارع. ولكن من غير المرجح أن يعد الأشخاص هم الجزء المحوري لفيلم ” أوبنهايمر ” ، خاصة في ظل ارتباطه المخيف بالسياق الجيوسياسي الحالي لصراع الدول الكبرى. وما تزال الأسلحة النووية والتهديد الذي تمثله للمجتمع تعتبر بشكل كبير للغاية جزءا محوريا ليس فقط للفيلم ولكن لعالمنا.