قمة جدة .. دعم التنمية والعمل العربي المشترك
وهج الخليج – مسقط
أنهت المملكة العربية السعودية كافة استعداداتها لاستضافة القمة العربية بعد غدٍ الجمعة في نسختها الثانية والثلاثين بمدينة جدة، بمشاركة عدد من القادة العرب في ظروف استثنائية تشهدها المنطقة العربية، وأحداث جديدة أثرت إيجابا على الوضع العربي برمته، بما فيها عودة العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية وعودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية والمصالحة اليمنية اليمنية..
ومن المتوقع أن يتضمن جدول أعمال القمة العربية الـ ٣٢ عددًا من الملفات أبرزها الترحيب بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ومناقشة القضية الفلسطينية والتوتر القائم حاليًّا في قطاع غزة، فضلًا عن مناقشة هدم الممتلكات ومصادرة الأراضي وتهويد القدس والقتل العمد وسياسات العقاب الجماعي، وجميع الانتهاكات التي يرفضها القانون الدولي وكل التطورات المتعلقة بالأزمات التي يمر بها عدد من الدول العربية، وعلى رأسها الأزمة السودانية المشتعلة والوضع في اليمن والصومال، كما يحتل الملف الليبي حيزًا مهمًّا في جدول أعمال القمة والوضع في لبنان في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تعصف به.
ويتضمن جدول أعمال القمة تعزيز التنسيق والتعاون بين الدول العربية لمكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية حول الجماعات المتطرفة وصيانة الأمن القومي العربي لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي أثرت على المنطقة خصوصًا بعد أزمة كورونا ومن بعدها الأزمة الروسية – الأوكرانية، والتركيز على ملف الأمن الغذائي، وتفعيل منطقة التبادل التجاري الحر بين الدول العربية، فضلا عن أزمة الطاقة والتغيرات المناخية.
ويأتي عقد القمة وسط متغيرات على الصعيدين الإقليمي والعربي أهمها عودة العلاقات السعودية الإيرانية والمباحثات اليمنية اليمنية وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية والوضع السوداني ومحاولة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية جمع الفرقاء السودانيين في مدينة جدة لإيجاد حل سلمي أسفر عن توقيع إعلان المبادئ الإنسانية بين ممثلي القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بجمهورية السودان.
ومن المتوقع أن هذه المتغيرات سوف تنعكس إيجابا على قرارات قمة جدة التي تسعى إلى تحريك جميع الملفات العالقة خاصة الملف الاقتصادي الذي تأثر بشكلٍ كبير من الحرب الروسية الأوكرانية والتحديات التي فرضتها على المنطقة والعالم أجمع شكلت كلها تحدّيات كبيرة على المستويين الاقتصادي والسياسي للمجموعة العربية والعالم بأجمعه دفعتها للبحث عن حلول سريعة لتفادي حدوث أزمة اقتصادية.
وفي حديث لوكالة الأنباء العُمانية قال سعادة السفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية إن أجندة القمة العربية ستشكل تحولًا في مسيرة العمل العربي المشترك بعد القرار الأخير بعودة الجمهورية العربية السورية لمقعدها بجامعة الدول العربية واستئناف مشاركة وفودها الرسمية في اجتماعات الجامعة، واستئناف المشاركة السورية في اجتماعات المنظمات والأجهزة التابعة لها بالإضافة إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وتفعيل عدد من اتفاقيات التعاون بينهما.
ووضح سعادتُه أن أجندة القمة تضع في مقدمة أولوياتها الأزمة السودانية الأخيرة، ومحاولة احتواء هذا الصراع قبل فوات الأوان ووقوع المزيد من الخسائر في الأرواح، وما يمكن أن تفرضه هذه الأزمة لاحقا من أزمة إنسانية ولجوء كبير للشعب السوداني إلى دول الجوار، وسوف توجه القمة الدعوة لطرفي النزاع للاستفادة من الحوار القائم الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية لإيجاد خريطة طريق يمكنها أن تضبط تطورات الموقف.
وتطرق سعادتُه إلى أن القمة ستناقش القضية اليمنية التي ستكون حاضرة بقوة من أجل إغلاق هذا الملف بعد المفاوضات القائمة الآن، حيث إن الجميع متفائل بالمؤشرات الإيجابية لإيجاد مخرج يعيد اليمن السعيد إلى الاستقرار والأمن.. موضحا أن القمة الـ 32 ستوجه النداء إلى اللبنانيين لتحمل مسؤولياتهم تجاه بلدهم لإعلاء المصلحة الوطنية وانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بعد محاولات عدة لم تفلح.. كما أشار إلى مشروع القرار الذي تقدمت به جمهورية مصر العربية إلى جامعة الدول والخاص بمسألة سد النهضة لمطالبة حكومة أديس أبابا بالتفاوض والتوافق على إدارة مشتركة للسد بما يحقق مصالح جميع دول حوض نهر النيل، وبما لا يؤثر سلبا على حصص كل دولة.
وقد ناقش المجلس الاقتصادي والاجتماعي الوزاري العربي الذي عُقد بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية الاثنين الماضي تطورات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بما فيها الاتحاد الجمركي العربي، واتفاقيات النقل العربي، والاستراتيجية العربية للسياحة، بالإضافة إلى البند الخاص بالعقد العربي الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة.
وكانت القمة العربية الماضية التي عُقدت في الجزائر هي الأولى بعد توقف دام ثلاث سنوات بسبب أزمة جائحة كوفيد 19 حيث تم خلالها التأكيد على التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني، وضرورة قيام الدول العربية بدور قيادي جماعي للإسهام في التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، والالتزام بمبادئ عدم الانحياز وبالموقف العربي المشترك من الحرب في أوكرانيا الذي يقوم على نبذ استعمال القوة والسعي لتفعيل خيار السلام.
كما رحبت بالتحركات والمبادرات الحميدة التي قامت ويقوم بها العديد من الدول العربية من أجل الحدّ من انتشار الإسلاموفوبيا وتخفيف حدة التوترات وترسيخ قيم التسامح واحترام الآخر والحوار بين الأديان والثقافات والحضارات وإعلاء قيم التعايش معا في سلام وهي القيم التي كرستها الأمم المتحدة بمبادرة من الجزائر.
يذكر أن القمّة العربية التي ستُعقد في جدّة هي القمة الخمسون لجامعة الدول العربية خلال 77 عاما، منها 31 قمّة عاديّة و14 قمّة طارئة و4 قمم اقتصادية اجتماعية تنموية، وكانت أول قمة عربية عُقدت بالقاهرة سنة 1946 وآخر قمة كانت بالجزائر سنة 2022.