تأثير المبيدات المحظورة واستخدام المرخص منها بالطرق غير السليمة على المحاصيل الزراعية
وهج الخليج – مسقط
أظهرت دراسات بيئية أن أضرار المبيدات تنتقل إلى الإنسان والحيوان والبيئة عبر عدة طرق تتمثل في وصول المبيد أو أجزاء منه عن طريق اللمس أو الاستنشاق أو الفم أو العين أو بطريقة غير مباشرة من خلال استهلاك المواد الغذائية والماء والهواء الملوثة بآثار المبيدات.
وتتسبب المبيدات المحظورة والطرق غير السليمة في استخدام المرخص منها على المحاصيل الزراعية في العديد من الأضرار الجانبية على البيئة مما ينعكس سلبًا على صحة الإنسان والحيوانات والنباتات من خلال طرق الرش المتعددة للمبيدات منها: السطحي أو استخدام الطائرات لمكافحة آفات معيّنة لعملية القضاء على الآفات عندما تكون منتشرة في بقعة واسعة.
وقال المهندس نصر بن سيف الشامسي مدير دائرة وقاية المزروعات بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه إن استخدام المبيدات سواء المحظورة أو الطرق غير السليمة يسهم في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، لما تخلّفه من انبعاثات غازية تتصاعد إلى طبقات الغلاف الجوي، كما أنها تتسبب فيما يُعرف بظاهرة الأمطار الحمضية.
ووضح المهندس أن الاستخدام المتكرر للمبيدات يؤدي إلى تدمير خصوبة التربة وتلوثها؛ وتعد أحد أخطر الملوثات على البيئة والتربة، كما تتسبب أيضا في أضرار للكائنات الحية النافعة وتدمير التنوّع الأحيائي مما تلحق الضرر بالمحاصيل غير المستهدفة إلى جانب الضرر بالحيوانات منها الطيور التي تموت بعد أكل المبيدات الحبيبية، إلى جانب نفوق السمك في الماء الملوث والماشية التي قد تنفق أو تصبح غير منتجة من خلال تعرضها للمبيدات، أو تصاب بخلل في عمل الغدد، وتدنٍّ في الخصوبة، وخلل في جهاز المناعة.
وبين أن الاستخدام غير السليم للمبيدات يحدث تلوثا للتربة عندما تلتصق بها جزيئات المبيدات مشيرا إلى أنها تسبب تلوثا أشد سمية من ذلك الذي يحدث نتيجة لوجود مبيد واحد، كما تسبب تلويثا للمياه الجوفية مما يسبب التسمم لكل من يشربها بالإضافة إلى إلحاق الضرر بالمياه الجارية التي تؤدي إلى موت الأسماك والنباتات المائية مما ينتج عن ذلك خطر التسمم المزمن بالمبيدات لكل من يستهلك هذه الأسماك أو النباتات.
ونوه إلى أن عدم التقيد بالتعليمات الصادرة من الشركة المصنعة والمنتجة للمبيد والجهل والتهاون بمخاطر المادة الكيماوية ودرجة سميتها تنتج عنها أضرار للإنسان والنبات والحيوان مضيفا أن استخدام المبيد على النبات بتركيزات عالية يؤدي إلى حروق وذبول النباتات إلى جانب تأثيرها على طعم ولون وشكل الثمار مما يفقدها قيمتها الاقتصادية إلى جانب حدوث التأثير السلبي على صحة الإنسان لمتبقيات المبيدات في المحاصيل الزراعية.
وذكر أن الوزارة ممثلة في المديرية العامة للتنمية الزراعية أصدرت قانون المبيدات رقم 64 / 2006 ولائحته التنفيذية رقم 41 / 2012 بهدف تنظيم هذا الموضوع ويتم من خلاله إدارة وتسجيل المبيدات قبل السماح بتداولها في السوق المحلي والتأكد من مطابقة المبيدات للشروط والمواصفات المحددة في اللائحة مثل درجة تأثيرها على الإنسان والحيوان والبيئة.
وأفاد بأن الوزارة قامت باستحداث دائرة الرقابة والتراخيص الزراعية لتكون مكملة لمنظومة العمل في التنمية الزراعية، ويناط بها تنفيذ حملات المراقبة على المزارع والمنشآت الزراعية والأسواق لضمان الالتزام بعمليات تداول المبيدات الزراعية في السوق المحلية والحد من تداول المبيدات المحظورة والمنتهية الصلاحية وضبط المخالفين للنظم والتشريعات.
وتابع قائلا: إن الرقابة الزراعية تعمل على مجموعة من البرامج المحددة التي تسهم في تهيئة المناخ الملائم للتنمية الزراعية بما يتفق مع الأهداف العامة للوزارة من بينها: برنامج التفتيش والرقابة على المزارع وإدارة متبقيات المبيدات الزراعية في محاصيل الخضار ويتضمن جمع عينات من ثمار محاصيل الخضروات الشتوية والصيفية من المزارع وتحليل العينات التي تم جمعها من المزارع وتحديد المتبقيات من المبيدات المختلفة، ومن ثم مطابقة نتائج التحليلات بالمواصفات واللوائح بالإضافة إلى توعية المزارعين بضرورة مراعاة فترات الأمان للمبيدات وإتباع الإرشادات.
ووضح أن موظفي الرقابة خلال عام 2022م قاموا بعمل ما يقارب 1710 زيارة للمزارع المحلية وتم أخذ 263 عينة محصولية للتأكد من متبقيات المبيدات الزراعية، ونتج عنها خلو ما يقارب 97% من العينات من متبقيات المبيدات و3% كانت النتائج بها إيجابية وقد تم اتخاذ الاجراءات القانونية للمخالفين.
واختتم قائلا: بالرغم من أهمية المبيدات كواحدة من مدخلات الإنتاج الزراعي المهمة في إدارة الآفات الزراعية، إلا أن الاستخدام غير الرشيد لها أو استخدام منتجات غير مرخصة أو محظورة دون مراعاة للإرشادات الواردة في العبوات أو الصادرة من الوزارة يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية تؤثر على صحة وسلامة مستخدمي المبيدات أو النباتات ومنتجاتها أو البيئة مشيرا إلى أن دخول العمالة غير الماهرة أدى إلى استنزف الكثير من الموارد الزراعية كالمياه وإرهاق التربة وإتلافها دون أي مراعاة لأهمية تلك الموارد وضرورة الحفاظ عليها.
من جانبها بينت ابتسام بنت خميس الهلونية رئيسة قسم تصنيف وإدارة المواد الكيميائية في دائرة المواد الكيميائية وإدارة النفايات بهيئة البيئة الآثار الضارة المحتملة للمواد الكيميائية منها: المخاطر الصحية كأمراض السرطان، والمخاطر المادية من خلال قابلية اشتعالها، إلى جانب الأخطار البيئية كانتشار التلوث وسميتها على الحياة المائية.
وأضافت أن سلطنة عمان حرصت على الانضمام إلى ما يقارب ست اتفاقيات دولية تعنى بتقييد وحظر بعض المواد الشديدة الخطورة وإنتاج هذه المواد واستخدامها وتداولها وتقييم مخاطرها ودراسة تأثيراتها على الأوساط البيئية كاتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيميائية وتدمير تلك الأسلحة (OPCW) حسب اتفاقية استكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة (POPs) واتفاقية روتردام بشأن الموافقة المسبقة عن علم لبعض المواد الكيميائية ومبيدات الآفات الخطرة المتداولة في التجارة الدولية واتفاقية ميناماتا بشأن الزئبق واتفاقية بازل.
ووضحت أن هذه الاتفاقيات جميعها تقع تحت مظلة النهج الإستراتيجي للإدارة الدولية السليمة للمواد الكيميائية (SAICM) الذى يقوم بإدارة جميع الاتفاقيات ذات الصلة بإدارة المواد الكيميائية، وتعد الملوثات العضوية الثابتة المتمثلة في سمّيتها ومقامة التحلل والقدرة على التراكم إحيائيّا في أنسجة الكائنات الحية بالإضافة إلى قدرتها على الانتقال عن طريق الهواء والماء والحيوانات من المواد المحظورة بمشاركة المجتمع الدولي في أهمية حظر استخدام تلك المواد.
ولفتت إلى أهمية قراءة أصحاب المزارع الملصق الزراعي الموجود على عبوة المبيد قبل البدء بالعمل واتباع الإرشادات المدونة عليه (نسبة الاستعمال ومناطق الأمان وتدابير الحيطة وخطره على البشر والكائنات الحية) مؤكدة على استعمال المبيدات الأقل سمية والأقل ضررًا بالحشرات النافعة والماشية والسمك والنحل وتجنب مزج أو تخزين المبيدات بالقرب من الآبار أو مضخات المياه الجوفية.