نقلة مهمة مرتقبة مع زخم تصدير الغاز المسال وقرب تشغيل مصفاة الدقم
وهج الخليج – مسقط
يواصل قطاع النفط والغاز في سلطنة عمان تحولاته المهمة التي تضعه على مسار ما يشهده الاقتصاد العماني من جهود حثيثة للتنويع الاقتصادي وإيجاد روافد جديدة تعزز النمو وتسهم في استمرار ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، ومن بين أهم هذه التحولات نمو أنشطة تكرير النفط وإسالة الغاز، حيث شهدت القيمة المضافة لهذه الأنشطة صعودا ملموسا خلال العام الماضي، وتستعد لنقلة مهمة جديدة خلال الخطة الخمسية العاشرة مع بدء سريان عقود تصدير الغاز المسال التي تم توقيعها مع عدد من الشركات العالمية خلال الأشهر الأخيرة وترقب انضمام وشيك لمرفق استراتيجي مهم لصناعة تكرير ومشتقات النفط هو مصفاة الدقم.
وعلى مدار السنوات الثلاث الأخيرة، ارتفعت القيمة المضافة لصناعة المنتجات النفطية المكررة من 104 ملايين ريال عماني بنهاية 2020 إلى 195 مليون ريال عماني بنهاية 2021، وحققت قفزة خلال العام الماضي بارتفاعها إلى 504 ملايين ريال عماني محققة نموا بنسبة 157 بالمائة مقارنة مع العام الأسبق.
في جانب الصادرات، سجلت صادرات النفط المصفى والغاز المسال زيادة كبيرة خلال عام 2022 بدعم من توسع طاقات التكرير والإسالة وارتفاع أسعار الطاقة العالمية، وزاد حجم صادرات النفط والغاز من 10 مليارات ريال عماني بنهاية 2021 إلى 16.5 مليار ريال عماني بنهاية العام الماضي، وتتضمن هذه الصادرات خلال عام 2022 ما قيمته 11.7 مليار ريال عماني من النفط الخام و1.8 مليار ريال عماني من النفط المصفى و2.9 مليار ريال عماني من صادرات الغاز المسال.
وبنهاية 2022، سجلت صادرات النفط المصفى نموا بنسبة 56 بالمائة مقارنة مع 2021 كما زادت قيمة صادرات الغاز المسال بنسبة 78 بالمائة خلال الفترة المشار إليها، وبلغ إجمالي صادرات النفط المصفى والغاز المسال خلال العام الماضي 4.7 مليار ريال عماني مقارنة مع 2.7 مليار ريال عماني خلال عام 2021 مما يعني زيادة في مساهمة أنشطة التكرير والإسالة في دعم الصادرات بنحو ملياري ريال عماني خلال العام الماضي.
بشكل متزايد، يتحول قطاع الطاقة نحو التصنيع والتكرير بدلا من الاعتماد على تصدير الخام مقدما أحد مصادر الدعم المهمة لارتفاع معدل النمو الاقتصادي وأيضا لجهود التحول نحو الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات الضارة من قطاع الصناعة بشكل خاص، وشهد العامان الماضيان دخول مشروعات استراتيجية مهمة حيز التشغيل تعزز هذا التوجه نحو تكرير النفط ومشتقاته، من أهمها مجمع لوى وتوسعات مصفاة صحار ومصنع الغاز البترولي المسال في صلالة، وأعلنت شركة مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية مؤخرا عن بدء التشغيل التجريبي لوحدة تقطير النفط الخام في مصفاة الدقم، في خطوة تمهد للوصول إلى جاهزية التشغيل لجميع وحدات المصفاة التي تبلغ طاقتها التكريرية حوالي 230 ألف برميل يوميا، وستنتج عند تشغيلها الغاز البترولي المسال والنافثا ووقود الطائرات والديزل والكبريت إضافة إلى الفحم البترولي، فيما يقدم دعما كبيرا لتوسع صناعات مشتقات النفط.
وفيما يتعلق بالغاز المسال، يمهد توسع هذه الصناعة لتحول سلطنة عمان إلى واحدة من أهم مصدري الغاز عالميا، وقد أشارت الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال إلى أنها نجحت في زيادة إنتاجها بمقدار مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال لتحتل المرتبة العاشرة عالميًا في إنتاجه، وشهدت الأشهر الماضية زخما كبيرا من اتفاقيات تصدير الغاز المسال التي ترسخ مكانة سلطنة عمان عالميا كوجهة رائدة للطاقة عبر دخول أسواق جديدة.
وبشكل متزامن، وضمن الجهود التي تستهدف استمرار المساهمة الفعالة لسلطنة عمان في الجهود العالمية للحفاظ على البيئة والوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2050، يشهد قطاع الطاقة انتقالا سريعا نحو التوسع في المصادر المتجددة والنظيفة لتوليد الطاقة بمزيج متنوع من مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مع أفق شديد الطموح لمشروعات الهيدروجين الأخضر، فيما تشمل الجهود أيضا وضع خريطة طريق لتحويل الصناعات الثقيلة من قطاع يسبب انبعاثات عالية إلى قطاع صديق للبيئة ومستدام عبر التحول الأخضر في قطاع الصناعة، ويجدر الإشارة هنا إلى أن سلطنة عمان تستهدف استغلال المشروعات الواعدة في مجال الهيدروجين الأخضر للتوسع في الصناعات الثقيلة مستقبلا مما يمثل قيمة مضافة كبيرة لجهود التنويع الاقتصادي وحماية البيئة في نفس الوقت.
وخلال الفترة الماضية، تضمنت اتفاقيات تصدير الغاز المسال اتفاقيات البنود الملزمة مع شركة بي تي تي العامة المحدودة وشركة توتال إنيرجيز بهدف إنتاج وتسليم الغاز الطبيعي المسال بدءا من عام 2025 بما يصل إلى إجمالي 1.6 مليون طن متري سنويا من الغاز الطبيعي المسال، وبموجب هذه الاتفاقيات سيتم تزويد شركة بي تي تي العامة المحدودة بنحو 0.8 مليون طن متري سنويا من الغاز الطبيعي المسال وفق عقد تصل مدته إلى 9 سنوات بدءا من عام 2026م، بالإضافة إلى 0.8 مليون طن متري سنويا لشركة توتال إنيرجيز على مدى 10 سنوات بدءا من 2025.
كما تم توقيع اتفاقية مع شركة شل العالمية للتجارة في الشرق الأوسط لتوريد الغاز الطبيعي المسال من الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال إلى شركة شل بإجمالي 0.8 مليون طن متري سنويا لمدة عشر سنوات بدءا من عام 2025، وتم أيضا توقيع اتفاقية البنود الملزمة مع شركة بوتاش التركيية لتوريد الغاز الطبيعي المسال بمعدل 1 مليون طن متري سنويا بدءا من عام 2025، واتفاقية البنود الملزمة مع شركة يونيبك الصينية لتوريد 1 مليون طن متري سنويا من الغاز الطبيعي المسال وفق عقد مدته 4 سنوات بدءا من عام 2025.
وفي ديسمبر من العام الماضي، دشنت سلطنة عمان سلسلة الاتفاقيات المهمة لتصدير الغاز المسال بأول اتفاقية لما بعد 2024 من خلال اتفاقية التعاون بين سلطنة عمان واليابان التي شملت توقيع مذكرة تعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية بالإضافة إلى اتفاقيات البنود الملزمة بين الشركة العمانية للغاز المسال وشركة إيتوشو وشركة جيرا وميتسوي وشركاه اعتبارا من عام 2025 بما يصل إلى إجمالي 2.35 مليون طن متري سنويا من الغاز الطبيعي المسال، وتمثل اتفاقيات تصدير الغاز نقطة تحول مهمة لقطاع الغاز المسال في سلطنة عمان والذي يتوسع في وصوله إلى الأسواق العالمية واستكشاف فرص جديدة لدعم التنويع الاقتصادي وزيادة روافد العائدات العامة.
ومن جانب آخر، وفيما تستهدف سلطنة عمان تسريع جهود التحول الرقمي لكافة الخدمات الحكومية، يواكب قطاع الطاقة هذا التوجه عبر مبادرات مهمة منها إطلاق وزارة الطاقة والمعادن منصتها الإلكترونية لطلبات الغاز لاستلام والرد على طلبات الشركات الراغبة في تخصيص وشراء الغاز الطبيعي لمشروعاتها القائمة أو المخطط إقامتها داخل سلطنة عمان، وذلك تماشيا مع توجه الحكومة للتحول الإلكتروني وسعيا من الوزارة لتقديم الخدمات بكفاءة وفاعلية، كما تتوجه عديد من الشركات نحو استغلال الإمكانيات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي في عمليات التشغيل والصيانة الدورية.