رجال مجلس الشورى العماني قالوها “لا للتطبيع مع المحتل الإسرائيلي”
بقلم:جمال بن ماجد الكندي
منذ عملية توقيع التطبيع الأخيرة التي كانت بين إسرائيل، وكلاً من: دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والمغرب. زادت الضغوط السياسية والإعلامية من أمريكا وإسرائيل عبر إعلامهما وتصريحات سياسييهم، تتحدث عن قرب التطبيع العماني أو السعودي مع المحتل الإسرائيلي.
هذه التصريحات في بعض الأحيان كان تخرج من قبل الدائرة الاستخباراتية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا الأمر كانت له دلالات معينة أرادت إسرائيل من خلالها جعل أمر التطبيع العماني، أمراً واقعاً لا محاله، كونه يخرج من مسؤولين في تلك الدائرة، التي تكون في العادة على علم بكل التفاصيل، فهي من تصنعها لتوحي للشارع العماني والعربي وقبله الشارع الإسرائيلي بأن عملية التطبيع مع باقي الدول الخليجية أصبحت أمراً واقعاً لا مفر منه، خاصةً بعد التطبيع الإماراتي البحريني مع إسرائيل.
هذه التكهنات كانت تقابل لدى الساسة العمانيين بالصمت كما هي عادة السياسة العمانية التي لا تعمل باستراتيجية السخب الإعلامي، فخطواتها مدروسةً لا تعتمد على ردة الفعل او الإملاءات الخارجية التي تأتي وفق معطيات سياسية معينة تصب في صالح بعض الدول في المنطقة، فالسياسة العمانية باعتراف الجميع، هي سياسة تعمل بعقلانية ووفق ثوابت وطنية عمانية وعربية ، التي جزء منها القضية الفلسطينية وذلك بإيجاد حلول لها حسب مبادرة السلام العربية عام 2002، التي نصت على حل الدولتين، وهو بأن تكون لفلسطين دولة مستقلة بحدود عام 1967، والصيغة المعروفة لهذه المبادرة كانت “الأرض مقابل السلام “، والسلام شكل من أشكاله هو “التطبيع” مع تحفظ بعض العرب والفلسطينيين على هذا المفهوم ، ولكنه هو أقل ما يمكن الحصول عليه من المحتل الإسرائيلي، فهل تحقق ذلك لفلسطين لكي نرفع راية السلام مع إسرائيل ؟! .
الضغوط الأمريكية الإسرائيلية مع حلفاء إسرائيل في المنطقة على سلطنة عمان زادت مؤخراً خاصةً بعد سماح المملكة العربية السعودية للطيران الإسرائيلي باستخدام الأجواء السعودية لشركات الطيران الإسرائيلية بالعبور من خلالها، هذا الأمر فسر في إسرائيل بأنه بداية لتطبيع باقي دول الخليج ومنها سلطنة عمان، فكان يظن الإسرائيلي ومن وراءه الأمريكي بأن مسألة فتح الأجواء العمانية لشركات الطيران الإسرائيلية هي مسالة وقت قصير، خاصة بعد أن سمحت السعودية لإسرائيل استخدام أجواءها في الرحلات التجارية، والذي لن تنتفع إسرائيل منه تجارياً إلا بفتح الأجواء العمانية للطيران الإسرائيلي. من هنا زادت الضغوط على سلطنة عمان، وكثرت التصريحات بموافقة سلطنة عمان أو قرب موافقتها لهذا الأمر.
فجاءت مسألة رمي الكرة في ملعب مجلس الشورى العماني لقضية التطبيع مع إسرائيل ذكاء وفطنة من قبل الحكومة العمانية، فنحن نعلم بأن الغرب وأمريكا يتشدقون بقضية الديمقراطية، والتي من أبرز صورها البرلمانات الحرة في دول العالم، فهي صوت الشعب أمام الحكومة، ورمز مشاركتها الحكم، وذلك بسن القوانين وعرضها للتصويت، فكانت مسالة عرض قضية التطبيع بتوسيعها أو تضييقها أمام مجلس الشورى العماني، فهو صوت الشعب المنتخب كما في أدبيات الديمقراطية الغربية.
مجلس الشورى العماني لم يخيب آمال العمانيين، فهو يعلم المزاج العام للشارع العماني الرافض للتطبيع بكافة أشكله. وكيف له أن يوافق على التطبيع وجرائم هذا النظام نراها مباشرةً بأم أعيننا عبر وسائل الأعلام المختلفة فما كان من هذا المجلس إلا أن سدد الكرة في المرمى الصحيح وأثلج صدور العمانيين بتغليظ وتجريم أي تواصل عماني مع اسرائيل تحت مسمى التطبيع وتوسيع مقاطعة إسرائيل. وهذه صفعة “لنتنياهو وحكومته الجديدة، فهو يعني تبديد الحلم الإسرائيلي في عملية التطبيع مع سلطنة عمان، وننتظر من هذا الإجماع أن يتحول إلى قانون مكتوب في الدولة بعد إجماع أعضاء مجلس الشورى العماني عليه.
التصريحات توالت بعد إجماع مجلس الشورى العماني بتوسيع نطاق المقاطعة ضد الكيان الصهيوني ، فوزير الخارجية العماني يقول عبر وكالة (إرنا الإيرانية) “بأن قرار مجلس الشورى العماني بتجريم التطبيع مع إسرائيل يعد تجسيداً لتطلعات الشعب العماني ” وطبعاً هنالك تصريحات أخرى ضد هذا الإجماع فهو يخالف ما كانت تنتظره من قرب التطبيع العماني الإسرائيلي، وعولة على ذلك بأن دول خليجية طبعت، وأخرى ترسل رسائل توحي بقرب التطبيع ، ولم تعلم هذه الجهات بأن السياسة الخارجية لسلطنة عمان، سياسة مستقلة لا تتأثر بأي دولة أخرى، ولا يملي عليها أحد ماذا تصنع، أو تفعل في شأنها الداخلي أو الخارجي ، فهي سياسة بنى ثوابتها المغفور له بإذن الله تعالى السلطان “قابوس بن سعيد” طيب الله ثراه، ويسير على نهجها سلطاننا المعظم هيثم بن طارق حفظه الله تعالى.
أن سياسة رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني هي صوت الشارع العربي وما رأيناه في “مونديال كأس العالم في قطر ” هو شاهد لفشل ما تعول عليه إسرائيل في قبولها لدى الشارع العربي، فأعلام فلسطين كانت حاضرةً، والرفض للتحدث مع الإعلام الإسرائيلي من قبل العرب، وحتى غير العرب كان واضحاً ومخيباً لتطلعات الساسة الإسرائيليين بنسيان القضية الفلسطينية وحصرها فقط عند الفلسطينيين. لذلك فما قامت به سلطنة عمان متمثلاً من مجلس شوراها هو ترجمة للواقع العماني العربي الإسلامي الرافض للتطبيع بكافة أشكاله ما دامت الأرض العربية محتلة من قبل إسرائيل، فتحيية إكبار وإجلال لهذا المجلس الذي أثلج صدور العمانيين والعرب والمسلمين.