هندسة الابتزاز الإلكتروني
بقلم ياسر الشبيبي
حقيقة يجب أن نعيها ونتعايش معها وهي أن قضايا الابتزاز الإلكتروني في تزايد مستمر في جميع دول العالم؛ ولا يمر يوم إلا ويقع مئات الضحايا في براثن المبتزين والمجرمين الذين يسعون لتحقيق مكاسب مادية ومعنوية وجنسية وغيرها من أغراض؛ بل وقد يتعدى الأمر إلى أن بعض الجماعات النافذة في الدول أو حتى الحكومات على علم ودراية تامة بوجود عصابات منظمة تقوم بعمليات ابتزاز لرعايا دول “صديقة وشقيقة”؛ للحصول على مبالغ مالية ضخمة من ضحايا تلك الدول أو حتى تشويه صورة المجتمع والاضرار بسمعته.
ولن يكون مقالي هذا حول الابتزاز الذي تتعرض له الدول والمؤسسات الحكومية والخاصة نتيجة لملايين الهجمات الإلكترونية وبرامج الفدية في الفضاء السيبراني الواسع؛ وإنما سأتحدث عن ابتزاز الأشخاص في دول الخليج عمومًا ومنها السلطنة بطبيعة الحال.
لقد أثبتت الدراسات والبيانات الرسمية بأن الإناث أكثر تعرضًا للابتزاز الإلكتروني من الذكور، وأن المكاسب المادية تأتي في مقدمة مطالب المبتزين من خارج حدود الدولة؛ بينما يكون غرض المبتز من داخل الدولة الحصول على علاقات جنسية بالإكراه؛ وأخيرا يكون الانتقام أو تصفية الحسابات الشخصية سببا لابتزاز الضحايا.
ولأن للابتزاز مكاسب ضخمة من الأموال، فإن للمبتزين طُرق خالية تستخدم “الهندسة الاجتماعية” بامتياز وبطريقة غريبة لا تخطر على بال عاقل سوي.
ومن القصص التي لا يمكنني نسياناها أن فتاة تعرضت للابتزاز من شاب أوهمها بحبه ورغبته في الزواج عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي؛ وقام بخطوة لا يمكن وصفها إلا بالمكر والنذالة حينما تواصل مع والدها لتحديد موعد للخطوبة الرسمية؛ والذي قام بتأجيله عدة مرات حتى تمكن من الحصول على صور “جريئة” للفتاة التي وثقت به بعدما تواصل شخصيا مع والدها؛ لتكون الطامة الكبرى حينما علمت الفتاة بأن الشخص تم إحضاره للتحقيق لم يكن هو ذلك الشاب الذي كانت تتواصل لعدة شهور.
قصة أخرى تتعلق بشاب ملتزم وخلوق تواصلت معه فتاة من دولة عربية لطلب المساعدة بسبب الظروف التي تمر بها الدولة؛ وفعلا هب الشاب لمساعدتها وارسل لها مبالغ مالية لعدة شهور؛ ومع التواصل المستمر والود الذي نشأ بينهما بدأت الفتاة في استدراجه لمحادثات -ساخنة- نتج عنها تصويره في مشاهد جعلته يقوم بتحويل آلاف الريالات لوقف ابتزاز الفتاة التي كان معها من يوجهها لفعل ذلك؛ ولم تشفع له نخوته ومساعدته لها وعطفه عليها.
قصة أخرى لعصابة تنشط في المهرجانات والفعاليات الكبيرة كمهرجان صلالة على سبيل المثال؛ حيث يتم إرسال فتيات للتعرف على الشباب المقيمين في الفنادق الراقية وإيهامهم بأنها من بنات أحد الشيوخ أو الأمراء في دولة خليجية أو عربية؛ وتقوم بتوزيع رقم هاتفها لبدء التواصل الذي ينشط بعد خروجها من الدولة؛ حيث توهم “الشيخة الوهمية” الشباب بأنها ترغب في علاقات جنسية؛ ولأنها من بنات الشيوخ لا يتوقع الشاب بأن في الأمر كمين وفخ سيكلفه الكثير.
ومؤخرًا تنشط طرق جديدة من الاحتيال الذي يجب التنبيه والتحذير منه؛ حيث تصلك رسالة من فتاة آسيوية تسألك إذا ما كنت انت عميل الشركة في دولتك؛ ومن ثم البدء في حديث يبدأ بشكره على تعاونه والاعتذار عن ازعاجه؛ وما هي إلا دقائق حتى يجد الشاب نفسه في نقاش مع فتاة جميلة جدا –كما توضحه صورتها- وتبدأ في مراسلته وارسال تفاصيل يومها وحياتها وكأنه صديق قديم تعرفه منذ سنوات عديدة؛ بعدها يتم التمهيد للمحادثات الجريئة التي تكون نهاية لذلك الوجه الجميل والبريء في صورة البروفايل الخاص بها.
خلاصة القول؛ بأن قضايا الابتزاز الإلكتروني لن تختفي ولن تنتهي؛ ووحدها التوعية هي الحل الأفضل للتقليل من آثارها السلبية على الأفراد وعلى المجتمع؛ ويبقى التذكير بأهم الخطوات التي يجب أن يقوم بها كل من وقع ضحية الابتزاز، ومن أهمها: سرعة الإبلاغ، وقطع التواصل، مع المبتز نهائيا والاحتفاظ بكل ما يثبت تعرضه للابتزاز؛ وألا يقوم بدفع أو تحويل أية مبالغ للمبتز الذي تنفتح شهيته للمال فور اكتشافه بأنها ضحية سهلة ومنقادة.