إلى كل الرويبضة.. لاتوجد قواعد بريطانية في سلطنة عمان (إتفاقية الدفاع المشترك)
بقلم:سلوم الكلباني
المحلل الإستراتيجي والعسكري
أعلنت وكالة الأنباء العمانية بتاريخ 28 مايو عن توقيع الأمر التنفيذي لإتفاقية الدفاع المشترك بين سلطنة عمان والمملكة المتحدة، إستكمالا للإجراءات القانونية للإتفاقية الأصلية التي وقعت في عام 2018م إبان التمرين الإستراتيجي الذي تم على أرض السلطنة في نفس العام، واشترك فيه قرابة المائة ألف من القوات العمانية الباسلة وبضع عشرات من الألوف البريطانية، وهو التمرين الأضخم على مستوى المنطقة، الذي أثبتت السلطنة من خلاله أنها الدولة الوحيدة القادرة على التعامل مع الجيوش المتقدمة بنفس الندية والكفاءة، على إثر ذلك و بناء على محادثات طويلة تكلل التعاون العسكري العماني البريطاني التاريخي الذي يعود لأكثر من 300 عام، بإتفاقية الدفاع المشترك وذلك لضمان أمن البلدين وسيادتهما.
من هذا المنطلق وفي هذا المقام و من خلال هذا المقال نطمئن أنفسنا والشعب العماني العظيم وكافة محبي عمان في المعمورة أن السيادة العمانية لم ولن تمس، وأن أحاديث الرويبضة من هنا وهناك مهما علت وانتشرت في وسائل التواصل الإجتماعي لا تغير الواقع ولا تمس الحقيقة الساطعة، وهي أن عمان تحقق مصالحها وتحفظ أمنها الوطني بكافة الوسائل المتاحة، سواء في البيئة الوطنية أو البيئة الإقليمية أو البيئة الدولية.
إن فضاعة الإفك تجلت عندما قيل أن أكبر قاعدة بريطانية ستنقل من كندا إلى عمان، وجاء كذاب اشر فقال أن القاعدة تتسع ل 30 الف جندي، وقال أخر أنها ليست بريطانية بل قاعدة نووية أمريكية، وقال أخر أنها أكبر قاعدة بريطانية في الشرق الأوسط، وقال مسيلمة العصر أنها العودة الناعمة للإحتلال البريطاني من خلال عمان، وقيل أنها تدريبية وقيل أنها تتبع الناتو وقيل الكثير والكثير من الإفك والكذب والبهتان، أما الحقيقة الساطعة التي يعلمها العمانيون أنه لا توجد قواعد عسكرية أجنبية على الأرض العمانية ولكن هناك تسهيلات تعطى للعديد من الأصدقاء والحلفاء بمقابل مالي يضمن الحقوق ولا يمس السيادة العمانية، وكون عمان واحة للأمن والأمان فعلى أرضها وموانئها البحرية والجوية يلتقي الشقيق والصديق والحليف وفي بعض الأحيان يلتقي الخصوم فلا ضرر ولا ضرار.
وبإلقاء نظرة إستراتيجية لما يدور في العالم فإن التهديدات بدأت تتغير وبدأ العالم الغربي يتجه شرقا نحو أسيا لمقاومة التمدد الصيني القائم على التجارة والإقتصاد، وإن المنطقة التي نعيش فيها لم تعد هي محور الصراع العالمي حتى وإن إرتفعت الأهمية الإستراتيجية للنفط في عام أو عامين بسبب تحديات جيوسياسية هنا أو هناك، إلا أن أفول عصر النفط أصبح قريبا وأصبحت الدول العظمى تبتعد شيئا فشيئا عن منطقة الخليج العربي، وتتجه نحو آسيا حيث يحتدم الصراع هناك، وما الإتفاق الأنجلوسكسوني المسمى بأوكوس إلا مثالا بسيطا على ذلك، ناهيك عن تركيز الولايات المتحدة وبريطانيا على منطقة المحيط الهندي والهادي وتعاظم أهمية القيادة هناك (Indo Pacific Command)وإلتحاق حاملة الطائرات (Queen Elizabeth) في ذات منطقة النفوذ، أضف إلى ما تقدم أن الصراع الروسي الأوكراني يحتم على بريطانيا التركيز على الحرب الأوروبية الأقرب إلى مصالحها الإستراتيجية من الذهاب بعيدا إلى جزيرة العرب حيث المصالح البريطانية المؤمنة.
وفي الختام،، إن جل دول المنطقة وقعت و منذ سنين على إتفاقيات دفاع مشترك مع دول غربية عديدة وليس هذا المقام لإستعراض الدول التي مارست حقوقها السيادية بتوقيع الإتفاقيات مع من تشاء، إلا أن المقام يستوجب تذكيرالجميع أن عمان هي الدولة الأقل إنغماسا مع الغرب الأنجلوسكسوني أو الفرنكفوني أو الصهيوني.
حفظ الله عمان أرضا وشعبا وسلطانا ومتعها بالسيادة الأبدية التي ضمنها الشعب العماني منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.