لأن الأثر سيرتد على المواطن عاجلاً أو آجلاً أوقفوا استنزاف ثروات بحار عمان
وهج الخليج_ منى المعولي
حوار صحفي مع أمين سر جمعية الصيادين العمانية
استكمالا لسلسلة تحقيقاتنا حول القضية المتداولة في هذه الأيام؛ والتي أصبحت تشغل الرأي العام العُماني، لأننا حين نتحدث عن القطاع السمكي وما يجابهه الصياد الحرفي العماني من عرقلات وصعوبات وتحديات؛ فإننا ندرك أن ذلك الأثر يرتد تأثيره مباشرة على المواطن، وبغض النظر عن مدى أهمية مهنة الصيد في لملمة الكثير من الأسر العمانية عن الحاجة والعوز؛ في زمن أصبحت فيه الوظائف الأخرى شحيحة؛ فإن هذا القطاع هو رافد مهم يقوم عليه اقتصاد دولة بأكملها.
وحين نتحدث عن الصعوبة التي يكابدها الصياد والمستهلك العماني؛ نجد أن الأمر عبارة عن سلسلة معقدة ومترابطة، تؤدي عدم الحكمة في فض تشابكها إلى انفراط العقد المجتمعي إذا ما تأثر مصدر الدخل الفردي والقومي، لذا كانت لنا كانت لوهج الخليج وقفة وحوار حول هذا الجانب وأهميته وتداعياته مع أمين سر الجمعية العمانية للصيادين سلمان بن حمد خميس الفارسي والحوار التالي معه.
نرى أن الاهتمام يصب على المصائد المتواجدة في المحافظات الجنوبية والشرقية من السلطنة لماذا؟
لأن مصايد الساحل الجنوب الشرقي سلطنة عُمان، والمطل على بحر العرب (محافظة جنوب الشرقية – محافظة الوسطى ومحافظة ظفار) يضم أكبر كتلة بحرية حية، حيث يقدر المخزون السمكي حسب اخر مسح 3.5 مليون طن متري، ونعتقد بأن الكتلة الحية بحاجة إلى تقييم للمخزون السمكي مرة أخرى لأن أخر تقييم كان في عام 2008 غير أننا نحتاج لهذا التقييم المستحدث وبصورة مُلحة
ما الذي استجد ما بين 2008 إلى يومنا الحالي ولماذا القلق؟
هناك عدت أسباب تجعلنا أننظر للأمر بقلق واهتمام؛ سيما أن هناك أنشطة قد تضاعفت خلال الأعوام الماضية منها:
▪ توسع عمليات الصيد القاعي باستخدام أدوات ومعدات صيد غير مرخصة وبعضها محظور مثل شباك الوتر (العقرب) والتي تسببت في:
▪ تدمير بيئة الشعاب المرجانية.
▪ تدهور المخزون السمكي بتلك المصايد، و استهداف كافة أنواع و أحجام الأسماك بلا استثناء .
▪ رمي مخلفات الشباك وانقطاعها لأي سبب كان.
▪ مصانع مسحوق الأسماك (مصانع الهرس): أُوجدت كحل بيئي لمخلفات تصنيع الأسماك و ليست صناعة تقف بحد ذاتها، ولكن الواقع كان عكس ذلك حيث تم استغلال المادة الخام (اسماك طازجة) و لم تستغل مخلفات الأسماك التي ترمي بشكل يومي من المصانع.
▪ تم الاعتماد و التركيز على أسماك السردين ( العومة) من قبل مصانع الهرس ( وهي تحول 4كجم من سردين إلى 1كجم بودرة اسماك ) ، وحاليا يتم استهداف أغلب الأسماك تقريبا ، وهذه تعتبر كارثة بحق ثروة الوطن التي من الواجب علينا صونها للأجيال القادمة لا ان تذهب إلى مصانع الهرس .
▪ حسب علمي أعتقد بإن أخر المسوحات القديمة تقدر العومة 330الف طن في سلطنة عمان، أعتقد لا يتوجب أنتاج أكثر من 50%بحد أقصى.
▪ بالرجوع إلى كتاب الإحصائي السمكي 2020 نجد بإن الأسماك الصغيرة شكلت ما نسبته 62% من الإنتاج الكلي، كذلك نجد بإن انتاج الصيد الحرفي 54% منه أسماك العومة (430130طن)، ويتم صيد أسماك العومة بمحافظة الوسطى 49% من انتاج العومة و محافظة جنوب الشرقية 33% بالإضافة إلى محافظة ظفار 10%.
▪ استمرار عمليات جرف الأسماك الصغيرة بهذه الطريق و بكميات هائلة بواسطة العمالة الوافدة والسائبة الغير مرخصة والمخالفة للقانون تعمل على تدهور المخزون السمكي ليل نهار؛ مما يؤثر سلباً على الصياد الحرفي وبشكل مباشر و على الأسواق الداخلية كذلك و بدورة يرفع قيمة الأسماك، وهو الحاصل.
▪ أصبح من النادر مشاهدة اسراب اسماك السردين (العومة) التي كانت تستبشر بها الطيور كل فجر والصياد يفرح بمشاهدة تلك الطيور لإنها تعتبر علامة على وجود الخير بفضل من الله.
▪ نفقد أساس السلسلة الغذائية بنسبة للكائنات البحرية، فأي إخلال في توزان اسماك العومة سوف يؤدي إلى إخلال في التوزان البيئي في بحارنا وهو قد بدأ حسب رحلات الصيد التي يقوم بها الصيادين، فإن أولى علامات الإخلال في التوزان البيئي هو انخفاض حاد لجميع الأنواع التي تعتمد في غذاءها على العومة.
وبهذا الشأن قامت وزارة الثروة الزراعية والسمكية و موارد المياه مشكورة بإصدار القرار الوزاري رقم 118/2021(بوقف استقبال طلبات الموافقة للحصول على تراخيص أنشطة تصنيع مسحوق و زيت الأسماك).
• يكاد لا يخلو أي حوار مع أي صياد عن ذكر أزمة تناقص أسماك السردين ما سبب ربط عملية الصيد ب سمك السردين (العومة أو العيد)! لماذا؟
إن أسماك السردين المنتمية الي العائلة Clupeidae التي يوجد منها حوالي 21 نوعا منها في البحار العمانية والعومة من اسماك السطح الصغيرة، وهي معروفه بإنها تهاجر في مجموعات أو اسراب لتقترب من الشواطئ ليفرح بها الكبير و الصغير ، تعتبر غذاء للإنسان و كذلك تجفف لتكون غذاء للحيوان
كذلك هي غذاء للكثير من الأسماك والكائنات البحرية وتحتل قاعدة الهرم الغذائي في السلسلة الغذائية، لذا طوال السنوات الماضية كان الصيادون يستبشرون بوفرة العومة بالقرب من السواحل لإنها تجذب الأسماك بكافة الاحجام و الأنواع و بذلك حافظوا على تلك السنن (سنن البحر) التي أصبحت مفقودة و كأنك تتحدث عن حلم أو خيال.
تتميز العومة بإنها سريعة النمو خلال السنة الأولى من حياتها بينما يتناقص النمو خلال العام الثاني، و حسب الدراسات بإن عمرها لا يتجاوز العامين ، لتبلغ أقصى طول لها بين ( 23 ــــــــ 24.9سم) . و نسبة النمو السنوية بلغت (1.45 ـــــــــــ 1.47 ) .
تبدأ العومة مرحلة التكاثر عند بلوغها 10 أشهر ( 16.9سم) ، و تختلف فترة تكاثرها
1. بحر عمان: مرتين
▪ الأولى: فبراير ــــــــ مارس
▪ الثانية: أغسطس ــــــــــ أكتوبر
2. بحر العرب: مرة واحدة
▪ مارس ــــــــــ سبتمبر
هذه الصفة التبادلية تحقق الإمداد الدائم للمخزون ويحقق التوزان و كذلك طول فترة الاخصاب والتكاثر تعطينا مؤشراً جيداً لاستدامة المخزون وامداده بالأجيال لفترة طويلة من العام.
كانت التوصيات السابقة توصي برفع سقف إنتاج العومة أي قبل وجود مصانع الزيوت (الهرس) و الذي حدث هو المبالغة في الصيد والتركيز على هذا النوع لوحدة بجميع الوسائل المتاحة مما أدى إلى عدم تمكن اسماك العومة من استكمال دورة حياتها، بلغ حجم أغلب العومة التي يتم صيدها (11سم) فقط.
أعتقد كما ذكرت سابقا أصبح من المهم مسح التكلة الحية ببحر عمان و بحر العرب، كذلك اعتقد الإسراع في صون المصايد و تنظيم عمليات الصيد و استحداث محميات بحرية أصبح امر ضروري، كذلك تكثيف الدور الرقابي بتعاون مع المجتمع المحلي.
من وجهة نظرك ما هي الحلول المقترحة التي قد تحد من كل هذه السلبيات التي تهدد ثرواتنا البحرية الطبيعية؟
تكمن الحلول من وجهة نظري ويمكنني أن ألخصها لكِ كالتالي:
▪ سن قانون لتغير مقاس عيون شباك الصيد إلى 12ملم .
▪ إجراء مسح لتقييم الكتلة البحرية الحية ببحر العرب .
▪ مراقبة مصانع الهرس و ماذا يشترون
• سفن الصيد التجاري! : الذي يفترض إنها تصيد بمنطقة الرف القاري Continental Shelf ،،سوف اتطرق للموضوع بأسلوب آخر ، لنأخذ نقطة الشاطئ (صفر) و لنفرض( 0.5م) و بعدها نأخذ نقطة عمق ( 30ميل بحر) لنفرض(90م)
▪ سفن الصيد التجاري أعلى نقطة.
▪ سفن الصيد الساحلي والحرفي بالوسط.
▪ سفن وقوارب تحويط الأسماك الصغيرة أقل نقطة.
السؤال: أين موقع الصياد الحرفي من المنظومة أعلاه؟
السؤال: ماهي خطة إدارة المصايد بمحافظة جنوب الشرقية والوسطى؟
▪ لإنه حاليا تتواجد سفن الصيد التجاري والساحلي والحرفي بالإضافة إلى قوارب الصيد الحرفي، وبالحديث عن مجتمعات الصيادين فإنها تعاني من ارتفاع في المصروفات و بالجانب الأخر تعاني من تجاوزات الحاصلة بالمصايد وهذا له تأثير مباشرة على الوضع الاجتماعي لتلك المجتمعات، وبهذا الجانب تعسى الجمعية العمانية للصيادين في رفع مقترحات و خطط من شأنها تنمية مجتمع الصيادين و استدامة القطاع بشكل عام إلى جهات الاختصاص.
وفي الختام نعود لنذكر أنفسنا والجهات المعنية إنه لابد من اتخاذ حلول مناسبة للمحافظة على هذه الثروات من الاستنزاف والصيد الجائر وتبقى مصلحة عٌمان فوق مصلحة الجميع.