يوميات كادح منتهكة أحلامه
بقلم : خالد الهنائي
كل ليلة يلج إلى غرفته يعلق ثيابه على المشجب خلف الباب ثم يخلع روحه أعلى سريره. يغط في غيبوبة النوم، يدخل في حالة سكون تام وإعادة شحن لوضعية إرهاق جديدة.
الروح تتسلل إلى بلورتها ذات الألوان السبعة، تتقافز بينها كأنما ترقص على أنغام سيمفونية بحيرة البجع تتنقل بين أطلال احلام قديمة كان قد جمعها في طفولته وبداية صباه. تحاول أن تغزل مما بقي منها خيوطا تنسج منها بساط ريح جديد أو حلما يظل يقتات عليه لأيام قادمة قبل أن تنسفه صفعة جديدة.
الجسد فوق ما احترق من دوامة الشمس والهجير تتساقط منه خلايا الشباب بسرعة الضوء تعدو به الايام نحو اللاشيء تعصره آلام اللهاث المحموم لسد رمق أطفال ثلاثة وأمين لهم وله. الحاجة تلف برقبته تعصرها حتى يكاد يسمع قرقعة فقراتها.
وحدها الروح تمده بدفقات كاذبة تسمى الأمل. وحدها الروح تجد متنفسا للعب داخل بلورتها الزجاجية ذات الألوان السبعة. وحدها فقط من يملك رفاهية اللعب والقفز ورسم الأحلام على جدار البلورة. وحدها من تبقيه مستأنسا شفيفا وتمنحه رائحة تشبه رائحة الطفل بعد حمام دافيء. وهي التي تزوده بمايشبه الحلم فترتسم ابتسامة على وجهه حين يصحو وتبقى متألقة إلى قرب انتصاف النهار.
عند الفجر ينهض من غيبوبته يتناول روحه من بلورتها. يرتديها. يدلف بها إلى مصلاه، ثم يتجرعا معا فنجان قهوة بمرارة النهار المنتظر. يرتدي ابتسامته وينطلق إلى دوامته السرمدية وهو يعلق الحلم على كتفيه، الحلم الذي ينتظر منه أن يفك شيفرة القسوة ويخرجه بقوة الطرد المركزية من دائرة الانهاك اللانهائية.