مالكم كيف تحكمون؟
بقلم:د. محاد الجنيبي
(@mahadjunaibi)
مركز المياه الهادئة للدراسات الاستراتيجية والقانونية.
لقد تعرضت الأمة العمانية على مر العصور للعديد من الأزمات و النوائب و الأحداث الجسام، وقدم العمانيون أرواحهم و أموالهم و أولادهم وشبابهم فداء للوطن، و قد من الله على عمان بالنصر في كافة أزماتها الاقتصادية و العسكرية و السياسية و غيرها، وها نحن اليوم نقف على أعتاب طريقين لا ثالث لهما إما النصر أو الضياع، وأن طريق النصر صعب و قاسي و لن يتأتى إلا بإلتفاف الشعب حول قيادته خاصة بعد أن من الله علينا بقيادة سياسية محنكة وقادرة على قيادة هذه الأمة نحو بر الأمان، وكلنا يعلم أن البلاد تمر بأزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة في التاريخ العماني حيث وصل مستوى الدين العام إلى ٨٢٪ من الدخل القومي، الأمر الذي أدى إلى أن تصاحب هذه الأزمة أزمات أخرى جلها إجتماعي و لكن الأمة العمانية تراهن على شبابها الواعي الذي يستطيع بعون الله و توفيقه أن يهزم هذه الأزمة و كل الأزمات إذا ما اتحد وصبر و واجه الصعاب و التحديات.
لقد شاء المولى عز وجل ان يقذف في عقول الخبراء الاقتصاديين خطة الإنقاذ المسماة بخطة التوازن المالي و كان من ضمن جوانبها إدارة بند الرواتب و المخصصات المالية الذي بلغ قرابة ال ٦ مليارات ريال، وذلك من خلال إحالة ما نسبته ٧٠٪ ممن أكمل ٣٠ عاما في الخدمة إلى التقاعد، وتقليص الإمتيازات الغير ضرورية و الغير عادلة للفئات الأكثر دخلا في البلاد ولو استعرضنا هذه العلاوات الخارجة عن جدول الرواتب لصدم الناس جميعا و صعقوا من هولها و غرابتها ولكن هؤلاء المتنفذين ينكرون عمق الخطوة و أهميتها الاقتصادية، وأنها تحقق العدالة النسبية بين الموظفين ولا تمس ذوي الدخل المتوسط و المحدود، وأن لوي رأس الحقيقة من خلال الفتاوي الدينية لن يضير الدولة و مؤسساتها، وكان الأحرى بالباحثين عن الفتوى أن يسألوا عن مشروعية إعطاء بعض الموظفين امتيازات غير عادية في حين يحرم الأخرون منها، هل يجوز ذلك شرعا في إطار المساواة و العدالة الاجتماعية؟
إن المتفحص لخطة التوازن و العالم بخفايا الأمور يعلم أن المتضررين هم من ذوي الدخول العليا و ليس من ذوي الدخول البسيطة، وإذ نؤكد في هذه المقال أن هناك بعض الفئات القليلة التي قد تتضرر بشكل محدود وغير مقصود، إلا أنها سنة الحياة فالإجراءات القانونية عامة و مجردة، ولكنها قد تؤدي إلى اضرار غير جوهرية على بعض الفئات الغير المستحقة للإستقطاع، وعليه فإن الإجراءات الترشيدية و تخفيض بعض العلاوات الغريبة عن ذوي الدخول العليا، أمر حتمي لا مناص منه في مرحلة البناء و إدارة الإنفاق…حمى الله البلاد و العباد و الإمام العادل من كيد الكائدين و ضعف قلوب المتنفذين.
قال تعالى “فلذلك فأدع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم، الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم” صدق الله العظيم.