إسرائيل.. دمار بيئي شامل
بقلم: محمد المجيني
خبير سلامة مهنية وبيئة
على مرِّ الزمن واجهت الكرة الارضية الكثير من المشاريع والأحداث التي أثّرت سلباً على مكونات البيئة البيولوجية، كالإنسان والحيوان والنبات وكذلك المكونات الفيزيائية كالمسطحات المائية والهواء و التربة والمكونات الثقافية كالأرث الحضاري، والتركيبة الأجتماعية. وقد سببت الحروب العالمية ضرراً كبيراً على هذه المكونات جميعها في الماضي إلى أن بدأ العالم المتحضر نبذ أسباب الحروب؛ لحماية البيئة بجميع مكوناتها. ولكن ما زال هناك مشروع عنصري قائم لم يبلغ مستوى التحضر وهو مشروع الكيان الصهيوني، فمنذ وعد بلفور المشؤوم الذي أقرَّ بقيام دولة خليطة التركيب في الأراضي الفلسطينية وإقامة هذا المشروع الذي يعتبر من أكثر المشاريع ضرراً بكوكب الأرض في القرن الحالي. فلو قمنا بعمل تقييم للأضرار البيئية لهذا المشروع؛ سنجد أن من عملوا على بناء هذا المشروع ارتكبوا جريمة بيئية في حق كوكب الأرض ناهيك عن الجرائم الإنسانية التي قام بها مؤسسو الكيان وداعميه. فعلى مستوى البشر وأهم مكونات البيئة وهو الإنسان، فقد سقط الآلاف من القتلى والجرحى من المدنيين الفلسطينين منذ بدء إقامة الكيان الصهيوني جراء أعمال العنف والقتل والغضب والتهجير للبشر، فقد قدّرت التقارير أن حوالي ٢ مليون فلسطيني من سكان غزة يعيشون في وضع غير إنساني لأكثر من خمسة عشر عامًا؛ جراء الحصار الاسرائيلي. ناهيك عن الأضرار التي لحقت بالبيئة الفلسطينية جراء الأعمال المنتهكة لكل الحقوق الإنسانية والدولية وأبرزها استنزاف المياة وتلوثها وتلوث الهواء والتربة الناتج من الأعمال العسكرية. فقد نشرت مجلة هارتس الإسرائلية تقرير صحفي في يونيو ٢٠١٩ يوضح أن المياة الجوفية في قطاع غزة لن تكون صالحة للاستهلاك البشري. كما أن المستوطنات الإسرائلية هيمنت على مصادر المياة والذي أدى إلى عجز في المخزون البيئي للفلسطينين وسبّب الكثير من المعاناة للمزارعين الفلسطينين كما أن هذه المستوطنات تنتج ما يقدر بحوالي ٢٥٠ ألف طن سنويا من النفايات الصلبة يتم تصريفها في الأراضي الفلسطينية. كما لا نغفل أن الأنشطة العسكرية حتمياً تنتج الكثير من النفايات الخطرة والمواد الإشعاعية التي لها الأثر البالغ على صحة البيئة والإنسان .
وكما ذكرنا سابقاً أن الإرث الحضاري والتركيبة الاجتماعية من أهم مكونات البيئة فما قام به الكيان الصهيوني من تفتيت التركيبة الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني والتهجير والتغريب؛ ماهو إلا جريمة إجتماعية عظمى ناهيك عن تدمير الإرث الحضاري للمجتمع الفلسطيني وإهانة المقدسات التاريخية ليس للفلسطينيين فقط بل لكل البشرية فدولة فلسطين كما هو معروف بأنها تحوي من الموروث الحضاري القيّم ليس فقط للعرب والمسلمين بل لكل البشرية من جميع الأديان والعروق. لذا في القليل المختصر مما ذكرنا من تأثيرات بيئية للمشروع الصهيوني نقول بأن إسرائيل هي مشروع دمار بيئي شامل وجب على العالم المتحضر أن يتكاتف لإيقافه؛ حفاظاً على القيم الإنسانية والبيئية. وهنا فإننا لا ندعو فقط المنظمات الدولية الرسمية بل نؤكد على المنظمات التطوعية المعنية بحماية البيئية وحقوق الإنسان أن تتحرك بجدية لإيقاف كارثة القرن البشرية والبيئية.