الوعي بالسلامة سلوك ملتزم حوادث أقل
بقلم: محمد المجيني
خبير صحة وسلامة مهنية وبيئة
كما نعلم أن سلوك أي فرد ينتج من مخزون المعرفة والثقافة والبيئة التي يعيش فيها الفرد ولذا فإن ثقافة الإنسان هي التي تحدد طبيعة ردة فعله وتفاعله مع العالم المحيط به واتجاه أية قوانين أو إرشادات. وعليه فهذا يؤكد إحصائيات السلامة الناتجة عن الكثير من الدراسات في ذات المجال أن ٨٠٪ من الحوادث المهنية والصناعية تعود أسبابها إلى أخطاء بشرية وسلوكيات غير آمنة تنتج من تعامل الأفراد مع بعضهم البعض أو تعامل الأفراد مع المعدات والألات. وهنا يأتي مفهوم مهم وأساسي لبناء أي برنامج ناجح في مجال الصحة والسلامة المهنية وهو مفهوم ثقافة السلامة والأمن والذي يُعنى بتعزيز ثقافة الأمن والسلامة في حياة الأفراد؛ بحيث يترجم ذلك في سلوكهم الحياتي وطرق تفاعلهم وتقبلهم للقوانين والاشتراطات المتعلقة بأنظمة السلامة . فعلى سبيل المثال فقد عُزيت أسباب حوادث الطرق إلى مواصفات السائق من حيث العمر والمهارة والخبرة والتي ترسم السلوك المتبع في القيادة والذي صُنف بأنه أهم أسباب وقوع الحوادث المرورية القاتلة.
وإذا عُدنا إلى معظم الكوارث الصناعية مثل حادثة محطة توكتيمورا النووية في اليابان وحادثة بوبال في الهند والتي أودت بحياة ٥٢٠٠ شخص تقريبا والألاف من المصابين بالإعاقة والأمراض السرطانية نتيجة تسرب غاز الميثيل ساينيد وهذا بسبب سلوكيات العاملين نتيجة عدم وجود ثقافة للسلامة تلزم العاملين بإتباع إجراءات السلامة بإيمان منهم والنظر إلى قواعد السلامة كجزء لا يتجزأ يعيشونه إيمانًا وسلوكا وإتباعها كأسلوب حياة. وتعرف ثقافة السلامة بأنها مجموعة من التوجيهات والقيم والمواقف والممارسات التي يتبناها الموظفون والمؤسسات لجعل قضايا السلامة ذات أولوية قصوى تبدأ من الإدارة العليا لهذه المؤسسات إلى كلِّ فرد فيها بحيث تكون من ضمن جميع الأليات والإجراءات العملية المتبعة في هذه المؤسسات. ولكي يتم ذلك وجب اتباع الكثير من الممارسات التي تعمل على غرس هذه الثقافة في نفوس الأفراد أهمها حملات التوعية بالسلامة وما تم ذكره من قبل في المقالات السابقة من تحليل المخاطر واداراتها. وسنتطرق في المقالات القادمة عن أهمية ثقافة السلامة في حياتنا اليومية وطرق تعزيزها
…. يتبع