إلى سيدي السلطان مع التحية ( 5 )
إلى سيدي السلطان مع التحية ( 5 ).. طبيعة الصراع في المنطقة
صراعات وحروب المنطقة ، هل هي صراعات مذهبية أم سياسية ؟
العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا تشهد ومنذ سنوات طويله صراعات وحروب داخلية رفعت فيها رايات مذهبية كثيرة فيها التكفيري والإثنا عشري والإخواني ، كما أن الملفات والأهداف السياسية كانت أيضاً حاضرة وبقوة في هذا المشهد . فهل طبيعة الصراع ومحركه هي المذهبية لتحقيق غايات سياسية في تلك البلدان أم أنها صراعات سياسية أدواتها مذهبية ؟
في العراق على سبيل المثال توجد تنظيمات شيعية مسلحة نظامية تعمل في الميدان وتنظيمات مسلحة داعشية تكفيرية ، وقس على ذلك التنظيمات الموجودة في سوريا ولبنان واليمن وليبيا ، تنظيمات مذهبية تمزق الدولة ولديها العناصر البشرية والمالية والعسكرية التي تجعلها ترفع السلاح ضد الدولة وتحارب لسنوات طويلة دون أن تهزم أو تضعف . فإن كانت هذه الحروب مذهبية ولها أهداف سياسية فيمكننا تصور شكل هذه الدول من التمزق والتشرذم أو أقلها منازعة الدولة في سلطانها وسيادتها . وإن كانت صراعات وحروب سياسية أدواتها مذهبية فيعني أن هذه الملفات تديرها دول ، وبمعنى أن مبدأ عدم التدخل في شئون الغير أصبح من الماضي وأن شيوع سياسة التدخلات الدولية في الشأن الداخلي قصد إفشال وتقسيم وإضعاف الدول هو المبدأ المهيمن على الساحة الإقليمية .
رأينا ومنذ سنوات أن الحملات المذهبية هي عنوان الهجوم على عُمان في كل موقف سياسي تتخذه السلطنة تجاه الملفات الإقليمية ، وكانت التهم توجه ضد أهل عُمان في كل موقف سياسي لا يناسب الآخرين ، مرة بتهمة الخوارج ومرات أخرى بإتهام الدولة باضطهاد أهل السنة ! مطلقي تلك السهام معروفون والإتجاهات التي إنطلقت منها معروفة أيضاً ، وإن من فوائد إستمرار حروب المنطقة أنها كشفت كثير من السياسات والأقنعة ..
لقد شاهدنا تأثير تلك الصراعات المذهبية في الشقيقة اليمن فتم تحويل بعضاً من أتباع المذهب الزيدي إلى المذهب الإثنا عشري وتحويل البعض من المذهب الشافعي إلى ” مذاهب تكفيرية ” في محاولة للحشد والتعبئة السياسية ، فلم يتم بذلك إفشال الدولة وحسب إنما تم تقسيمها مرة بدعوات الإنفصال ومرات بإبرام إتفاقيات تغير خارطة اليمن إستغلالاً لغياب وضعف الشرعية ومرور اليمن بسنوات حرب أهلية طاحنة .
هي إذن حرب مذهبية سياسية وسياسية مذهبية . هي بلا شك وجهين لعملة معدنية واحدة . إن من يثير النعرات المذهبية والمناطقية في عُمان يعلم جيداً ما يمثله ذلك من خطرٍ شديدٍ على تماسك النسيج الإجتماعي والسياسي ، ويعلم ما تؤدي إليه تلك النعرات من خلق ثقافة وقناعة ومشروع مناطقي ومذهبي يهدف للنيل من عُمان ككيان سياسي وجغرافي …
وليعلم الجميع أن عمان كانت ولازالت وستبقي عصية على الأدوات التخريبية التكفيرية الشائعة في إقليمنا الكبير .