من يدعم الإرهاب في المنطقة ؟؟
بقلم: جمال الكندي
سؤال عريض وكبير ومهم جداً، والجواب عليه قد يكون سهل وصعب، وقد يكون مركب وبسيط ، وقد يحمل مفاهيم أيدولوجيات متصارعة تصعب علينا فهم هذا السؤال والجواب عليه. أنا هنا لا اريد أن أشتت فكر القارئ، ولكن المسالة لها أبعاد سياسية واقتصادية ومصالح جيو سياسية تخرج لنا مصطلح كلمة الإرهاب وداعميه حسب هذه السناريوهات التي ذكرتها، ولتبسيط الأمر قبل الدخول في من يدعم الإرهاب في المنطقة، أذكر مثال بسيط من الواقع العربي يقرب الصورة لنا أكثر، فمنذ ما يقارب الستة عقود والكيان الصهيوني يحتل أراضي فلسطينية وعربية، ويقوم بالتنكيل بإخوتنا في فلسطين في كل يوم أمام مرئ ومسمع العالم، وما يحصل في الأقصى الشريف هذه الأيام لهو إحدى عناوين هذا التنكيل الممنهج ضد الشعب الفلسطيني.
فهل ما تقوم به إسرائيل هو إرهاب في نظر أكبر داعميها في المنطقة؟ طبعاً لا، وبالمقابل من يدعم الشعب الفلسطيني معنوياً ومادياً ضد الإرهاب الإسرائيلي هو طبعاً يصنف إرهابي، وداعم للإرهاب في عيون حاضني إسرائيل. من هنا تأتي المكاييل المختلفة في التعامل مع الإرهاب وداعميه من قبل أمريكا وحلفائها الغربيين فهي تحت عنوان واحد فقط المصلحة السياسية والمنفعة الاقتصادية.
الأزمة الخليجية الأخيرة والتي للأسف أوجدت شرخاً في البنية السياسية والاجتماعية لدول مجلس التعاون الخليجي تطورت وحملت معها متناقضات كلمة الإرهاب، فتارةً نسمع تصريح أمريكي يؤيد ما تتبنه دول المقاطعة ضد قطر، وهي الإمارات والسعودية والبحرين ومعها مصر، وتارةً نسمع عكس ذلك، حتى أصبح المواطن الخليجي الذي يتمنى أن تنتهي هذه الأزمة ودياً بتقبيل الخشوم في حيرةً من أمره فيمن هو الداعم الحقيقي للإرهاب في المنطقة.
يقال إن الاقتصاد بنت السياسة، وكل المشاكل السياسية يكون جزء كبير منها يتعلق باقتصاد، والأزمة الخليجية الأخيرة تترجم هذا العنوان فهي في بدايتها لقت مساندة وتفهم من قبل الرئيس الأمريكي “ترامب” مع محور المقاطعة، وخاصة بعد الزيارة التاريخية التي قام بها إلى السعودية، وعقده الاتفاقات العسكرية والاقتصادية مع قيادتها بلغت ما يقارب 450 مليار دولار امريكي. فقد غرد الرئيس الأمريكي أكثر من مرة متناغماً مع دول المقاطعة ضد قطر ومتبنياً أفكارهم، ولكن هذا التناغم والتغريدات الترامبية وقفت بعد التوقيع مع قطر على صفقة الطائرات الحربية التي بلغت 12 مليار دولار أمريكي.
من هنا تغير المزاج الأمريكي قليلاً وأصبح يدعو إلى إيجاد حل سياسي توافقي للأزمة الخليجية، وأن قطر هي دولة تحارب الإرهاب، وبأن مطالب الدول الأربعة مبالغ فيها ويجب أن تكون واقعية أكثر، وهذا يدلنا أن العقل السياسي الأمريكي برجماتي متغير حسب المعطيات على الأرض.
المتغيرات الجديدة التي يتم نشرها بين الحين والآخر في الإعلام الأمريكي دليل على تغير التوجه الأمريكي حيال أزمة الخليج، فقد نشرت جريدة الواشنطن بوست الأمريكية تقرير يقول بأن من اخترق موقع وكالة الأنباء القطرية هي جهة من داخل الإمارات، وهذا يدعم حجة قطر في أن وكالة أنبائها اخترقت، وجاء تقرير أخر من الخارجية الأمريكية بشأن مكافحة الإرهاب ليكمل التحول الأمريكي ويقلب الطاولة على رأس دول الحصار على قطر، حيث ذكر التقرير بأن بعض دول الحصار تمول الإرهاب، وأشاد التقرير بتعاون قطر النسبي في مكافحة الإرهاب.
والسؤال لماذا الآن هذا الإعلان من قبل المخابرات الأمريكية على لسان الواشنطن بوسطت، ومن قبل وزارة الخارجية الأمريكية؟ هنا ندخل في المساومات الاقتصادية التي تجيد اللعب بها الإدارة الأمريكية، وإذا طالت هذه الأزمة كما بشر وزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتي “أنور قرقاش” فإننا مقبلون على صفقات من العيار الثقيل في المستقبل القريب.
الإرهاب كلمة مطاطية هلامية المعنى، ليس لها تعريف واحد محدد عند الإدارة الأمريكية وهي تتلاعب وتستغل هذا المصطلح من أجل مصلحها الشخصية، وعدم وجود تعريف ثابت يخرج من أعلى منظمة دولية معنية بالأمن في العالم يصعب علينا القضية، ويجعلها على هوى أصحاب القرار والسلطة في العالم يستغلون بها البلدان في التدخل في شؤونهم الداخلية، فيوجدون الإرهاب بيد ويدعون بأنهم يحاربونه باليد الأخرى.
صانع الإرهاب هو الذي أستغل شعار الربيع العربي “الشعب يريد أسقاط النظام ” في البلدان التي لا يتوافق معها سياسياَ، فساعد على تغذيت هذا الشعار بأطنان من السلاح عبر حلفائه في المنطقة، وأمر بفتح الحدود لكل ذي فكر منحرف يتبنى الدم على الحوار والسلام فدمر البلاد وشرد العباد. صانع الإرهاب هو من يسكت على الإرهاب الصهيوني ضد الفلسطينيين العزل، ولا يستنكر التعدي عليهم وإذا تبنت جهة مساندة الشعب الفلسطيني فهي على رأس قائمة داعمي الإرهاب، وهنا تأتي مشكلة تعريف الإرهاب التي تستغل حسب المواقف والمصلح وهذه تسمى لعبة السياسة.
أنا أقترح أن ننسف كلمة مصطلح( إرهاب) ..ونستخدم الفتن والشرور والفساد الخ…
لأن الإرهاب مصطلح لم يعد ذا قيمه عوضا ع كونه قد شحب لكثرة المتشدقين به