الشباب رهان المستقبل
رأي-وهج الخليج
لاشك أن إيجاد فرص للباحثين عن عمل سواء المسجلين منهم في القوائم الرسمية أو أؤلائك الذين سيلتحقون بركب الباحثين ، هي معضلة وطنية بامتياز ، بل هي حالة في حقيقتها تمثل تهديدا للامن الوطني ، والاخطر أنها تتصف بالاستمرارية والتراكم ومن أنها بحكم الطبيعة البشرية غير قابلة للانتهاء .
وعلى الرغم مما تبذله الحكومة من جهود لإيجاد الحلول سواء بالتوظيف في القطاعين العام والخاص ، أو بتحفيز هذا الأخير وسن التشريعات ، أو إيجاد الفرص الاستثمارية وبيئات الانتاج ، أو من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، إلا أن تزايد طوابير المنضمين إلى قوائم الباحثين عن العمل تبتلع كل جهد مبذول ويتراءى للبعض أن الحكومة لا تبذل الجهد والفكر المناسبين .
في زيارة لسنغافوره عام ٢٠٠٨م وفِي حوار عفوي مع أحد المسئولين هناك عن مشكلة توفير وإيجاد فرص عمل للمواطنين وفيما إذا كانت سنغافوره تعاني من ذلك ، أجاب المسئول بالإيجاب بل وأن الدولة صنفت تلك المشكلة ضمن أولويات التهديد للامن الوطني . تلك الإجابة حفزت لدي حب المعرفة ، فواصل الرجل حديثه قائلا ” إن الحكومة وصلت لقناعة أن حل المشكلة لن يكون من خلال إيجاد فرص عمل فقط ، لان أية دولة لن تتمكن من إيجاد كل تلك الفرص مهما بذلت من جهود . فكان الحل في إيجاد شيء إستثنائي مبتكر غير مسبوق ، وكان الحل في تعليم السنغافوري بشكل متميز ليتمكن بواسطة ذلك التعليم المتميز من الحصول على فرصة عمل في أي بلد ” . لذا فقد قامت سنغافوره بمراجعة وتغيير جميع مناهج التعليم ، وجميع مراحل التعليم ، وجميع أدوات التعليم ، بحيث يكون السنغافوري في النهاية متفوقا على غيره من المتقدمين للوظائف فِي أية بلد من بلدان العالم كانت الوظيفة ، وفي أي تخصص .
ولبلوغ ذلك الهدف شكلت سنغافوره لجنة وطنية عليا ضمت أصحاب الفكر ، وجمع من مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص ، وجهات أكاديمية معنية ، وأعطيت اللجنة الصلاحيات لاقتراح كل فكر إستثنائي ، وربطت أعمالها برئيس الدولة ، وخصصت الموازنات اللازمة تحت إشراف دقيق من هرم الدولة .. ونجحت سنغافوره .
وها نحن في عمان لدينا هرم دولة يؤمن بدور الشباب .. ولدينا شباب لا يخشى البحث عن لقمة العيش أينما كانت .. ولدينا منطقة تبحث عن أيدي عاملة ، وأن كل ما نحتاجه بجانب تلك الجهود المشكورة هو نهضة تعليمية استثنائية تطال الكم والكيف لنتمكن من إقتلاع المشكلة من جذورها … ونصون الوطن .