أحداث المنطقة والمجلس والثور الأبيض
رأي-وهج الخليج
لم تصل دول المجلس طوال السنوات الخمسين الاخيرة من عمرها إلى طموحاتها في بلوغ القدرة الفردية للوقوف ضد الأحداث العسكرية والأمنية التي تهدد كياناتها السياسية التي شهدتها المنطقة طوال تلك السنوات رغم نوعية وجودة التسليح ، ورغم كبر وحجم الإنفاقات العسكرية وقد يكون جزءا من السبب هو الركون إلى الحليف الغربي كخط دفاع أول . ولقد جربت دول المجلس طوال الاحداث التي عصفت بالمنطقة سياسات كانت في معظمها سياسات منفردة وأدوار إقليمية ليس لها شأن بسياسات مجلس للتعاون وذلك كما هو الحال في الحرب العراقية الإيرانية ، وغزو العراق ، والتدخلات في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا والموقف من حصار غزة ، كلها أحداث كانت فيها سياسات دول المجلس لا تعكس عملا مشتركا .
لقد أظهرت لنا الأحداث المؤسفة في الملفات السياسية تلك أن دول المجلس عملت كل شيء إلا العمل المشترك ، ولَم تكتف بذلك إنما قامت بقلب المعادلة بأن أصبحت تقيم علاقاتها بالمجلس ودوله ليس وفقا للعمل المشترك بل وفقا لسياساتها والتأييد لها من عدمه وكأن الدفاع عن المجلس ضد الاخطار المتعددة يكون في سياق ومضامين مجتمع القبيلة وتشنجاته ، وليس ضمن سياق القانون والشرعية الدولية ، ووفقا لمفاهيم واضحة للامن الوطني ، وحدود الأمن القومي .
إن الاخطار والمخططات التي كشفت عنها أحداث المنطقة توجب على دول المجلس أن تترفع عن الدفاع عن سياسات وتدخلات أثبتت فشلها ، وتترفع عن الإصرار على السير في مشاريع لا تخدم العمل المشترك ، فلا مبالغة إن قلنا أن هذه الاخطار تحتاج ثبات المجلس ومؤسساته لا إنشغال دوله في إيجاد بدائل وعوامل تفرقة وتأليب للرأي العام ضد الآخر وما يصاحب ذلك من تشتت ووهن . إن تلك المراجعة وإستخلاص العبر هي عين الحكمة ، والتنبه لخطر تعبئة الشارع بالخطاب المذهبي وإلا سوف تجد دولنا خطرا جديدا يتمثل في أن يصبح الشارع هو المحرك لأفعال الدول وستكون عندها دولنا أسيرة للعواطف من حيث لا تعلم فيستحيل عليها عندها إقناع حتى الداخل بما هو صواب لأمنها .
هذه التناقضات التي أحدثتها الادارة الامريكية في المنطقة والتدخل الروسي المباشر في سوريا ووجود إيران في كل ملف عربي جعلتنا نستعيد أمثلتنا العربية للإقناع كالقول أكلت يوم أكل الثور الأبيض .. وهو مثل عربي العبرة منه أن يحتاط المرء لنفسه ويتعظ .. فعلينا التنبه فهناك الكثير حولنا ممن يحب أكل ” البيف ستيك ” .