عمان.. كالعقاب لا يطير فوقه أحد
رأي-وهج الخليج
تسعى مراكز الفكر السياسي والعسكري الاستراتيجي بالمنطقة في بحث التحديات الرئيسيّة التي تواجهها دول المنطقة ودور القوى الإقليمية والدولية في مواجهة تلك التحديات ، وذلك كتلك الندوة التي خصصت مؤخرا في إحدى دول المنطقة تحت عنوان التحديات الرئيسيّة التي تواجه القوى الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط ، وذلك بالتعاون مع أحد المراكز الاستراتيجية الدولية .
إلا أن أي حراك فكر يؤصل فهمًا لتبني نهجا لتنفيذ سياسات تملئ على المنطقة أكثر منه حراكا فكريا ساعيا للسلام هو حراك مشبوه ويصبح الوقوف لصده واجبا وفقا للمتاح من أدوات . وعلى الرغم من أن هناك تحديات يتوافق حولها حتى تلك القوى المتصارعة في المنطقة كالاتفاق حول خطر داعش ، والصراع المذهبي ( السني الشيعي ) على إمتداد الساحة العراقية السورية واللبنانية واليمنية ، وغيرها من التحديات التي تطول أو تقصر قائمتها وفقا لواضعيها ، إلا أنه من المهم قبل التسليم والقبول بقائمة التحديات تلك أن يكون في تحديدها الموضوعية العلمية والفكرية أو أقلها أن لا يكون ذلك بهدف من واضعها الترويج لها في المنطقة بقبولها كتحديات أمنية وسياسية مشتركة وهي أساسا إما أنها قائمة أزمات وتحديات لتطبيق ( سياسته ) في المنطقة ، أو أنها تحديات نتيجة مخرجات ( سياسته ) في المنطقة .
ليس ذلك فقط ما إستوقفني من متابعة منتدى الحراك المذكور ، بل إنه صمم وكأنه يَصْب في قالب التسويق لوجود قوة إقليمية جديدة ناشئة في المنطقة وأن هذه القوة لها أدوار وأنها تبحث في مواجهة ودراسة تلك التحديات التي تواجه القوى الإقليمية والدولية في المنطقة من منطلق دورها كقوة إقليمية ذات دور جوهري في رسم ملامح أمن المنطقة .
ما يهمني من كل ذلك ، وبعد ذلك ، أن لا يأتي لاحقا من يتحدث عن ضرورة وجود استراتيجية سياسية مشتركة لدول المجلس بشأن أحداث المنطقة خاصة عندما تكون تلك التحديات هي صنيعة أحد أعضائه وبصماته في كل أركان خارطة المنطقة ، أو أنها في حقيقتها تحديات تواجه سياسته التي إنتهجها في المنطقة ، أو نتيجة أدوار يحاول لعبها وفقا لاعتقاده أنه أصبح قوة إقليمية جديدة في المنطقة لها حق الدولة الإقليمية المركزية في رسم المنطقة وفقا لأهوائه .
عندما تكون هناك إستراتيجية مشتركة عندها فقط يمكن الحديث عن تحديات وأخطار مشتركة وعندها فقط يحق للآخرين التحدث بتلك المبادئ لا قبلها . وبدون ذلك فإن الكل يحق له أن يخط سياسته وفقا لمبادئه وليعلم أن له أخوة في المجلس وليعلم أيضا أن للجميع آذان .
لكن حتى ذلك الحين ، فلا يزايدن أحدا على مواقف عمان تجاه ملفات المنطقة ” بالتغريد والتطبيل ” والادعاء أن عمان بعيدة عن هموم الأمة . فما دامت تلك التحديات والازمات هي صنيعة ” فزعة ” لا فكر ، فإنه يصبح من المفهوم اذا لماذا يحلق العقاب بعظمة في الهواء وحيدا .