إنه من عمان .. وإنه بِسْم الله الرحمن الرحيم
رأي-وهج الخليج
تنتهي الحروب بطريقتين لا ثالث لهما ، فإما إنتصار طرف وهزيمة آخر وإما تصالح بين المتحاربين . فأي الطريقين يريده المتحاربون في اليمن لإنهاء هذه العبثية ؟ عندما اختارت الأطراف اليمنية المتحاربه طوال سنتين تقريبا طريق المنتصر والمنهزم ، خسر الجميع . وعندما أعلنت مسقط في ١٥ نوفمبر ٢٠١٦ عن إتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن إعتبارا من منتصف ليل يوم ١٧ نوفمبر وفقا لاحكام وشروط وقف إطلاق النار فإن مسقط مهدت طريق التصالح ، وأن مسقط عملت ونادت الجميع ” تعالوا إلى كلمة سواء ” . كمواطن عربي يتألم لما بلغته الدول العربية من شتات حال ويرى في اتفاق مسقط نافذة لاصلاح حال الأمة فإنني أجده من غير المفهوم ترك يد عمان الممدودة للجميع دون الاستفادة من هذه الجهود المخلصة لإطفاء نار الحرب . إن عدم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار يعني فيما يعني أحد الاحتمالين إما أن هناك أطرافا ترى الحل في إستسلام أحد طرفي الحرب وسوف تمد للحرب الأسباب حتى يتحقق لها ذلك ، وإما أن هناك عنصرا في طرفي الحرب يود أن تغرق اليمن والمنطقة في حالة من الفوضى والفشل ، وكلا الاحتمالين قبل أن يكونا موجهين لاتفاق مسقط فهما موجهين لليمن والمنطقة إبتداءًا وإنتهاءا ببشرها ومواردها ووحدتها وإستقلالها .. وليفهم من أراد أن يفهم أن عمان تعطي درسا آخر لجميع المتحاربين ودعاة الدم أن من أراد أن يرى الاخر مهزوما فإنه لا يزرع بذور السلام لليمن والمنطقة إنما يزرع بذور الحرب التي ستنبت لا محالة . لقد اثبتت عمان كم نحن مخطئون وأثبتت منذ اليوم الاول أنه ليس لها مصلحة في وقوع الحرب أو إستمرارها لانها ومنذ البداية قالت للحرب لا .. وليس لها مصلحة في إستنزاف اليمن والمنطقة بحرب تراها ليست حلا أمثلا للمشكلة السياسية الداخلية في اليمن .. وأن عمان جهرت بموقفها واضحا في بيئة عربية سياسية تخشى المكاشفة وعملت بمبادئ السلام لا يضرها من خذلها وخالفها في حقن دماء المسلمين ، ولا تلتفت لمن إتهمها في عروبتها وفي عدم وقوفها على مسافة واحدة من الجميع . من عرف عمان قابوس حق المعرفة سيعلم أن عمان لا تتخلى عن مبادئها وستعمل بصمت دون كلل أو ملل في إصلاح ذات بين المتحاربين في اليمن كما أمر الله ” وإن طائفتان من المؤمنيين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ، فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا ، إن الله يحب المقسطين ” . وكم سمعنا مناديا يتكىء على مشروعية الحرب من خلال هذه السورة المباركة ( الحجرات ) ، وكأني أرى عمان تقول له الفهم الفهم فما البغي المقصود إلا بغي من أبى الإجابة إلى حكم كتاب الله واعتدى على ما جعله الله عدلا بين خلقه ، وأن السياسة العمانية الخارجية تقول لمن يهمه سلامة اليمن والمنطقة أن راية عمان راية سلام ، راية حق . فتمسكوا بها تسلموا ، وحافظوا عليها تغنموا . فأكف عمان نقية طاهرة غير ملطخة بدم زكي مراقا .. أكفا مرفوعة للسماء تدعوا للأمة وهي للإجابة أقرب ، ولسان حالها في الآية الكريمة ” إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ، واتقوا الله لعلكم ترحمون ” .
كل عام وعمان العرب بخير .. كل عام وقابوس السلام بيننا ومعنا أعواما عديدة بإذن الله