أخبار العالم

باحثة بريطانية : ماذا وراء الهجوم الأمريكي على “أنصار الله” ؟

وهج الخليج ـ وكالات

صعّدت الولايات المتحدة ضرباتها ضد “أنصار الله” في اليمن، في خطوة تعكس نهج إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ممارسة أقصى الضغوط على إيران ووكلائها.
وتقول بورجو أوزسيليك، وهي باحثة أولى في أمن الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن وحاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست إن الرئيس ترامب تعهد في أسبوعه الأول من ولايته، بتصنيف جماعة “أنصار الله” في اليمن.
ودخل القرار حيز التنفيذ في أوائل مارس. وبعد أسابيع في 15 مارس أمر ترامب بشن ضربات جوية وبحرية واسعة النطاق على عشرات الأهداف في مناطق يسيطر عليها “أنصار الله” من إيران.
وترى أوزسيليك أنه من خلال إعطاء الضوء الأخضر لأكبر قصف عسكري حتى الآن في ولايته الثانية، تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق عدة أهداف في آن واحد: إضعاف القدرات العسكرية لـ “أنصار الله” وتطبيق سياسة “الضغط الأقصى” ضد قدرة إيران على تمويل وكلائها، وتوجيه تحذير لمشتري النفط الإيراني الخاضع للعقوبات، وعلى رأسهم الصين.
وقد بررت إدارة ترامب استخدام القوة العسكرية ضد “أنصار الله” باعتباره إجراء ضروريا للحفاظ على “المبدأ الأساسي لحرية الملاحة، الذي تعتمد عليه التجارة الدولية.” إلا أن حسابات واشنطن تتجاوز مسألة الأمن البحري.
فللإدارة الأمريكية جدول أعمال جيوسياسي أوسع نطاقا، يشمل التصدي لنفوذ الصين الاقتصادي، لاسيما اعتماد بكين على النفط الإيراني.
ومن خلال استهداف “أنصار الله” لا تعمل الولايات المتحدة فقط على حماية الممرات الملاحية الحيوية، بل تمارس أيضا ضغوطا على محور الطاقة بين إيران والصين، وهو عنصر رئيسي في الاستراتيجية الإقليمية لبكين.
وبحسب أوزسيليك، تهدف العملية العسكرية الأمريكية أيضا إلى منع “أنصار الله” من ترسيخ نفوذهم داخليا في ظل عملية السلام الهشة هناك، وإحباط قدرتهم على إعادة تنظيم صفوفهم لدعم عقيدة الدفاع المتقدم الإيرانية المحدثة، التي تعتمد على تمويل وكلائها. وقد يؤدي استمرار الحملة العسكرية الأمريكية إلى إضعاف الترسانة العسكرية لـ”أنصار الله” وربما تصفية قيادتهم.
وتقول أوزسيليك إن هذه التطورات كشفت عن شبكة سرية تربط بين الصين و”أنصار الله” ما يثير تساؤلات حاسمة لصناع السياسات الدفاعية والأمنية في الولايات المتحدة. وقد يؤدي استهداف “أنصار الله” إلى تداعيات أوسع، ليس أقلها التأثير على تدفق النفط الإيراني إلى الصين. ورغم صعوبة تأكيد ذلك، فقد أفادت تقارير بأن “أنصار الله” ربما تلقوا تعويضات مالية أو أشكالا أخرى من الدعم من الصين، مثل مكونات عسكرية صينية الصنع، مقابل السماح بمرور السفن المرتبطة بالصين بحرية في البحر الأحمر.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرا فرض عقوبات على وزير النفط الإيراني، محسن باكنجاد، بالإضافة إلى “شبكة من ميسّري الشحن في عدة ولايات قضائية، والذين من خلال التعتيم والخداع، يقومون بتحميل ونقل النفط الإيراني لبيعه لمشترين في آسيا.”
وتستهدف العقوبات مقدمي الخدمات البحرية، بما في ذلك ثلاث شركات وثلاث سفن، قامت بتسهيل عمليات نقل النفط الإيراني من سفينة إلى أخرى خارج حدود الموانئ في جنوب شرق آسيا.
وفي إطار سياسة روسيا الخارجية المناهضة للولايات المتحدة، ورد أن موسكو قدمت بيانات استهداف عبر الأقمار الاصطناعية لـ”أنصار الله” لضرب السفن الأمريكية في البحر الأحمر والممرات المائية المجاورة.
وقد تعمّقت العلاقة بين روسيا و”أنصار الله” خلال الصراع في غزة، وزادت وضوحا في 5 مارس عندما فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عقوبات على سبعة من كبار قادة “أنصار الله” بتهمة تهريب مواد عسكرية وأنظمة أسلحة والتفاوض على صفقات تسليح مع روسيا.
كما شملت العقوبات عنصرا من “أنصار الله” يُشتبه في قيامه بتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا لصالح روسيا. ومع انشغال بوتين حاليا بشروط وقف إطلاق النار التي توسطت فيها الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا، فمن غير المرجح أن تواصل موسكو دعمها لـ”أنصار الله” ، الذين كانوا أداة نفوذ مؤقتة وليسوا جزءا من استراتيجية طويلة الأمد.
ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات الجيوسياسية في الممرات المائية الاستراتيجية بالشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة، في ظل استمرار التوترات الأمريكية-الإيرانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى