تعزيز الهوية الوطنية
بقلم: مسلم بن أحمد العوائد
نبدأ هذه الخاطرة – على غير العادة – بمجموعة أسئلة في ذات الهدف والمعنى: هل الندوات والورش والبرامج الإعلامية لتعزيز الهوية الوطنية من الأسباب الرئيسة لنجاح الدول وتفوقها؟ وهل الاهتمام والتركيز على هذه الندوات والبرامج الإعلامية مؤشر على ضعف الهوية الوطنية؟ أم أنها مجرد ظهور إعلامي ونزهة للمتحدثين، وقد تكون هدفًا إداريًا لكسب نقاط ومكاسب للترقية؟ لماذا حضور هذه الندوات متواضع، متحدث و مرافق و موظفين يقال انهم اجبروا على الحضور ؟ .
هل الهوية الوطنية تزيد مع المناصب الرسمية وتنتهي أو تتقاعد مع صاحبها؟ او تزيد بالغنى وتقل بالفقر؟ وهل قسم الوظيفة ضامن لتعزيز الهوية الوطنية؟.
ثم؛ لماذا تفشل الأمم؟ (Why Nations Fail).
هذا قبل…
أما بعد…
للإجابة على هذه التساؤلات أو بعضها، قد يستفيد البعض من كتاب؛ لماذا تفشل الأمم (Why Nations Fail)، تأليف؛ دارون عجم أوغلو وجيمس روبنسون، الذي يبحث في أسباب فشل أو نجاح الدول. وللدلالة على ذلك، استشهد الكتاب بأمثلة واقعيةمن سياسات الدول على اختلاف تاريخها ومواردها وجغرافيتها ونظم حكمها. فعلى سبيل المثال، الدول الناجحة اعتمدت على مؤسسات وطنية شاملة، بحيث تعزز وتشجع مشاركة وتكامل مختلف الأفراد والمكونات الاجتماعية والمؤسسات العلمية والأكاديمية في تخطيط وتنفيذ وتقييم الاستراتيجيات الوطنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمبادرات الاجتماعية والابتكارات العلمية، كما اعتمدت سياسة الأبواب المفتوحة والحوارات بين المسؤولين والمجتمع، ومحاربة الفساد بشكل علني وفوري، وإعفاء كل من لا يتأقلم مع هذه السياسة، إضافة إلى الاستقلال الحقيقي لمنظومة القضاء. وقد أثبتت التجارب أن المؤسسات الشاملة تعزز الهوية الوطنية.
في المقابل، الدول التي اعتمدت على المؤسسات الإقصائية من خلال نخب معينة تسيطر على كل موارد الدولة، وتستفرد بالخطط والمؤسسات الرسمية والشركات وحتى القطاع المدني، ويقال حتى الهوية الوطنية، بينما تراقب الغالبية العظمى بخوف وقلق وحسرة وقهر ورهبة، وبعضهم يطبل بكل انواع الطبول هذا غير عن الابواق والمزامير. وقد أثبتت التجارب أن السياسات الإقصائية تدمر وتفكك الهوية الوطنية وتؤدي الى حلقة المفرغة.
أخيراً…
ان تشكيل لجان لتقييم آداء المسؤولين من الضرورات الرقابية الوطنية، لأن انجازاتهم الفعلية تعزز الهوية الوطنية، وفي المقابل ضعف الاداء والانجازات يضعف الهوية الوطنية. ومن الضرورات الوطنية ايضا؛ اعتماد استراتيجيات تربوية شاملة، تبدأ بالأسرة ثم المسجد، بحيث يكلف أئمة المساجد بتقديم برامج تعنى بالفقه والسيرة النبوية والتفسير والظواهر الدخيلة. قال الإمام مالك رحمه الله : “لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها”.
ختاما…
هل تعتمد الدول الناجحة على المؤشرات والأثر والارقام وعدد الاجتماعات فقط، ام تعتمد على النتائج الواقعية الملموسة والمحسوسة؟