محافظ ظفار يرعى احتفال سلطنة عمان بيوم المرأة العمانية اليوم
تكريم " حواء عمان " في مجال الثقافة والأدب
وهج الخليج – مسقط
تحتفل اليوم سلطنة عمان ممثّلة بوزارة التنمية الاجتماعية بيوم المرأة العمانية الذي يصادف ال 17 من أكتوبر، وذلك تحت رعاية صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، وحضور معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجار وزيرة التنمية الاجتماعية، وعدد من أصحاب السمو والمعالي والمكرمين وأصحاب السعادة، وجمع غفير من المدعوين.
ويشهد الحفل في فندق قصر البستان تكريم شخصيات عُمانيات رائدات في مجال ” الثقافة والأدب” وتحديدًا في ” الشعر والرواية والمسرحوالمخطوطات”، كما يتضمن الحفل عرضًا مرئيًا يعكس دور المرأة العمانية في مجال الثقافة والأدب، والإعلان عن إصدار خاص بالمرأة العمانية، إلى جانب تضمنه لأوبريت ” حواء عمان” والذي يُجسّد عبر لوحاته الخمس المكانة المرموقة للمرأة ودورها المجتمعي عبر العصور، والمرأة العمانية حاضر مشرّف وملهم للمستقبل، وفخر واعتزاز بالمرأة العمانية، ولوحة الولاء والعرفان، إلى جانب فن العازي.
عميقة الثقافة
وبمناسبة الاحتفال بهذا اليوم في مجال الثقافة والأدب تحدثت مكيّة بنت حسن الكمزارية باحثة لغوية وتربوية عن تجربتها الثقافيّة المنبثقة من إيمانها العميق بالإرث الحضاري المادي والغير المادي لسلطنة عمان، واهتمامها الكبير بالإرث الغير المادي لعوامل تتعلّق باللغة، والتاريخ، والشكل اللهجي، والقصص والحكايات، ولكونها تنتمي لمؤسسة تهتم بهذا الأمر، وامتلاكها إرثًا كبيرًا من لغتها وثقافتها فقد لاحقت حلمها منذ أن وعته؛ فرصدت لغتها وحلّلتها وبحثت فيها ونشرتها مع مجتمعها وأبناء قريتها، وقدمتها في المحافل الخليجية والدولية كشكل من أشكال التنوّع الحضاري لسلطنة عمان ، ومشيرة بأن تخصيصمجال الثقافة والأدب في الاحتفال بيوم المرأة العمانية ينم عن إدراكها التام بهذا المجال ، وإن أدوارها لا تحدّها حدود ، كما تعد المرأة هي حلّية الثقافة وإطار الأدب بمحوريته وشموله وعراقة المخطوطات التي تشهد على مجد غابر عبر السنين ، ولفتت الكمزارية إلى الأثر الإيجابي المنعكس على فعاليات الاحتفال الذي يعد وقفة امتنان لدور المرأة العمانية الثقافي والأدبي ، والذي يتكامل مع دور الرجل ، ومختتمه حديثها بأن تجربة المرأة الثقافيّة والأدبيّة تعكس الصورة اللائقة بالمرأة العمانيّة ووجاهة الأرض التي تحمل أسمها ؛ فهي عميقة الثقافة ، ولها حضورها المشرّف الّذي يترك أثرًا طيبًا أينما حلّت في كل ميادين الحياة .
إعجاب وتقدير
وقالت راية بنت عامر الحجريّة المديّرة المساعدة بدائرة المنظمات والتعاون الدولي بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنيّة: تعد الثقافة أداة مهمّة للحفاظ على هويتنا العربية وثقافتنا وتراثنا، وإن الأدب والوثائق والمخطوطات وغيرها قوالب وأوعية ناقلة ومعبّرة عن هذه الثقافة، ومنذ القدم يعتبر هذا المجال جسرًا عبرت به سلطنة عمان حدودها الجغرافية وتداخلت من خلاله مع العديد من الحضارات والثقافات المختلفة ليشهد لها التاريخ كونها رمزًا للعلاقات الدولية ونهجًا مميّزًا في ترسيخها ، كما أن للثقافة دور حيويًا في تحريك وتوجيه وتطوير المجتمع ، وعليه فإن إدراج هذا المجال ضمن فعالية الاحتفاء بيوم المرأة له عمق وبعد؛ فالثقافة روح المجتمع النابض ، والمرأة لها دورها المؤثّر في تشكيل الهويّة وغرسها ، وهذه الاحتفالات لها تأثير ملحوظ في نفس كل امرأةعمانيّة نالت شرف الاهتمام والرعاية السامية ، ونلمس تطوّر هذه الاحتفالات للاحتفاء بدور المرأة العمانية وإسهاماتها محليًا وإقليميًا ودوليًا، ويعكسقوة ووعي وإبداع المرأة العمانية وتمثيل بلدها وهويته الراسخة خير تمثيل، وتسليط الضوء على تجارب النساء ونجاحهن ، وهذا بدوره يسهم في إثراء المشهد الثقافي، كما تعكس الاحتفالات بيوم المرأة العمانية التزام المجتمع بدعم وتمكين المرأة كشريك في بناء وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة جنبًا إلى جنب مع أخيها الرجل، وبلورت هذه الفعاليات لسلطنة عُمان بُعدًا تقدميًا ينظر إليها العالم بعين الإعجاب والتقدير.
بناء فكري
كما أكدت المديرّة المساعدة لدائرة المنظمات والتعاون الدولي بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بـأنالمتّتبع لدور المرأة العُمانية في التعليم ونشره وخدمة الحركة الثقافية والاجتماعية يدرك مدى تأثيرها الكبير على مستوى الأسرة والبلدة التي عاشت فيها، فهذا لم يقتصر على النهضة المباركة التي أسسها جلالة السلطان قابوس بن سعيد – طيّب الله ثراه – منذ عام 1970م بل كان دورها عميقًا جدًا في تاريخ عُمان منذ العصور الغابرة ، فعلى سبيل المثال تُعتبر الشيخة عائشة بنت محمد بنت أبي سبت السليمانية العقرية النزوية واحدة من الشخصيّات البارزة في تاريخ عمان خلال القرن الثاني عشر للهجرة ، وكانت نشطة في التعليم والدعوة ؛ حيث أسّست مدرسة نسويّة لتعليم الفتيات، مما ساهم في رفع مستوى الوعي والمعرفة بين النساء في عصرها ، كما كانت لها مراسلات مع السيدة شيخة بنت الإمام سلطان بن سيف في 11 جمادى الأولى 1155هـ مما يدل على تواصلها مع الشخصيّات البارزة في المجتمع العماني ، ومن ولاية بديّة ذكر الشيخ الفقيه محمد الخصيبي في كتابه ” شقائق النعمان” –وتحديدًا- في الجزء الثالث عن الكريمات من النساء الحجريّات ، وفي مقدمتهن العالمة نجيّة بنت عامر بن سالم الحجرية زوجة السيد الهمام والعالم الزاهد فيصل بن حمود بن عزان ، وزوجته التي عقبتها مريم بنت حمد بن خاتم الحجرية ، ومن العالمات –أيضًا-سالمة بنت علي بن حمد كانت لها مكتبة، وفاطمة بنت عامر بن سيف بن علي أخذت العلم عن أبيها ، ومن الرموز التي تركت بصمة في الأدب والشعر والثقافة والفكر على سبيل المثال – لا الحصر – هن كالآتي :الشيخة عائشة بنت عيسى بن صالح الحارثية ، والشيخة عائشة بنت راشد بن خصيب الريامية ، وعائشة بنت أحمد بن سليمان الكندية ، وعائشة بنت عزيز بن عمر المدادية ، وعائشة بنت محمد بن عبدالله الخليلية ، ونرى أن تجربة المرأة العمانية القويّة والمثابرة لعبت دورًا مهمًا في نشر العلم والثقافة، وما زال دورها ساطعًا وظاهرًا ، ولا زال نسل الماجدات الفقيّهات العالمات ينتجن نتاجًا غزيرًا ومتنوعا قائم على بناء فكري غني أخذ بعضهن من الدائرة المحليّة إلى العالميّة بجدارة واستحقاق.
واختتمت الحجرية بالتأكيد على ما تقوم به وزارة التنمية الاجتماعية من مبادرات هو محل إشادة وتقدير، والإعلان عن إصدار المرأة العمانية مسيرة ١٠٠عام من العطاء يعوّل عليه في توثيق قامات خدمت وطنها وشعبها وسلطانها، وأثبتت كفاءتها فيها واستطاعت أن تحقّق إنجازات عربية ودولية في جميع المجالات.
إثبات إبداعها
وذكرت فاطمة بنت خليفة الحوسنية مديرة الموسوعة العمانية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب عن تمكين الحكومة الرشيدة للمرأة العمانية والحرص على مشاركتها في مختلف الفعاليات الثقافية المحلية والخارجية؛ لإيمانها الكبير بقدر المرأة العمانية وإثبات إبداعها في مختلف المجالات، حيث حصدت عدد من الأديبات والشاعرات العمانيات مراكز متقدمة في محافل مختلفة تُعنى بمجالات الأدب والشعر والفن، كما وجدت المرأة العمانية حاضرة في نسخ وترميم وتحقيق المخطوط ، وأسهمت بذلك في حفظ التراث العماني المخطوط ، وعليه فإن تمكين المرأة العمانية في هذه المجالات يجعلها حريصة على إثبات نفسها وقدرتها على إتقان عملها ، وهذا ما يظهر جليًا من قبل الموظفات القائمات على ترميم المخطوطات في دائرة المخطوطات التابعة لوزارة الثقافة والرياضة والشباب.
بصمتها الواضحة
وأكدت الحوسنية بأن المرأة العمانية شريكة الرجل في دفع عجلة التنمية المستدامة في البلاد، وكما أن للرجل إسهاماته الكبيرة في مجال الثقافة والأدب، كذلك المرأة العمانية لها بصمتها الواضحة، فقد شهد التاريخ العماني على دورها الفعّال في نشر العلم والمعرفة، فكان لها الفضل في نسخ المخطوطات،وشراء الكتب وتوزيعها على طلاب العلم، والمتّتبعللتاريخ سيجد أمثلة على نساء مبدعات في شتى مجالات الحياة كالفقيهة والمفتيّة الشيخة عائشة الرياميّة، والسياسية السيدة موزة البوسعيدية ، والشاعرة والأديبة عائشة الوائلية ، والناسخة الشيخةعائشة العامرية ، والمحسنة السيدة ثريا البوسعيدية، وبيّنت بأن دور المرأة العمانية لم ينحصر على مجال معين، فهي حاضرة وجذورها متأصلة في عمق الثقافة العمانيّة، ومجال الثقافة والأدب منالمجالات المهمة التي أبدعت فيها قديمًا وحديثًا،وسطّرت حضورها بشكل لافت يشار إليه بالبنان.
تتويجًا لجهودها
وعن الاحتفاء بالمرأة العمانية لهذا العام عقّبت الحوسنية بأن تخصيص يوم للاحتفاء بالمرأة العمانية يُعد تتويجًا لجهودها وتقديرًا لإنجازاتها، فالانعكاسالذي يخلفه هذا الاحتفاء سيضيف علامة فارقة في سماء الثقافة والأدب في سلطنة عمان، وسيكون محفزًا ودافعًا على مواصلة العطاء، فالأمم الراقية لا تقاس بثرواتها الماديّة وإنما بثقافة ورقي شعوبها، ومن خلال الاطلاع على تجارب المرأة العمانية في مجال الثقافة والأدب نجد بأن لها تجارب ناجحة ومشرّفة، بل وفاقت التوقعات، والدليل على ذلك مستوى الجوائز التي فازت بها المرأة العمانية علىالمستويين الإقليمي والعالمي في مجال الثقافة والأدب، فقد حصدت الروائية جوخة الحارثية علىأهم جائزة أدبية بعد جائزة نوبل وهي جائزة ” مان بوكر العالمية” لعام ٢٠١٩ م عن روايتها ” سيدات القمر ” في نسختها المترجمة ، واختتمت الحوسنية بالتأكيد على أهمية الثقافة بجميع علومها ومجالاتها،وضرورة مواصلة دعم المرأة العمانية، وتمكينها وفقًا لتوجيهات الحكومة الرشيدة، وانطلاقًا من رؤية”عمان 2040 ” التي نصت على دعم المرأة والأسرة في جميع الميادين.
رائدة الثقافة والأدب
ومن جانبها استعرضت مريم بنت ناصر الخربوشية مديرة الهوية الثقافية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب عن مسارها المهني في القطاع الثقافي منذ عملها في مشروع الموسوعة العمانية، والتحاقهاب ” وزارة التراث والثقافة آنذاك”، وتدرّجها في عدة وظائف في القطاع الثقافي بالوزارة، إلى أن وصلتمديرة دائرة الهوية الثقافيّة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، كما شاركت في العديد من المشاريع وفرق العمل أهمها إعداد الاستراتيجية الثقافية، وإعداد ملفات سلطنة عمان للتسجيل في قوائم صون التراث الثقافي غير المادي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ” اليونسكو” وغيرها من المشاريع الأخرى.
وأشارت بأن الأدب والثقافة والمخطوطات من المجالات الهامة في نمو وتطور المجتمعات، وسلطنة عمان تمتلك ثراء ثقافي مميّز وتاريخ عظيم في الأدب والمخطوطات، وساهمت فيه المرأة بشكل كبيرفي صون وحفظ ونقل وصنع هذا الإبداع الثقافي والأدبي، كما يعد الاحتفال بيوم المرأة العمانية فرصة للنساء المبدعات في الجانب الثقافي والأدبي لتسليط الضوء عليهن والاحتفاء بإنجازاتهن محليًا وإقليميًا وعالميًا، وحافزًا كبيرًا لهن لبذل المزيد من الإبداع الثقافي والأدبي ، والمرأة العمانية رائدة في هذا المجال بمفهومه الواسع ؛ فهي أبنة هذه الأرض الطيبة ، وتستمد الإلهام من بيئتها وإنسانها وخلفيتها المجتمعية والثقافية، وهناك الكثير من النساء العمانيات مّمن يقدمن تجربة إبداعية فريدة في هذا المجال، مع الحاجة للمزيد من النماذج النسائية الأخرى.