المقالات

تحليل أميركي: ملف اليمن يمثل تحديات للسياسة الخارجية العمانية

رأى الكاتب الأميركي جوجيو كافييرو أن سلطنة عمان جهة توازن جيوسياسية في شبه الجزيرة العربية، حيث تلعب دورا قويا في معالجة الأزمات الإقليمية خاصة المتعلقة باليمن.
وأضاف كافييرو في مقاله الذي نشره الموقع الإخباري والتحليلي “أمواج ميديا”، وترجمته “وهج الخليج” أنه :”لم يكن من المستغرب أن تكون سلطنة عمان الدولة الخليجية التي لم تنضم إلى التحالف العربي العسكري ضد اليمن في عام 2015، بإعتبارها جهة توازن جيوسياسية في شبه الجزيرة العربية.
تميل سلطنة عمان إلى رؤية دبلوماسية وليس عسكرية، بإعتبارها أنجع الوسائل لمعالجة الأزمات الإقليمية، حيث لعبت سياستها الخارجية المحايدة دور الوسيط والجسر بين مختلف الجهات الفاعلة في حرب اليمن عام 2014 بهدف تحقيق الاستقرار والأمن والمصالحة السياسية في اليمن الذي مزقته الحرب.
وعلى الرغم من هذه المخاوف والتحديات الخطيرة، اغتنمت سلطنة عمان أيضًا الفرص لتعزيز مصداقيتها كصانع سلام فعال في اليمن، بعد فترة وجيزة من التدخل العسكري العربي بقيادة السعودية في عام 2015، حيث أثبتت نفسها كدولة رئيسية لإجراء محادثات سلام، فإستضافت شخصيات تمثل مجموعات يمنية مختلفة بجانب شخصيات أخرى من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية وروسيا وإيران في العاصمة مسقط على مر السنين الماضية لمناقشة الأزمات المختلفة في اليمن.
كما ساعدت سلطنة عمان في دفع المملكة العربية السعودية و”أنصار الله” نحو هدنة بوساطة الأمم المتحدة في أبريل 2022، وعلى الرغم من انتهاء وقف إطلاق النار رسميًا بعد ستة أشهر، إلا أن الحرب بين “أنصار الله” والسعودية لم تُستأنف.

* تحديات
تمثل التطورات التي حدثت خلال العام الماضي، تحديداً توسع الحرب في غزة، والهجمات البحرية لـ”أنصار الله” على سفن مرتبطة بكيان الاحتلال والتدخل العسكري البريطاني الأمريكي في اليمن، تحديات خطيرة لسياسة سلطنة عمان الخارجية، ومع ذلك، واصلت مسقط السعي لتحقيق أهدافها في الجوار، وتشمل تلك الأهداف الحفاظ على وحدة اليمن بعد عام 1990؛ وإنهاء الصراع المتعدد الأوجه في اليمن ؛ ولعب دور في المصالحة الشاملة وإعادة الإعمار على نطاق واسع وإحباط التدخل الخارجي.
وفيما يتعلق بانعدام الأمن في البحر الأحمر، فإن سلطنة عمان، مثل دول الخليج الأخرى، تشعر بالقلق بشأن الأمن البحري، خاصة أنه يؤثر على طرق الشحن التي تعتبر حيوية لإمدادات النفط العالمية، ومع ذلك، فإن سلطنة عمان تفضل الحوار والمشاركة الدبلوماسية على المشاركة العسكرية المباشرة.
وفي حديث للدكتور سالم بن ناصر الإسماعيلي، مستشار سابق بوزارة الخارجية ورئيس الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات “إثراء” يقول : من المرجح أن تكون الحكومة العمانية قلقة من تصاعد العنف في المنطقة، خاصة مع الهجمات البحرية لـ”أنصار الله” لكنها تمتنع عادة عن الانتقاد العلني لطرف على الآخر من أجل الحفاظ على موقفها المحايد”. بحسب “أمواج ميديا”.
من جانبه يوضح الدكتور جوزيف كشيشيان باحث أول في مكتب رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، إن سلطنة عمان “تعارض بشدة” الهجمات البحرية، وقد “حذرت مراراً وتكراراً العديد من المحاورين من جماعة “أنصار الله” الذين يتنقلون بين صنعاء ومسقط، حيث جرت مفاوضات سرية”. وعلى الرغم من أن جغرافية عمان تسمح للسلطنة بالتوجه مباشرة نحو المحيط الهندي، متجاوزة باب المندب، إلا أن حتى الموانئ العمانية تأثرت بأزمة البحر الأحمر بسبب تغيير مسار السفن. كما تؤكد الكاتبة والدكتورة إليونورا أرديماني، وهي باحثة مُشارِكة أولى في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية لـ “أمواج ميديا”: “قد يؤدي ذلك إلى تقليص حجم الأهداف الاقتصادية للحكومة”.
وبينما يشعرون بالقلق إزاء سلوك “أنصار الله” في خليج عدن والبحر الأحمر، يرى صناع السياسة في سلطنة عمان أن العدوان الإسرائيلي على غزة هي قضية أساسية يجب حلها ضمن السياق الأوسع لمحاولة تأمين هذه المسطحات المائية.

*الدوائر الانتخابية

ولا يمكن للسلطات العمانية أن تتجاهل الرأي العام في الداخل، بما في ذلك حقيقة أن شرائح من السكان تدعم العمليات البحرية لـ”أنصار الله” ـ حيث تعتبرها دفاعًا عن غزة، وتساعد مثل هذه الديناميكيات المحلية في تفسير السبب وراء ذهاب حكومة سلطنة عمان، على الرغم من معارضتها للهجمات البحرية التي يشنها “أنصار الله”، إلى أبعد من أي دولة أخرى عضو في مجلس التعاون الخليجي في إدانة التدخل العسكري البريطاني والأميركي في اليمن، والذي بدأ في يناير المنصرم.
وعلى الرغم من أن المزيد من العمانيين يتبنون الخطابات المؤيدة لإيران وينسبون الفضل إلى شبكة التحالف الإقليمي المعروفة باسم “محور المقاومة” في الوقوف في وجه إسرائيل، إلا أن سلطنة عمان تحافظ على نهج عملي ومتوازن في السياسة الخارجية، حيث تنظر القيادة العمانية إلى الشراكات مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة على أنها ضرورية.
* اتهامات
أدى التزام سلطنة عمان بالتعامل مع جميع الجهات الفاعلة في اليمن، بما في ذلك “أنصار الله” إلى تلقي مسقط انتقادات بزعم غض الطرف عن عمليات نقل الأسلحة الإيرانية التي يقال إنها بدأت في عام 2016، ونفت الحكومة العمانية الاتهامات بدعم أو توفير الأسلحة للجماعة، مؤكدة التزامها بالحياد والإستقرار في المنطقة. وقد تنبع بعض الاتهامات من التوترات الجيوسياسية، خاصة من الجهات الفاعلة المتورطة بشكل كبير في الحرب ضد “أنصار الله” ، وربما تنظر إلى موقف سلطنة عمان المحايد بعين الريبة. على الرغم من أن أولئك الذين أطلقوا مثل هذه الادعاءات وما زالوا يطلقونها فشلوا في تقديم أدلة على أن السلطنة سهلت تهريب الأسلحة، والذي ربما حدث على أساس محدود للغاية من خلال محاولات غير قانونية.
ورغم الظروف الإقليمية والدولية في مرحلة ما بعد الحرب في غزة المستمرة منذ أكتوبر المنصرم، والتي جعلت الجهود الدبلوماسية العمانية في اليمن وأماكن أخرى أكثر صعوبة، لا يزال المسؤولون في مسقط ملتزمين بمساعدة المجتمعات اليمنية المختلفة على الاتفاق على تسوية سياسية تحافظ على وحدة الدولة اليمنية وتحد من التأثير الكبير للجهات الفاعلة الأجنبية في تشكيل مستقبل اليمن عبر العمل العسكري المباشر. التدخل أو الوكيل.
وتؤكد الدبلوماسية العمانية والسياسة الخارجية للسلطنة أن شكل الدولة اليمنية هو أمر يجب أن يقرره اليمنيون أنفسهم خلال مرحلة الحوار السياسي دون أي تدخل خارجي، ويجب على جميع الدول المعنية مساعدة اليمنيين للوصول إلى حل للتفاهم فيما بينهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى