المقالات

نهضة الدول وتعاقب الأجيال (2)

بقلم : مسلم أحمد العوائد ” أبو خالد ”

أشرت في الخاطرة السابقة إلى نهضة الدولة الإسلامية الأولى، التي تمكنت من توحيد الجزيرة العربية والشام ومصر، وانتصرت على حضارات كانت أقوى منها عدةً وعتادًا خلال 30 عامًا. كما ذكرت بعض القدوات الإسلامية التي ساهمت في تغيير مجرى الأحداث ونشر الدين الإسلامي، وهم من أُسميهم “الفرد الأمة”، كقاهر الصليبيين، وفاتح الأندلس، والسند، والقسطنطينية. وهناك آخرون من القدوات الشابة رحمهم الله ورضي عنهم. أنصح الشباب بقراءة سيرهم واستلهام لذة النصر والصبر والإصرار منهم للوصول إلى القمة نصرةً للدين والقيم النبيلة، وليس طلبًا للرياء أو المصلحة. أتباعهم اليوم مليار ونصف مسلم، ونحسبهم، والله حسيبهم، من مشاهير السماء والأرض. هم القدوة رحمهم الله.

 

أما عارضي ومروجي بضاعة المحلات، فليسوا قدوات حسنة وإنما…. فاختر لنفسك قدوتك، أيها الشاب المسلم.

 

هذا قبل…

أما بعد…

 

خرجت جمهورية رواندا من حرب أهلية طاحنة قُتل فيها حوالي مليون مواطن، وخلال أعوام قليلة تحولت إلى دولة ناجحة جدًا، بل أصبحت من أقوى الاقتصادات في إفريقيا، وأطلقت قمرًا صناعيًا، وأصبحت من أفضل الوجهات الاستثمارية والسياحية. يُقال إنها استفادت من تجارب دول مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية وماليزيا، التي أصبحت خلال أقل من 30 عامًا دولًا ناجحة يُحتذى بها.

 

العجيب أن هذه الدول الصغيرة لا تمتلك موارد طبيعية مثل الغاز والبترول، لكنها استغلت العقل البشري الصادق، وهو أقوى وأفضل مورد على الإطلاق.

ما هي القواسم المشتركة التي انتهجتها هذه الدول الناجحة للوصول إلى ما هي عليه اليوم؟

 

أولًا: محاربة الفساد، فلا يمكن لأي رؤية أو استراتيجية وطنية النجاح إلا بمحاربة الفساد الذي ينخر في جسم الدول كالسرطان، والعياذ بالله.

ثانيًا: تجويد التعليم وتطويره باستمرار.

ثالثًا: اختيار القيادات الوطنية الصادقة.

 

أخيرًا…

 

إذا عمّ الفساد، والفساد ثقافة يشترك فيها مجموعات تتقاسم الأدوار لاستلام المصالح وتدمير الدولة وأعراف وتقاليد وأصالة المجتمع، فإن القوانين إذا لم تُنفذ بصدق وإخلاص في مكافحة فيروس الفساد، تنعدم الثقة بين المجتمع والسلطة. وهذا هو الفساد الأكبر الذي يُخطط له عباقرة الفساد من الداخل والخارج. حينها تستغل هذه العقول الفاسدة الفجوات الواسعة بين المجتمع والسلطة، وتتحرك بحرية وكذب وخداع باسم الدين والوطنية والولاء. تتسع الهوة شيئًا فشيئًا حتى لا يفلح معها أي لقاح.

 

أخيرًا…

 

كان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتابع الولاة في مختلف الأقاليم الإسلامية وهو في المدينة المنورة عن طريق العيون المخلصة، وإذا ثبت لديه أن أحدهم قصر في عمله، عزله ثم حاسبه علانية. وهذا ما يسمى اليوم بالشفافية في المساءلة (منظمة الشفافية الدولية).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى