هكذا علمتني الهجرة النبوية الشريفة
وهج الخليج – بقلم عبدالمنعم بن راشد السعيدي
بمناسبة السنة الهجرية الجديدة هذه سلسلة حول بعض الدروس والعبر المستفادة من حادثة الهجرة النبوية الشريفة بعنوان{علمتني الهجرة}سأدرجها مسلسلة تحت وسم: علمتني الهجرة اسأل الله أن ينفع بها
علمتني الهجرة
١- أن الصراع بين الحق والباطل قديم قدم الإنسان، وسنة التدافع موجودة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها: “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهُدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا”؛ ولكن العاقبة هي: “كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي غزيز”.
علمتني الهجرة
٢- أن مكر الخصوم بالداعية مستمر مادام مستمرا في دعوته سواء أكان عن طريق الحبس أو القتل أو النفي؛ ولذا ما على الداعية إلا الصبر والاحتساب واللجوء إلى ربه فهو الذي تكفل بحفظه والدفاع عنه (إن الله يدافع عن اللذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور)
فثقوا بربكم.
علمتني الهجرة
٣- أن التخطيط المسدد بالوحي والأخذ بالأسباب كان قائما وشاهدا في حادثة الهجرة: رسم الخطة وحدد المسير واختار الصاحب وأخذ الرواحل وانتقى الدليل بعناية وسلك طريقا بعيدة وعرة عكسية واختفى في الغار حتى هدأ الطلب وراعي الغنم ليضيع عليهم أثر الأقدام… ثم انطلق للمدينة.
علمتني الهجرة
٤- أن التخطيط السليم هو جزء من السنة النبوية، وهو جزء من التكليف الإلهي في كل ما طولب به المسلم؛ ولذا فمن يميل للعفوية وترك التخطيط في شؤونه بحجة أن ذلك ليس من السنة فهو مخطئ ويجني على نفسه وعلى المسلمين
(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا).
علمتني الهجرة
٥- أن الأخذ بالأسباب الدنيوية لا تعني أن يفتر المؤمن عن التضرع إلى مسبب الأسباب واللجوء إليه؛ فهذا رسولكم ﷺ يلجأ لربه والمشركون على باب الغار (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) “ما ظنك باثنين الله ثالثهما” فثقته بمولاه لم تتزعزع وهو في أحلك الظروف وأشدها محنة.
علمتني الهجرة
٦- أن حدث الهجرة تتجلى فيه القدرة الإلهية التي تخرق كل نواميس الكون فتجعل ما لا يصدقه العقل واقعا تراه الأعين، ولذلك ساخت أقدام فرس سُراقة وبينه وبين رسول الله ﷺ قاب قوسين أو أدنى، ودرَّت شاة أم معبد اللبن بمسحة شريفة من يده عليه الصلاة والسلام فثق بربك وتوكل عليه.
علمتني الهجرة
٧- أن لا يستنكف المؤمن عن الاستعانة بغيره ولو كان كافرا في سبيل تحقيق الخير ما دام ثقة يؤمن جانبه.
فهذا محمد ﷺ يستعين بمشرك ليكون دليلا في طريق الهجرة لمّا رآه ثقة صادقا يؤمن شره، فاستأجره ودفع إليه راحلته.
لذلك أيها الداعية المبارك سخّر كل المتاح في سبيل دعوتك.
علمتني الهجرة
٨- أن دور المرأة المسلمة كان حاضرا وبقوة في حادثة الهجرة فهذه عائشة بنت أبي بكر وتلك أختها أسماء رضي الله عنهما كانتا نعم السند والعون للرسول ﷺ وصاحبه فزوداهما بما يحتاجا إليه وكتمتا السر وسهلتا المهمة حتى كتب الله لها النجاح والتيسير بعد توفيق رب العالمين.
علمتني الهجرة
٩- أن النبي ﷺ رغم اشتغاله بالتخطيط للهجرة وما يكتنفها من أخطار جسيمة إلا أنه لم يُنسه ذلك أن يَكِلَ إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مهمة عظيمة ألا وهي إرجاع أمانات قريش التي كانت تحت يده ﷺ.
صدقوا حينما لقبوه بـ (الصادق الأمين) بأبي أنت وأمي يا رسول الله.
علمتني الهجرة
١٠- أن رسول الله ﷺ لم يقبل ركوب الراحلة حتى أخذها بثمنها من أبي بكر رضي الله عنه، واستقرَّ الثمن دَينا بذمَّته، وهذا درسٌ واضح بأن حملة الدعوة لا ينبغي أن يكونوا عالةً على أحد بل هم مصدر العطاء، إن يدهم إن لم تكن العليا فلن تكون السفلى، واليد العليا خير من السفلى.
علمتني الهجرة
١١- أنه لما عفا النبي ﷺ عن سراقة عرض عليه سراقة المساعدة فقال: «وهذه كنانتي فخذ منها سهما وإنك ستمر بإبلي وغنمي في موضع كذا وكذا فخذ منها حاجتك». فقال النبي ﷺ: «لا حاجة لي فيها».
فحين يزهد الدعاة فيما عند الناس يحبُّهم الناس، وحين يطمعون في أموالهم ينفروا منهم.
علمتني الهجرة
١٢- أن أثر التربية النبوية يظهر في أبي بكر رضي الله عنه، فحين همّ بالهجرة قال له ﷺ: “لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا”
فبدأ في الإعداد للهجرة فابتاع راحلتين واحتبسهما في داره يعلفهما
لقد كان يدرك بثاقب بصره أن لحظة الهجرة صعبة قد تأتي فجأة ولذلك هيّأ وسيلة الهجرة.
علمتني الهجرة
١٣- لم يكتف أبو بكر بذلك بل سخّر أسرته لخدمة النبي عليه الصلاة والسلام.
وعندما جاءه النبي ﷺ وأخبره: أن الله قد أذن له في الخروج والهجرة؛ بكى من شدة الفرح، فتقول عائشة: «فوالله! ما شعرت قطُّ قبل ذلك اليوم: أنَّ أحداً يبكي من الفرح؛ حتَّى رأيت أبا بكرٍ يبكي يومئذٍ».
علمتني الهجرة
١٤- يظهر الحس الأمني الرفيع لأبي بكر الصدّيق في مواقف كثيرة منها حينما حين أجاب السائل: مَن هذا الرجل الذي بين يديك؟ فقال: هذا هادٍ يهديني السبيل. فظن بأنه يقصد الطريق، وإنما كان يقصد سبيل الخير.
وهذا يدلُّ على حسن استخدام أبي بكرٍ للمعاريض فرارا من الكذب.
علمتني الهجرة
١٥- في موقف علي بن أبي طالب مثال يُحتذى للجندي الصادق المخلص لدعوة الإسلام؛ حيث فدى قائده بحياته، ففي سلامة القائد سلامة للدعوة وفي هلاكه خذلانها ووهنها.
كان من المحتمل أن تهوي سيوف فتيان قريش على رأس علي كرم الله وجهه ولكنه لم يبالِ بذلك في سبيل سلامة رسول الله ﷺ
علمتني الهجرة
١٦- أن محبة الصحابة رضوان الله عليهم للنبي ﷺ في حادثة الهجرة وما تبعها من أحداث بدت واضحة جلية.
لأنها محبة صادقة نابعة من القلب لا تجري وراء مصالح دنيوية زائلة بل محبة تصل بأحدهم إلى أن يقدم نفسه وماله وأهله رخيصا في سبيل إعلاء كلمة الله والذود عن حياض دينه.
علمتني الهجرة
١٧- أن هذا الحب للنبي ﷺ لم يأتِ من فراغ فهو يسهر ليناموا، ويتعب ليستريحوا، ويجوع ليشبعوا، يفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم.
ولذلك مَن اقتفى أثره ﷺ في حياته الخاصة والعامة وشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم وأحسن إليهم، وكان عمله خالصا لوجه الله أصابه شيء من هذا الحب.
علمتني الهجرة
١٨- كان ﷺ مطاردا من المشركين قد أهدروا دمه وأغروا المجرمين منهم بالأموال الوفيرة ليأتوا برأسه حيّاً أو ميتاً، ورغم ذلك لا ينسى مهمَّته ورسالته ودعوته، فقد لقي في طريقه رجلا يقال له بريدة بن الخصيب الأسلمي في ركب من قومه فدعاهم إلى الإسلام فآمنوا وأسلموا.
علمتني الهجرة
١٩- أن العقيدة الإسلامية الصحيحة ودين الإسلام العظيم لهما أهمية بالغة في إزالة العداوات والضغائن والأحقاد بين الناس وفي التآلف بين القلوب والأرواح، ولذلك جمعت بين الأوس والخزرج بعدما طحنتهم الحروب طحنا طوال السنين الماضية وألفت بين قلوبهم في مدة وجيزة جدا.
علمتني الهجرة
٢٠- رأينا ما فعلته العقيدة في نفوس الأنصار فقد استقبلوا المهاجرين بصدور مفتوحة وتآخوا معهم في مثالية نادرة لا تزال مثارَ الدهشة ومضرب المثل، ولا توجد في الدنيا فكرة أو شعار آخر فعل مثلما فعلت عقيدة الإسلام الصافية في النفوس. ولذا سعى أعداء الإسلام لإضعفاها ووهنها.
علمتني الهجرة
٢١- عندما تقابل ﷺ مع طلائع الأنصار الأولى لم يفعل سوى ترغيبهم في الإسلام وتلاوة القرآن عليهم، فلما جاؤوا في العام التالي بايعهم بيعة النساء على العبادات والأخلاق والفضائل، فلما جاؤوا في العام التالي كانت بيعة العقبة الثانية على الجهاد والنصر والإيواء….
علمتني الهجرة
٢٢- إن بيعة الحرب لم تتمّ إلا بعد عامين كاملين، أي بعد تأهيل وإعداد استمرَّ عامين كاملين، وهكذا تمَّ الأمر على تدرُّجٍ ينسجم مع المنهج التربوي الذي نهجت عليه الدعوة من أول يوم وهو (سنة التدرج في الدعوة إلى الله) وهكذا ينبغي أن يكون كل داعية في بيته وأهله ومجتمعه.
#علمتني_الهجرة
٢٣- لقد كانت هجرة النبي ﷺ وأصحابه من البلد الأمين تضحيةً عظيمةً في سبيل الله، عبَّر عنها ﷺ بقوله: «والله! إنك لخير أرض الله، وأحبُّ أرض الله إلى الله، ولولا أنِّي أُخرِجت منك ما خرجتُ»
يالشدة وجع النبي ﷺ وهو يقول تلك الكلمات ولكنه يهون في سبيل إعلاء كلمة الله.
علمتني الهجرة
٢٤- “كانت الهجرة من مكة للمدينة المنورة أعظم حدث غيّر مجرى التأريخ، وغيّر مسيرة الحياة ومناهجها التي كانت تحياها، وتعيش محكومة بها في صورة قوانين ونظم وأعراف وعادات وأخلاق وسلوك للأفراد والجماعات وعقائد وتعبدات وعلم ومعرفة وجهالة وسفه وضلال وهدى وعدل وظلم”
هذا غيض من فيض من الدروس والعبر المستفادة من حادثة الهجرة على صاحبها أفضل الصلاة وازكى السلام جمعتها تحت وسم #علمتني_الهجرة واسأل الله ان يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن ينفع بها