ماذا بعد حلّ البرلمان في الكويت؟ .. سياسيون يجيبون
وهج الخليج – وكالات
مذ اعتمد الكويتيون نظاماً برلمانياً في العام 1962، حُلّ مجلس الأمّة أكثر من عشر مرات، كان آخرها الجمعة عندما أعلن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تعليق مواد دستورية وتولي زمام السلطة.
وتضمّن الأمر الأميري “حلّ مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات”، إضافة إلى تولي “الأمير ومجلس الوزراء الاختصاصات المخولة لمجلس الأمة”.
ـ لماذا اتخذ الأمير هذا القرار؟
حالت الخلافات بين نوّاب والحكومة دون إقرار البرلمان إصلاحات تهدف إلى تنويع الاقتصاد، في حين أدّى العجز المتكرر في الميزانية وضعف الاستثمار الأجنبي إلى تفاقم الأزمات. وعزا الأمير قراره الأخير إلى “تدخّل” بعض النوّاب في صلاحيات الأمير وفرض البعض الآخر “شروطًا” على تشكيل حكومة، مضيفاً “نجد البعض يصل تماديه إلى التدخل في صميم اختصاصات الأمير واختياره لولي عهده متناسياً أن هذا حقّ دستوري صريح للأمير”.
وعلّق الأمير العمل بسبع مواد دستورية أو فقرات وهي: 51، 56، 71، 79، 107، 174، و181. وينصّ أبرزها على أن “السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة”، و”لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدّق عليه الأمير”، ووجوب “إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل. فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يستردّ المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد”.
ويرى الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة الكويت إبراهيم الحمود أن “هذه فترة تصحيحية لتهدئة الأوضاع، لن يكون فيها مجلس أمة ولن تشهد تنظيم انتخابات، لكن غياب الديموقراطية لا يمكن أن يبقى إلى الأبد”. وهي المرّة الثالثة التي تُعلّق فيها الحياة السياسية في الكويت، وفق الحمود، إذ شهدت الكويت إعلان الإجراءات نفسها وفي ظروف مشابهة في العامين 1976 و1986.
ـ ما أصل الأزمة؟
جاء قرار الحلّ قبل أربعة أيام من موعد افتتاح أعمال مجلس الأمة الذي انتُخب مطلع أبريل الماضي وبعدما رفض نواب المشاركة في الحكومة. غالباً ما يكون سبب حلّ البرلمان مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تتصل بالفساد. ويمنح الدستور الكويتي كل نائب في مجلس الأمة حق استجواب الوزراء ورئيس الحكومة، كما يشترط وجود نائب على الأقلّ في الحكومة.
ولم يتمكّن رئيس الوزراء المكلّف الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح من تشكيل فريقه الحكومي منذ تعيينه منتصف أبريل الماضي، بسبب رفض النواب الحقائب الوزارية التي عرضها عليهم، منهم بسبب عدم الرضا عن الحقائب المطروحة، والبعض لتخوّفهم من أن تكون حكومة موقتة قد يخسرون مقاعدهم النيابية في حال انضموا إليها.
ويقول الحمود لوكالة الأنباء الفرنسية “أفرط مجلس الأمّة في استخدام أداة الاستجواب والتهديد بها، بينما عزف النوّاب عن المشاركة في الحكومات التي أصبحت موقتة وتحت رحمة البرلمان، ما منعها من تحقيق برنامج عملها”. ويشير الخبير الدستوري إلى أن “الأمير رأى أن المصلحة العامة والاستقرار أصبحا في خطر”، مشيرا الى “تراجع إلى الوراء في الكويت ومناداة بالقبيلة والمذهب والأصول، وهذا لا يستقيم مع الدولة الحديثة”.
ويعتبر الخبير في شؤون الخليج بمعهد “بايكر” للسياسات العامة التابع لجامعة “رايس” الأميركية كريستيان اولريخسن إن الأمير مذ كان ولياً للعهد حذّر من أنه “إذا لم يتغير الوضع، فقد تكون هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير قوية و+العودة+ إلى أساليب الحكم السابقة، واعتبر الكثيرون في ذلك الوقت، ذلك تهديداً لتعليق الحياة البرلمانية”.
ـ ماذا بعد حلّ البرلمان؟
ستشهد الفترة المقبلة، وفق ما جاء في كلام الأمير مراجعة لكافة جوانب المسيرة الديموقراطية، بما فيها الدستور. ويلفت أولريخسن إلى أن عمل البرلمان عُلّق مرتين سابقاً لفترات طويلة بين عامي 1976 و1981 ومرة أخرى من العام 1986 إلى العام 1992 “وفي كلتا الحالتين السابقتين، كانت هناك ضغوط شعبية وسياسية لإعادة البرلمان، وقد يكون هذا هو الحال هذه المرة أيضاً”. ويصف الأستاذ المساعد للتاريخ في جامعة الكويت بدر السيف خطوة الأمير ب”التاريخية”. ويتحدّث عن موقفين متباينين ظهرا في الكويت عقب القرار “رحّب القوميون الراديكاليون في الكويت والمنطقة وبعض المواطنين بهذه الخطوة التي طال انتظارها بسبب الأزمات المتكررة والعراقيل في النظام السياسي. وإلى جانبهم، هناك شخصيات محلية غير سياسية تتطلع إلى انتعاش اقتصادي سريع وتنمية شاملة في الكويت”. بينما “هناك فريق آخر يشعر بالأسف لتراجع الديموقراطية مع تعليق بعض مواد الدستور” على ما يضيف.
غداة إعلانه حل مجلس الأمّة، تلقّى أمير الكويت اتصالاً من الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان أعرب خلاله عن “وقوف دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب دولة الكويت بالنسبة لكافة الإجراءات والقرارات التي اتخذتها للحفاظ على استقرارها”، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا).
وزاد الاتصال من تكهّنات بعض المراقبين الذين أبدوا “تخوّفاً” على الديموقراطية الخليجية الوحيدة، ومن أن تخسر هذا الامتياز لتلتحق بركب جيرانها. لكن أولريخسن يقول “على الكويتيين التغلّب على الانقسام العميق الذي ميّز السياسة في السنوات الأخيرة”، مضيفاً أن نظام الكويت يتيح للأمير ممارسة سلطته السياسية “ومن غير المرجح أن يتغير هذا بأي شكل من الأشكال”.