السودان: الموسم الزراعي مهدد جراء خطر المجاعة
وهج الخليج – وكالات
تحذر الأمم المتحدة من أن “التحرك الآن أمر ملح” في السودان حيث يقترب موسم البذر، فيما باتت العديد من المزارع مهجورة إثر “أكبر أزمة نزوح في العالم” نجمت عن الحرب المستمرة منذ عام بين الجنرالين المتصارعين على السلطة.
يؤكد مدير مكتب الطوارئ والصمود التابع لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) رين بولسن لوكالة الأنباء الفرنسية أن “هناك جماعات معرضة لخطر المجاعة في كل أنحاء السودان”. ويضيف أن “الوضع حرج بصفة خاصة في دارفور (غرب) وفي كردفان (جنوب)”. ويوضح مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إدي رو أن كمية الغذاء المتوافرة في دارفور، حيث يعيش ربع ال48 مليون سوداني، “أقل بنسبة 78% على الاقل عما كانت عليه العام الماضي”.
مطلع الألفية الثالثة، أرسل الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطيح اثر انتفاضة شعبية في 2019، ميليشيا الجنجويد الى دارفور حيث مارست سياسة الأرض المحروقة ضد متمردي الاقليم الذين حملوا السلاح احتجاجا على التهميش.
واليوم أصبحت هذه الميليشيا جزءا من قوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو الذي يخوض منذ 15 ابريل 2023 حربا في مواجهة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان. وبات قصف المدنيين وتدمير البنى التحتية والاغتصاب والنهب والتهجير القسري والقرى المحروقة، جزءا من الواقع اليومي للسودانيين. مطلع مارس، حذر برنامج الأغذية العالمي كذلك من أن الحرب في السودان “يمكن أن تتسبب بأكبر أزمة جوع في العالم”.
ولم يعد القطاع الزراعي، الذي كان يوفر أكبر عدد من فرص العمل في السودان ويعد مخزن حبوب إفريقيا، سوى أراض محروقة. ويؤكد رو لوكالة الأنباء الفرنسية أن “60% من السودانيين يعتمدون على الزراعة لكسب الرزق، ولكن مع نشوب الحرب هجرت عائلات عديدة مزارعها”. في ولاية الجزيرة المعروفة بخصوبة تربتها، خرج 250 الف هكتار من الأراضي الزراعية من الخدمة ما أدى الى انخفاض بنسبة 70% في انتاج السودان من القمح الذي كان يبلغ 800 الف طن سنويا.
المشكلة نفسها يواجهها حامد علي المزارع في قرية قريبة من مدني عاصمة ولاية الجزيرة والذي صرح لفرانس برس: “نحن لا نستطيع الخروج من القرية، فكيف نصل الى مزارعنا لنحضرها للموسم الزراعي؟”. ويؤكد محمد عبد الباقي المزارع بمشروع الجزيرة أنه لا يستطيع كذلك “الوصول الى الاسواق لشراء البذور أو الاسمدة أو الوقود للآلات الزراعية، بل لا نستطيع الوصول الى أرضنا وإن لم تتوقف هذه الحرب لن نزرع”. في مختلف أنحاء السودان، لايزال 37% فقط من الأراضي مزروعة، وفق مركز الأبحاث “فكرة” بسبب هذه الأوضاع.
أسفرت الحرب، التي يمكن أن تستمر سنوات وفق الخبراء، عن سقوط آلاف القتلى وعن نزوح 8.5 ملايين شخص، وفق الأمم المتحدة. كما أدت الى معاناة 18 مليون سوداني من نقص الغذاء الحاد، من بينهم خمسة ملايين على حافة الجوع.