من الهند وباكستان إلى أميركا.. انتخابات حاسمة في 2024
وهج الخليج – مسقط
تشهد عشرات الدول التي يصل تعداد سكانها مجتمعة إلى أكثر من أربعة مليارات نسمة، أي نحو نصف سكان الكرة الأرضية، انتخابات على مدار العام الجديد، حيث يعتقد الدكتور جيمس لنزي، النائب الأول لرئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي بواشنطن، ومدير الدراسات، وأستاذ كرسي موريس جرينبيرج بالمجلس، أن هناك 10 دول من المقرر أن تجري انتخابات في 2024 تستحق المتابعة والتركيز عليها، حيث حددت مواعيدها بالفعل، ومتى سيتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع. ولم يتم بعد تحديد موعد إجراء التصويت على نحو دقيق في حالات أخرى.
وربما تشهد قائمة انتخابات 2024 تزايدا، حيث أشار رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك إلى أنه من المرجح أن يدعو إلى انتخابات في مرحلة ما من العام الجديد، بدلا من الانتظار حتى عام 2025 لإجراء انتخابات جديدة. وربما يشهد العام انتخابات جديدة لم تكن مقررة سلفا، حال سقوط حكومات، بسبب مناورات برلمانية معتادة، أو احتجاجات الشوارع، أو ربما حدوث انقلابات.
* 7 يناير: الانتخابات العامة في بنجلاديش
يتوقع لنزي، وهو حجة في السياسة الخارجية، والداخلية المتعلقة بها في الولايات المتحدة، أن أولى الانتخابات المقررة في 2024 قد تكون أكثرها إثارة للجدل. ويقول إن رئيسة وزراء بنجلاديش، الشيخة حسينة، هيمنت وحزب رابطة عوامي الحاكم على مقاليد السياسة في البلاد طوال 15 عاما. وقد تسببا خلال تلك الفترة في تآكل الديمقراطية على نحو متزايد. وبحسب منظمة فريدوم هاوس، فإن حزب رابطة عوامي “نجح في تعزيز سلطته السياسية عبر التضييق المستمر على المعارضة، والذين يعتبرون متحالفين معها، وأيضا على وسائل الإعلام والأصوات المنتقدة من المجتمع المدني’. وركز الحزب القدر الأكبر من اهتمامه على قمع حزب بنجلاديش الوطني، المعارض، الذي تشير تقديرات إلى أن الحكومة وجهت لنحو نصف أعضائه، الذين يبلغ عددهم نحو 5 ملايين، اتهامات بارتكاب جرائم من نوع ما. وتقبع معظم قيادات الحزب في السجن. ورد الحزب بدعوة أنصاره إلى مقاطعة الانتخابات.
ـ 13 يناير: الانتخابات الرئاسية في تايوان
يقول لنزي إن المنافسة بين ثلاثة من عمداء المدن السابقين على رئاسة تايوان، قد تؤدي إلى عواقب جيوسياسية واسعة. وبمقتضى القانون، لا يحق للرئيسة تساي إنج وين، التي تكمل ولايتها الثانية حاليا، الترشح لفترة ثالثة. والسؤال المطروح هو: من يخلفها؟ وينصب الرهان على لا تشينج ته، نائب الرئيسة وزميلها في الحزب التقدمي الديمقراطي، والذي شغل في السابق منصب عمدة مدينة تاينان، رابع أكبر مدن تايوان . ويخوض المنافسة أيضا هو يو ـ إيه (حزب الكومينتانج)، وكو وين جي (مؤسس حزب شعب تايوان). وكان هو العمدة السابق لمدينة تايبيه الجديدة، في حين شغل كو منصب عمدة مدينة تايبيه المجاورة، العاصمة. وسعى حزبا الكومينتانج، وشعب تايوان، الشهر الماضي إلى تعزيز فرصهما في حرمان لاي من الوصول للرئاسة عبر اتفاق لخوض الانتخابات بقائمة مشتركة. ولكن الصفقة سرعان ما انهارت.
وجاء هذا التطور الأخير ليشكل خيبة أمل للصين، التي تنظر للحزب الديمقراطي التقدمي كونه تهديدا لسياسة ‘صين واحدة’ التي تنتهجها، رغم أنه، مثل الكومينتانج وحزب الشعب التايواني، يعارض الدعوات الموجهة لتايوان لإعلان استقلالها. وجمدت بكين الاتصالات الرسمية مع الحزب الديمقراطي التقدمي بعد فوز تساي في عام 2016، ولم تتراجع منذ ذلك الحين.
8 فبراير: الانتخابات العامة في باكستان
في بعض الأحيان، يتم تأجيل الانتخابات، وباكستان مثال على ذلك. وقد دعا رئيس وزراء باكستان الحالي شهباز شريف في أغسطس الماضي إلى حل البرلمان، ويتعين إجراء انتخابات جديدة في غضون تسعين يوما من ذلك. ولكن لجنة الانتخابات في باكستان أرجأت الانتخابات، إلى يناير 2024، ثم إلى فبراير، وقالت إنها بحاجة لمزيد من الوقت للإعداد للعملية.
أما السبب الأكبر، أو الرئيسي وراء التأجيل، فإنه يكمن في أن باكستان غارقة في اضطرابات سياسية منذ قرابة عامين. وفي أبريل 2022، أطاح البرلمان برئيس الوزراء آنذاك عمران خان، نجم الكريكيت السابق، في تصويت بسحب الثقة. ولكن عمران خان لم يستجب، بل قاد احتجاجات تهدف إلى إجبار خليفته شريف على مغادرة رئاسة الحكومة. وسرعان ما وجد خان أن الجيش يمارس عمليات قمع بحق أنصاره.
ويخلص لنزي إلى أنه أيا كان رئيس وزراء باكستان المقبل، فإنه سيواجه ملفات عصيبة، بعدما تحاشت باكستان تخلفا كارثيا عن سداد ديونها الخارجية في وقت سابق العام الجاري، وقد وصل معدل التضخم إلى 30%، وصار انقطاع التيار الكهربائي أمرا شائعا في أنحاءها.
ـ 14 فبراير: الانتخابات العامة في إندونيسيا
يرى لنزي أن إجراء الانتخابات يعد إنجازا لوجستيا ضخما، تحت أي ظروف، ويضيف أن إجراء انتخابات في يوم واحد ببلد عدد سكانه 275 مليون نسمة، يعيشون في 17 ألف جزيرة، أمر صعب أن يتخيله أحد. ويحظر الدستور على رئيس إندونيسيا الحالي جوكو ويدودو (جوكوي) الترشح لولاية ثالثة. وهناك ثلاثة مرشحين رئيسيين لخلافته: برابوو سوبيانتو، وجانجار برانوو، وأنيس باسويدان.
ويعد برابوو المرشح الأوفر حظا، وهو فريق متقاعد من الجيش وكان صهر ديكتاتور إندونيسيا سوهارتو، وجرى تسريحه من الخدمة على نحو غير مشرف عقب الإطاحة بسوهارتو في عام 1998، كما أنه مُنِعَ من دخول أمريكا لمدة عقدين على خلفية انتهاكات حقوقية، وهذه هي المرة الثالثة التي يترشح فيها للرئاسة، بعدما خسر في جولتين أمام جوكوي، ويشغل منصب وزير الدفاع منذ عام 2019.
ـ أبريل ـ مايو: الانتخابات الوطنية في الهند
تحفل الانتخابات الوطنية الهندية بعجائب الديمقراطية، حيث يبلغ تعداد سكانها4ر1 مليار نسمة، يتحدثون أكثر من 100 لغة، وهم يستخدمون صناديق الاقتراع، وليس السلاح أو امتياز الأسرة الحاكمة، لتحديد من يحكم الهند.
ومن المقرر أن ينتخب الهنود في العام الجديد أعضاء البرلمان الوطني (لوك سابها) الثامن عشر. ثم يقوم الحزب، أو الائتلاف صاحب الأغلبية في لوك سابها باختيار رئيس الوزراء. وثمة احتمال جيد بفوز رئيس الوزراء الحالي، ناريندرا مودي وحزبه بهاراتيا جاناتا، بالانتخابات للمرة الثالثة على التوالي، ومن ثم تجنب الحاجة إلى الدخول في ائتلاف من أجل الحكم. وفاز بهاراتيا جاناتا بالانتخابات في ثلاث ولايات هندية في وقت سابق الشهر الجاري، أي أن رسالة الحزب لا تزال تلقى صدى لدى الناخبين. وتظهر استطلاعات الرأي أن نحو ثمانية من بين كل عشرة هنود يوافقون على أداء مودي في منصبه، وهي نسبة يتمنى أي رئيس دولة ديمقراطي الحصول عليها. ويقول لنزي إن نجاح مودي يعكس عوامل كثيرة.
ـ 2 يونيو: الانتخابات الرئاسية في المكسيك
من المنتظر أن تشهد المكسيك تولي أول امرأة مقاليد الرئاسة، في الانتخابات المقررة في يونيو المقبل. ولا يحق للرئيس الحالي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور (أملو) الترشح لولاية جديدة، بحسب الدستور، حتى لو كانت نسبة التأييد له 66%، تجعل منه موضع حسد للقادة المنتخبين في أنحاء العالم. ورشح حزب مورينا الحاكم، بزعامة أملو، كلوديا شينباوم لخوض الانتخابات. وشينباوم هي عمدة مدينة مكسيكو السابقة وحليفة قديمة لأملو، ولذلك لم يكن من المستغرب أن تتعهد بتحمل “المسؤولية الكاملة” عن مواصلة سياسات الرئيس الحالي. أما أحزاب المعارضة الرئيسية في المكسيك، فقد تجمعت تحت راية “الجبهة الواسعة من أجل المكسيك” واختارت زوتشيتل جالفيز مرشحة لها. وجالفيز عضوة سابقة في مجلس الشيوخ عن حزب العمل الوطني (يمين الوسط). وتحظى شينباوم حاليا بتقدم مريح في استطلاعات الرأي، وليس هناك شك في أنها استفادت من شعبية أملو. كما يمكنها الإشارة إلى العديد من النجاحات التي حققها أملو، وفي مقدمتها خفض معدل الفقر، ونمو الاقتصاد بأكثر من 3%، وتباطؤ معدل التضخم. غير أن الجريمة والعنف، اللذين يرتبط معظمهما بعصابات المخدرات، لا يزالان يشكلان معضلة كبيرة. ويقول لنزي إنه أيا كان من سيخلف أملو في رئاسة المكسيك اعتبارا من ديسمبر 2024، المقبل، فإنه ينتظره أعمال شاقة.
ـ 6 ـ 9 يونيو: انتخابات البرلمان الأوروبي
لا ينافس البرلمان الأوروبي، أو برلمان الاتحاد الأوروبي، برلمانات الدول الأعضاء التي تتولى السلطة في بلادها، وهو المؤسسة الأضعف ضمن المؤسسات الحاكمة في التكتل. ورغم ذلك، يتمتع البرلمان بسلطة منفردة مهمة، ألا وهي أنه يملك الكلمة الفصل في اختيار الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية، القوة الحقيقية للاتحاد الأوروبي. ولم تفصح رئيسة المفوضية الحالية، أورسولا فون دير لاين، بعد عما إذا كانت تعتزم الترشح لولاية ثانية مدتها خمس سنوات في المنصب، من عدمه. ومن المقرر أن يختار ناخبو الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي 720 برلمانيا لولاية تمتد من عام 2024 وحتى عام 2029. ويزيد هذا العدد بنحو 15 عضوا عن البرلمان الحالي. وتصوت كل دولة عضو على قائمتها الخاصة من أعضاء البرلمان الأوروبي. يشار إلى أن الحد الأدنى للتصويت هو 16 عاما (النمسا وألمانيا ومالطا)، رغم أنه في معظم الدول الأعضاء 18 عاما. ويحق لأكثر من 400 مليون أوروبي المشاركة في التصويت، وهو ما يجعل انتخابات البرلمان الأوروبي ثاني أكبر انتخابات في العالم بعد الانتخابات الهندية.
ـ 9 يونيو: الانتخابات في بلجيكا
بالإضافة إلى إنتاج أفضل أنواع الشوكولاتة في العالم، تمتلك بلجيكا بعضا من أكثر السياسات المثيرة للاهتمام، حيث تحتل المملكة الرقم القياسي في موسوعة جينيس العالمية لأطول فترة دون تشكيل حكومة: ففي أعقاب الانتخابات العامة التي شهدتها بلجيكا في يونيو عام 2010، استغرق الأمر 541 يوما، أي قرابة 18 شهرا، حتى تتمكن من تشكيل الحكومة.
ويرجع قدر كبير من التعقيد الذي تتسم به السياسة في بلجيكا إلى الانقسام بين المجموعتين اللغويتين الرئيسيتين في بلجيكا ، “الفلمنكيين”، الذين يتحدثون اللغة الهولندية ويشكلون 60% من السكان، و”الوالونيين”، الذين يتحدثون الفرنسية ويشكلون 40%. وهناك كذلك مجتمع صغير ناطق بالألمانية يحظى باعتراف رسمي.
ويهيمن كل من الفلمنكيين والوالونيين على منطقة مختلفة من بلجيكا ، وهم يعيشون معا على نحو يتسم بالتوتر منذ تأسيس بلجيكا في عام 1830 بعد الانفصال عن هولندا. ومن المقرر أن يختار الناخبون في بلجيكا في يونيو المقبل أعضاء البرلمانات الإقليمية والفيدرالية والأوروبية. وربما يقررون من خلال ذلك، دون قصد، إذا ما كان الأمر سينتهي ببلادهم إلى أن تصبح نسيا منسيا في التاريخ. ويتصدر حزب “فلامس بيلانج” اليميني المتطرف حاليا استطلاعات الرأي في فلاندرز (الجزء الشمالي الناطق بالهولندية من بلجيكا). ويقول زعيم الحزب توم فان خريكين إن بلجيكا مرتبطة “زواج قسري”، ويسعى إلى طلاقها.
ـ 5 نوفمبر: الانتخابات العامة في الولايات المتحدة
يعتقد النائب الأول لرئيس ومدير الدراسات الأمريكي لنزي أنه لن تكون هناك انتخابات مقررة في العام الجديد أكثر أهمية من الانتخابات العامة في الولايات المتحدة. ويشمل الاستحقاق الأمريكي انتخابات رئاسية، وانتخاب ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وكامل أعضاء مجلس النواب. ومن المنتظر أن يكون السباق الرئاسي مشهدا مكررا لما جرى في 2020، حيث يتنافس الرئيسان، الحالي جو بايدن، والسابق دونالد ترامب. وحال فاز ترامب، فإنه ينضم بذلك إلى جروفر كليفلاند باعتباره الرئيس الأمريكي الوحيد الذي تولى فترتين رئاسيتين غير متتاليتين. ويقول لنزي إن السباق بين بايدن وترامب لن يجذب اهتماما كبيرا لإنه يوفر مادة دسمة لبطولات تافهة، ولكن بسبب المخاوف من أنه قد يؤدي إلى زوال الديمقراطية الأمريكية وقلب النظام العالمي رأسا على عقب.
وأثار إصرار ترامب على رفض البراهين التي تشير إلى أن انتخابات 2020 لم تسُرَق منه، وإشارته إلى ‘الانتقام’ من الذين عارضوه، تحذيرات من أنه يعتزم وضع الولايات المتحدة على ‘الطريق إلى الديكتاتورية’. وقد كانت هجماته المستمرة على حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وعلى نحو مماثل ، واستخفافه بالتغير المناخي، ووعوده باستخدام الرسوم الجمركية لوضع “طوق حول الاقتصاد الأمريكي” سببا في إثارة تكهنات بأن فترة ولايته الثانية من شأنها أن تقلب السياسة العالمية رأساً على عقب. ويشرح لنزي أن قدرة ترامب أو بايدن على مضي كل منهما قدما في جدول أعماله سيعتمد إلى حد كبير على ما يحدث داخل الكونجرس. ويبدو أن الجمهوريين جاهزون لاستعادة السيطرة على مجلس الشيوخ. وعلى العكس من ذلك، يمكن للديمقراطيين استعادة الهيمنة على مجلس النواب.
ـ الانتخابات العامة في جنوب أفريقيا: لم يحدد موعدها بعد
يعرب لنزي عن اعتقاده في أن تحقيق الديمقراطية أسهل من الحفاظ عليها، ويرى أن الانتخابات المقبلة في جنوب أفريقيا قد تثبت هذه الفرضية. ويعد انتقال جنوب أفريقيا من نظام الفصل العنصري إلى ديمقراطية فاعلة يعد معجزة في نواح كثيرة. ويعود الفضل في القسط الأكبر من هذا النجاح إلى الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، الذي قاوم إغراء اعتناق الاستبداد، على النقيض من الكثير من الزعماء الثوريين الآخرين. ولكن ما جرى على مدار سنوات طويلة هو أن حكومة جنوب أفريقيا لم تحقق النتائج التي توقعها الناخبون، وقد بدا زعماء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي- الذي هيمن على السياسة في جنوب أفريقيا طوال ثلاثة عقود- أكثر اهتماما بإثراء أنفسهم من حل مشكلاتها. وقد تؤدي انتخابات 2024 إلى إيقاف هذا التدهور، وربما حدث النقيض وتسارعت وتيرته. ومن المقرر إجراء الانتخابات بمقتضى قواعد انتخابية جديدة من شأنها تسهيل تحدي الوضع الراهن ـ ضمن أمور أخرى ـ حيث أصبح يمكن للمرشحين المستقلين الآن الترشح للمناصب.