محافظة مسقط تستعرض الفرص الاستثمارية والتقنية والابتكار في حوارها مع الشباب
وهج الخليج – مسقط
استكمالًا لسلسلة الحوارات السابقة، محافظة مسقط تستأنف اليوم الأربعاء جلسات مسقط الحوارية 2023، مركزةً في يومها الثاني على محوري الفرص الاستثمارية، والتقنية والابتكار، حيث يأتي تنظيم هذه الجلسات ترجمةً للتوجيهات السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه –؛ سعيًا لتحقيق شراكة مجتمعية، وذلك بإشراك المجموعات والشرائح المستهدفة من المجتمع في لقاءات حوارية لتحديد المشاريع والأفكار ذات الأولوية لكل محور، والنظر في تنفيذها وفقًا لرؤية عُمان 2040، وإستراتيجية ورؤية المحافظة.
أهداف ومرتكزات:
تهدف جلسات مسقط الحوارية إلى تقديم تصورٍ واضحٍ ومحدد بالمقترحات والأفكار والإسهام في تحديد الأولويات، إضافةً إلى أن هذه اللقاءات تعد فرصةً لجمع أبناء ولايات محافظة مسقط، وتعزيز ثقافة المشاركة العامة والمجتمعية لتبادل المعرفة والأفكار والخبرات بينهم، وتقليل تكرار الأفكار، فضلًا عن تعزيز التنسيق بين الجهات الحكومية والإدارية المختلفة والمؤسسات الخاصة، ومبدأ الشراكة بين القطاعات المختلفة، كما تعد الجلسات مؤشرًا في الطريق الصحيح لوضع الأفكار المجتمعية بمعيّة الجهود المؤسسية على خارطة التطوير المستدام في تجويد الخدمات، والتخطيط للمشاريع، مما يعزز الرضا المجتمعي ويُمكّن المؤسسات من تبنّي ثقافة الحوار القائم على التشاور، وعقد الجلسات المجتمعية المثرية.
التقنية والابتكار:
وضمن محور التقنية والابتكار الذي اشتمل على موضوعين، تمثل الموضوع الأول حول بند التقنية؛ استعرض فيه الفاضل/ أحمد بن عبدالله البلوشي ــ رئيس قسم البرامج والمشاريع في وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات عدة موضوعات، تمثلت في: برنامج الاقتصاد الرقمي والبرامج التقنية، مثل التحول الرقمي، والتجارة الإلكترونية، وبرامج الذكاء الاصطناعي، وبرامج الأمن السيبراني والبنى الأساسية وبرامج التكنومالية، كما تم التطرق لأفضل الممارسات التقنية المحلية في المجال التقني، إلى جانب عدد من التجارب العالمية الناجحة في ذات المجال، مثل: برامج الواقع المعزز، والذكاء الاصطناعي التوليدي، إضافةً إلى استعراض أبرز التوجهات المستقبلية في قطاع التقنية، مثل الحوسبة السحابية والحوسبة الكمية .
الاقتصاد المعرفي:
كما تضمن البند الثاني من ذات المحور موضوع الابتكار، الذي قدم فيه الفاضل/عادل بن إبراهيم الفزاري – أخصائي برامج أول بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، استعرض فيه موضوعات عدة جاءت من منطلق الرؤية العامة المتمثلة في الاقتصاد القائم على المعرفة، وتناول خلال الجلسة النقاشية المنظومة الوطنية للابتكار، وهي المظلة التي تُعنى بكافة الأساسيات والممكنات بما فيها البحث العلمي وبما تحويه من سياسات متمثلة في الإرادة السياسية، والذي يجسدها النظام الأساسي للدولة باعتباره القوة الدافعة لبرامج الابتكار، إلى جانب استعراض عدد من البرامج تنوعت ما بين برامج موجهة للقطاع الأكاديمي وبرامج موجهة للقطاع الصناعي وبرامج موجهة للقطاع الحكومي، مع التأكيد على توفر عدد من الممكنات المتمثلة في البنية الأساسية والرقمية، والتركيز على بناء القدرات. وتم خلال الجلسة تقديم عدد من التصورات والمقترحات والأفكار من جانب الشباب المرتبطة بالابتكار والإبداع.
الفرص الاستثمارية:
واستكملت جلسات مسقط الحوارية محاور النقاش في مختبرات الشباب والمختصين والأكاديميين المشاركين ضمن محاور جلساتها لليوم الثاني، حيث جاء محور “تعزيز الفرص الاستثمارية: ضمن باكورة العمل الحواري الذي سعت محافظة مسقط إلى إثرائه مع المشاركين؛ لاستلهام الأفكار والمقترحات الداعمة لبرامج ومشاريع المحافظة، وقدم عباس بن عبدالفتاح اللواتي – رئيس تطوير الاستثمار في البرنامج الوطني للاستثمارات وتنمية الصادرات “نزدهر” عرضًا حول منهجية اختيار الفرص الاستثمارية للتأطير وفق برنامج “نزدهر” وخطوات الاختيار وأولوياته، وما إلى ذلك من المتطلبات الأساسية للتأطير من مختلف القطاعات، مع التطرق للنماذج المعدة من قبل البرنامج والفريق المشرف على دراسة الفرص، إضافةً إلى منهجية التسويق المتبعة لاستقطاب الفرص الاستثمارية وجذب المستثمرين.
وقد أشار اللواتي إلى أن فريق تأطير الفرص الاستثمارية هو فريق مشكل من محللين مختصين في العمل على الدراسات والتحاليل المالية، مهمته القيام بجمع المعلومات للفرص الاستثمارية المتاحة من مختلف الجهات، ومن ثم إجراء دراسات الجدوى الأولية، وعمل البحوث الاقتصادية والمالية؛ بهدف تطوير الفرص وعرضها على المستثمرين، بما يراعي الطبيعة الاقتصادية للفرصة التي يتم استخراجها أو الإيعاز بها من قبل الجهات التي تمتلك موارد قابلة للاستثمار.
منهجية نزدهر:
أما حول منهجية اختيار الفرص، فقد ذكر اللواتي بأن المنهجية تستند على مصادر وضع خطة البرنامج وبما يتوافق مع الإستراتيجية الوطنية للاستثمار، وقطاعات التنويع الاقتصادي التي تم رصدها للجاهزية ومن أهمها: المختبرات والعيادات والورش القطاعية مثل (قطاع الأمن الغذائي، والصحة، والرياضة والصناعات التحويلية)، علاوةً على الاستناد على القطاعات ذات الأولوية والأثر الاقتصادي المأمول.
واستكمل عباس اللواتي حديثه بذكر الخطوات التي يتم تأطير الفرص من خلالها، والتي ترتكز أولاً على تحديد الجوانب الأولية اللازمة للمشروع التي تحتاج إلى بدء التحليل المالي، وكذلك تحديد نموذج الاستثمار، ومن ثم تحديد وحدة قياس الاستثمار (ما هو أهم مقياس للمشروع)، مع البحث في المقارنات المتاحة (المعايير القياسية)، يليها تقديم جميع المعلومات المتاحة التي ُتدعم من مصادر موثوقة، وحينها يتم البدء بتطبيق الافتراضات باستخدام المعايير المختصة، كما يعمل الفريق المعني بعقد جلسات تحدٍّ بين أعضاء الفريق؛ لمعرفة جاهزية الفرصة من كافة الجوانب المالية والممكنات المطلوبة، وتُعدّ من بعدها المسودة الأولية للفرصة الأولية، وبالنهاية إكمال التحليل المالي لتقديم أرقام مالية مثل التكاليف الرأسمالية المقدرة، والإيرادات المقدرة، ونسبة التكاليف التشغيلية مقارنةً بالإيرادات والربح ومعدل العائد الداخلي.
احتواء الفرص:
وحول كيفية احتواء الفرص ودراستها فقد قال عباس اللواتي: “يقوم الفريق المختص في برنامج “نزدهر” بتمحيص الفرص التي ترفد من قبل الجهات المختلفة بدءًا من استلامها من قبل فريق تطوير القطاعات أو بتسليمها من قبل المستثمر في برنامج “نزدهر” ومن ثم يتم دراستها؛ لتقييم المخاطر والتوصيات والوقوف على حقائق واقعية يتم استقراؤها من دراسات الجدوى للمشروع أو الفرصة المطروحة، ويتم من بعدها عمل ملف استثماري للفرصة، يضم المعلومات التفصيلية لجدوى الاستثمار في الفرصة المطروحة، وتبدأ من بعدها عملية البحث عن مستثمر الترويج للفرصة ووضع خطة استهداف عبر المنصات التسويقية المخصصة من داخل وخارج سلطنة عُمان، وفي حال الانتهاء من الخطوات السابقة يتم نقل المشروع بعد الحصول على مستثمر إلى القطاع المعني بالفرصة لاستكمال بقية الإجراءات والخطوات التي تُهيئ للفرصة الاستثمارية مسارها إلى الواقع وحيز التنفيذ”.
وفي هذا الإطار، تم ضمن الجلسة الحديث عن النماذج المعدة لبيانات تأطير الفرص الاستثمارية، وبعض المشاريع التي تبناها فريق “نزدهر” من بعض الجهات ذات العلاقة، ومنها مشروع (استزراع الصفيلح العُماني) المتعلق بقطاع الأمن الغذائي، والذي يتمثل في إقامة مزارع استزراع بمحافظة ظفار وتصديرها للأسواق الخارجية، وقد استهدف المشروع إدخال منتجات ذات قيمة مضافة للمشروع. وفي السياق ذاته، استعرض مشروع إنشاء المجمع الطبي الرياضي كأحد الفرص الاستثمارية التي تم تأطيرها في البرنامج بعد مرورها بخطة دراسة الجدوى ودراسة الأثر المالي والعائد المتوقع، حيث يعد المشروع هو الأول من نوعه بسلطنة عُمان، ويرتبط بعدة جهات ذات علاقة، منها: وزارة الثقافة والرياضة والشباب، واللجنة الأولمبية العُمانية، ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ووزارة العمل.
شراكة معرفية:
وقياسًا على ذلك، فإن إشراك الشباب المختصين والأكاديميين في نقاش محور الفرص الاستثمارية ضمن جلسات مسقط الحوارية يعد بمثابة المشاركة المجتمعية التي تفضي إلى استخراج ما يمكن للمحافظة من تبنيه أو وضع منهجية مناسبة لإدخاله ضمن أولوياتها، وبما يتناسب مع الوضع الإداري والمالي والاختصاصي لمحافظة مسقط. من جانب آخر، فإن “برنامج نزدهر” كأحد أهم الأذرع الاستشارية والتخصصية يعد شريك أساسي في بلورة الفرص والأفكار القابلة للتنفيذ، واستقطاب المستثمرين وفق منهجية تتسق مع ممكنات ومحاور رؤية عُمان من جانب، وخطط المحافظة الهادفة لمستقبل مستدام من جانب آخر.
يذكر بأن برنامج “نزدهر” هو أحد البرامج الوطنية المُمكّنة للمؤسسات ومشاريعها ومبادراتها؛ لإدخالها في حيز التنفيذ بعد المرور بخطوات التأطير العملية، وقد تم تأسيس البرنامج في عام 2021 وهو يندرج تحت محور التنمية والاقتصاد برؤية عُمان 2040، يذكر بأن إنشاء صالة “استثمر بسهولة” هي أحد مخرجات الفرص التي درست عبر البرنامج، وتمخضت عن إيجاد مظلة تجمع المستثمرين وجميع ما تتعلق به التراخيص للأنشطة التجارية، وبيئة الأعمال.
وفي ختام مناقشات محاور الجلسات الحوارية لليوم الثاني، أبدى معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي محافظ مسقط الموقر وعددٌ من الولاة ونوابهم اهتمامهم بما دار خلال الحلقات النقاشية، حيث تم تبادل الأفكار والرؤى مع المشاركين على طاولة الحوار. من جانب آخر، أثرى المشاركون الجلسات الحوارية بطرحهم المقترحات، وتبادل المعرفة والخبرات التي ستسهم في تحقيق أهداف هذه الجلسات، وتوطين مفاهيم الشراكة المجتمعية القائمة على الحوار واستخراج فضلى الممارسات والأفكار المستدامة. يُذكر أن الجلسة الختامية ستكون يوم الأربعاء المقبل، والتي ستستعرض أبرز النتائج والتوصيات التي أفرزتها المختبرات النقاشية والورش التشاورية وفقًا للمحاور التي تناولتها جلسات مسقط الحوارية.