رسالة مشفق وصيحة نذير
بقلم:عبدالمنعم السعيدي
إلى كل أب وكل أم:
اجعلوا لبناتكم نصيبا من حبكم واهتمامكم وسؤالكم وتفقدكم خاصة إذا خرجن من بيتكم لأماكن دراستهن.
أشبعوها حنانا حتى لا تجده من غيركم، أكثروا من السؤال عنها وتفقد أحوالها حتى لا يتلقفها غيركم، اسقوها من نبع حبكم وأفيضوا عليها من حنانكم وعطفكم حتى لا تجده فيمن يوهمها بمعسول الكلام وكاذب الاهتمام وإغواء الحب الزائف.
فوالله الذي لا إله غيره ما يصلني شخصيا من قضايا يندى لها جبين الحر فوق ما تتخلون وأعظم مما تتصورون.
فكم من ذئب خبيث استطاع إغواء بناتكم في وهم الحب والاهتمام والعطف وهو كذوب يبتغي الإغواء لا غير.
ازرعوا في قلوب بناتكم مخافة الله وليس خوف الوالدين أو العيب أو الفضيحة، فإن امتلأ قلبها خوفا من الله وإجلالا لمقامه هانت عليها لذائذ الدنيا ووقفت كالطود الشامخ لا تحركه عواصف الشهوات ولا تسقطه تيارات المغريات.
ازرعوا في وجدانها قيمة الحياء من الله قبل الحياء من الناس، فإن نبيكم ﷺ يقول: “الحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ”. فمن تشرب قلبها الحياء من الله كان ذلك دافعا لها إلى الخير وحاجزا لها عن الوقوع فيما يغضب الله وما يشين سمعتها بين الناس فإن “الحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ”.
كونوا لبناتكم الأب الحاني والأم الرؤوم والصديق الحميم قبل أن يأخذ غيرُكم مقامَكم ويقوم به نيابة عنكم فيسهل اصطياد ابنتكم بسبب تقصيركم ولات ساعة مندم.
أشيعوا في بيوتكم السكينة والطمأنية والحب والوئام فإن أول ضحايا التفكك الأسري هم أولادكم وبناتكم، فكم من بنت وقعت في مستنقع الرذيلة بسبب ذلكم الصراع اليومي الذي تراه بين أبيها وأمها، بل وصل الحال ببعضهن إلى تعمد سلوك سبيل العلاقات المحرمة انتقاما من قسوة والديها والشقاق الدائم بين أبيها وأمها مما أدى إلى إهمال ابنتهم فسلكت ذلك السبيل حنقا وانتقاما.
يعلم الله أن ما أقوله ليس افتراضا بل واقعا عايشته وسمعته فجئتكم ناصحا ومحذرا ومنذرا قبل غرق السفينة.
إياكم والقسوة فإنها مُذهبة للود وجالبة للصد ومؤذنة بالسخط ومبعدة للقلب، فواخسارة من أوصل أولاده وبناته إلى هذه المرحلة.
ربوا أبناءكم عموما وبناتكم خصوصا بالحب فإن التربية بالحب هي أعظم دواء للقلوب الضمأى لسقيا الحب والود.
اغرسوا في قلوب بناتكم القدوة الصالحة بفعالكم قبل أقوالكم، فإن الأقوال تصدقها الأفعال قال الشاعر:
لا تنهَ عن خلق وتأتي مثله
عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
فإن رأت البنت حشمة أمها وحيائها كان ذلك نبراسا لها في حياتها تحتذي بها، فيا أيتها الأم كوني قدوة لابنتك في أقوالك وأفعالك وخلالك فذلك أبلغ من مقالك
رزقنا الله وإياكم صلاح الذرية
اللهم آمين