الأسبوع القادم سلطنة عمان تستضيف أعمال المؤتمر الوزاري العالمي الثالث رفيع المستوى حول مقاومة مضادات الميكروبات
وهج الخليج – مسقط
تستضيف سلطنة عمان الأسبوع القادم أعمال المؤتمر الوزاري العالمي الثالث رفيع المستوى حول مقاومة مضادات الميكروبات الذي سيقام في فندق كمبنسكي بمحافظة مسقط .
المؤتمر تنظمه حكومة سلطنة عمان ممثلة بوزارة الصحة ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بالتعاون مع المجموعة الرباعية المشكلة من الأمم المتحدة لمتابعة مقاومة المضادات الحيوية (منظمة الصحة العالمية، المنظمة العالمية لصحة الحيوان، برنامج الأمم المتحدة لصحة البيئة ، منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة) ومجلس الصحة لدول مجلس التعاون.
يأتي تنظيم هذا المؤتمر متابعة لنجاح المؤتمرين الوزاريين السابقين ، اللذين عقدا في مملكة نيذرلاندز عامي 2014 و 2019 ، وشاركت فيهما السلطنة بوفد ترأسه معالي وزير الصحة بمشاركة ممثل عن وزير الثروة الزراعية والسمكية وموراد المياه ، وكان لمخرجاتهما أهمية كبيرة في العمل العالمي لمجابهة خطر انتشار مقاومة المضادات الحيوية، وقد أبدت السلطنة أثناء مشاركتها الفاعلة في هذه الاجتماعات ؛ رغبتها في تنظيم واستضافة المؤتمر الثالث، وهو الأمر الذي لاقى ترحيبا كبيرا من الدول والمنظمات المشاركة نظرا لسمعة السلطنة في المبادرات الهادفة التي تصب في مصلحة الإنسان ورفاهيته واستمرار التنمية العالمية.
وتعد إقامة المؤتمر في سلطنة عمان نقلة للمؤتمر ليشمل أقاليم أخرى خارج القارة الأوروبية ونشر للتجربة والاستفادة من الإجراءات التي اتخذت في تلك الدول وساعدت كثيرا على تخفيف من انتشار الميكروبات المقاومة للمضادات وآثارها السلبية على الصحة والاقتصاد .
ونظرا لأهمية هذا الحدث وانعقاده على ارض سلطنة عمان فقد أولت وزارتي الصحة والثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه الاهتمام البالغ بالتحضير المبكر والإعداد الجيد للحدث وتوفير الدعم الكافي للمشاركين وذلك بالتنسيق مع الجهات المسؤولة ، حيث بدأت السلطنة منذ عام تقريبا الاستعداد لتنظيم واستضافة هذا المؤتمر بالتنسيق مع الدول والمنظمات والجهات العلمية ذات الصلة وذلك لضمان ان يكون المحتوى والمخرجات هادفة واضافة مهمة على المستوى المحلى والإقليمي والعالمي لمواجهة مخاطر مقاومة الميكروبات.
وفي هذا الخصوص شكلت لجنة اشرافية للمؤتمر تضم كل من معالي وزير الصحة ومعالي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ومعالي وزير الإعلام وسعادة رئيس هيئة البيئة وأصحاب السعادة: وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية ووكيل الشؤون الصحية بوزارة الصحة ووكيل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه للزراعةللإشراف على إجراءات تنظيم المؤتمر ، وإقرار البرنامج ومخرجات المؤتمر ، والتواصل مع وزراء الدول المشاركة ، وبحث التفاصيل المتعلقة ببيان مسقط كمخرج أساسي للمؤتمر .
كذلك شكلت اللجنة التنظيمية للمؤتمر برئاسة المدير العام لمراقبة ومكافحة الأمراض في وزارة الصحة وممثلين من كل من وزارة الصحة ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ومجلس الصحة لدول مجلس التعاون ، والتي قامت بتنسيق كافة الجهود التنظيمية للمؤتمر ووضع البرنامج والمخرجات ونقاشها مع الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة والجهات الأخرى المشاركة ، فضلا عن اللجان وفرق العمل الفرعية المختصة بالأمور التنظيمية والادارية والاعلامية المختلفة ، والتي تقوم جمعيها بالتجهيز والإعداد لاستضافة الاجتماع وتهيئة عوامل النجاح لأعماله .
برنامج المؤتمر يتضمن عددا من أوراق العمل ، ومناقشات تفاعلية بين المشاركين مع طرح أمثلة واقعية لأفضل الممارسات من مختلف دول العالم.
المؤتمر يعد فرصة لتحفيز الحوار التفاعلي حول أهمية نهج “الصحة الواحدة” للتصدي لوباء مقاومة مضادات الميكروبات ، ومن هنا جاء شعار المؤتمر ليكون’’ مقاومة مضادات الميكروبات: من السياسة إلى إجراءات الصحة الواحدة”، وهو يصبو إلى تسريع وتيرة التعامل مع مقاومة مضادات الميكروبات على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية وتعزيز التعاون الدولي.
ويتوقع أن يشارك في المؤتمر ممثلون عن (50) دولة من دول العالم المختلفة يمثلون صحة الإنسان والصحة الحيوانية والبيئة . كما سيشارك مديرو عموم ورؤساء : منظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، وبرنامج الأمم المتحدة لصحة البيئة ، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ومجلس الصحة لدول مجلس التعاون.
كذلك دعي صانعو السياسات، ونخبة من الخبراء العالميين في المجال من الجانب الصحي والحيواني والبيئة والاقتصاد والزراعة، وممثلين من القطاع الخاص والمجتمع المدني ومؤسسات البحث العلمي والمنظمات العالمية ذات الصلة .
يسعى المؤتمر إلى تحقيق العديد من الأهداف منها: تعزيز أهمية الالتزام السياسي بنهج “الصحة الواحدة” في التصدي لوباء مقاومة مضادات الميكروبات ، تسليط الضوء على دور البيئة في انتشار مقاومة مضادات الميكروبات وأهمية المراقبة والرصد لكل من مقاومة مضادات الميكروبات واستخدام مضادات الميكروبات في المجالات الثلاثة (الإنسان والحيوان والبيئة) ، تبادل الخبرات والتجارب الناجحة في تنفيذ نهج “الحكومة الواحدة” والصحة الواحدة للتخفيف من خطر مقاومة مضادات الميكروبات ، إيجاد فرص للتعاون والشراكة بين البلدان والمنظمات الدولية لمعالجة مقاومة مضادات الميكروبات في سياق أهداف التنمية المستدامة .
هذا ويلاقي موضوع مقاومة المضادات الحيوية اهتماما كبيرا على المستوى الدولي والمحلى، ومن هنا تأتي أهمية المؤتمر للاستفادة من التجارب العالمية، وأيضا وضع تصور الدول للحلول ورفعها للمنظمات الدولية والأمم المتحدة والانتقال من وضع السياسات الى حراك وحوكمة مؤطرة بمؤشرات للمتابعة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
ومن أهم المخرجات المؤمل الخروج بها من المؤتمر: إعلان مسقط بشأن تسريع إجراءات “الصحة الواحدة” حول مقاومة مضادات الميكروبات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030. والموافقة على المؤشرات المقترحة لمتابعة استهلاك المضادات.؛ ومن المؤمل أن يرفع إعلان مسقط للنقاش في الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2024 بشأن مقاومة مضادات الميكروبات ، توصية بشأن إنشاء إطار عالمي لنظام ترصد لمقاومة مضادات الميكروبات يشمل جميع جوانب الصحة الواحدة ، تأمين إدراج مقاومة مضادات الميكروبات في إطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة.
يذكر بأن مقاومة مضادات الميكروبات قضية صحية مستمرة تشكل تحديا لعلاج العدوى في البشر والحيوان ، كما أنها تهدد المكاسب والإنجازات في مجالات الصحة العالمية والأمن الغذائي والنمو الاقتصادي والتنمية.
وأوضحت دراسة علمية حديثة أن مقاومة المضادات تسببت فيما يقدر ب 1.2 مليون وفاة خلال عام 2019. وفي حال لم يتخذ أي إجراء بحلول عام 2050، يمكن أن تؤدي مقاومة مضادات الميكروبات إلى وفاة ما يصل إلى 10 ملايين شخص سنويًا، وإلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي السنوي بنسبة 3.8٪، ودفع ما يصل إلى 28 مليون شخص إلى الفقر بحلول عام 2050.
وتتوقع مجموعة البنك الدولي أنه بحلول عام 2050، ينخفض الإنتاج الحيواني العالمي من 2.6٪ على الأقل إلى 7.5٪ سنويًا نتيجة مقاومة مضادات الميكروبات. كما صنف المنتدى الاقتصادي العالمي مقاومة مضادات الميكروبات كخطر عالمي يتجاوز قدرة أي منظمة أو دولة على إدارته أو التخفيف منه بمفردها.
وقد أحرز بعض التقدم العالمي في معالجة مقاومة مضادات الميكروبات، حيث اعتمدت جمعية الصحة العالمية خطة العمل العالمية بشأن مقاومة مضادات الميكروبات في عام 2015، ثم أقرتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والمنظمة العالمية لصحة الحيوان (OIE) في اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى لعام 2016 بشأن مقاومة مضادات الميكروبات.
وقد التزم قادة العالم بمعالجة مقاومة مضادات الميكروبات ودعوا اللجنة الثلاثية (منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان ومنظمة الصحة العالمية) إلى زيادة الدعم من خلال نهج “الصحة الواحدة”. وطورت معظم البلدان خطط عمل وطنية لمقاومة مضادات الميكروبات؛ ومع ذلك تظل هناك تحديات كبيرة في تمويل وتنفيذ وتوسيع نطاق واستدامة كافة التدخلات الأساسية والفعالة لهذه الخطط.
وفى عام 2019 دعا الأمين العام للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى تقديم الدعم والاستثمار اللازمين بشكل عاجل لتوسيع نطاق برامج التعامل مع مقاومة مضادات الميكروبات على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية، كما أوصى أيضًا بإدراج مقاومة مضادات الميكروبات في إطار التعاون الإنمائي المستدام للأمم المتحدة. وقد تأسست مجموعة القادة العالمية المعنية بمقاومة مضادات الميكروبات في عام 2020 استجابةً للدعوة العاجلة للحوكمة والقيادة العالميين.
ويعد إنشاء مؤشرين من مؤشرات أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بمقاومة مضادات الميكروبات علامة فارقة في إدراك أهمية مراقبة مقاومة مضادات الميكروبات كجزء من أهداف التنمية المستدامة على الصعيدين الوطني والعالمي وتحفيز إجراءات الصحة الواحدة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات.
من جهة أخرى أكدت جائحة كوفيد- 19 على الروابط القوية بين الإنسان والحيوان والبيئة وأهمية الاستثمار المبكر في الوقاية والتأهب والاستجابة للمخاطر. ويحتاج العالم إلى ضمان ترجمة النشاط السياسي الذي أحدثته الجائحة إلى عمل منسق ملموس على المستويين الوطني والعالمي لتسريع وتنسيق إجراءات الصحة الواحدة لمواجهة مشكلة مقاومة مضادات الميكروبات والتنفيذ الفعّال لأهداف التنمية المستدامة.