“لا تقرب على القهوة”: كيف تهيئ طفلك لاستقبال الضيوف؟
وهج الخليج- مارية البوسعيدية
نلاحظ في بعض البيوت عند حضور الضيف، أو زيارة أحدهم، عبارة متكررة يسمعها الطفل: “لا تقرب على القهوة” أو منع الطفل من الجلوس مع الضيوف بحجة أنه يسبب إزعاجا، أو قد يتصرف بسلوك يؤدي إلى إحراج والديه، فيشغل الأهل الطفل بنشاط آخر قد لا يكون في صالح الطفل كمشاهدة التلفاز بدلا من الجلوس في صالة الضيوف و التسبب في الضوضاء، ولينعَم الوالدين والزائرين بالهدوء ،غافلين عن مشهد هذا الطفل عندما يكبر وطريقة ترحيبه بالآخرين في المجتمع، أو حتى مدى لباقة حديثه في مقابلة عمل دُعي إليها.
ولتقريب السلوك الصحيح الذي يجب أن يكون في صالة الضيوف، تحدثنا مع الأستاذة نقاء بنت جمعة اللواتيّة اخصائية برامج وتوعية مجتمعية بدائرة شؤون الأحداث، لاستطلاع رأيها في هذا الموضوع من خلال الإجابة على بعض التساؤلات.
تقول الأستاذة نقاء اللواتيّة حول التصرف الصحيح تجاه الطفل من قبل الأهل عند تقديم الضيافة للضيوف، أو زيارة أحدهم: ” إن الخيار الصحيح عند حضور الضيوف، أن نطلب من الطفل أن يحسن التصرف، وإذا أراد أن يأكل أو بلعب، يمكنه أن يخبر الأم بصوت منخفض، كما يجب تعليم الطفل أدبيات الضيافة في وقت الفراغ أو من خلال القصة، كتعليم الطفل كيف يقدم صحن الضيافة، وتعليمه تقديم الضيف قبل أهل الدار ،ويجب تقديم الطفل أمام الضيف، ومدح شخصيته وسلوكياته، وفي حالة أن الطفل أخطأ التصرف، فمن الخطأ تعنيفه أمام الضيوف.
وفي سؤال عن الآثار الاجتماعية لهذا النهي الموجه للطفل -أي منعه من لمس أو الأكل من الضيافة ومنعه من الجلوس بجانب بصالة الضيوف- تشير اللواتيّة إلى أن: ضريبة هذا التصرف غالبا تؤدي إلى؛ ظهور طفل يتصرف بسلوكيات انتقامية كالعناد لجذب الإنتباه أكثر، أو أن يصبح الطفل انطوائيًا وخجولا، وبالتالي يفقد المهارات الاجتماعية ويفقد السلوكيات الصحيحة للتعامل مع هذه المواقف، فمن الضروري جدا أن يكون الأهل حذرين في هذا الموضوع، لأن الطفل قد يتصرف بعض السلوكيات، لدوافع وحاجات متعددة: كحاجته للفت الإنتباه، أو قد يكون الطفل جائعا أو عطشا أو متعبا، فيجب معرفة أسباب هذا التصرف”.
و تذكر اللواتية وجهة نظرها،حول سؤال ( هل نربي طفلا غير واثق من نفسه، وهارب من المشاركة الاجتماعية بهذا التصرف؟) فتقول: فعليا يفقد الطفل ثقته بنفسة إذا تعرض للكثير من الانتقادات، وهذا كفيل بهروب الطفل من المشاركات الاجتماعية، وأن ينزوي عن الآخرين، و لتجنب ذلك علينا أن نعلمه الكثير من الأمور، التي تزيد ثقته بنفسه، كتعليم كيفية تقديم القهوة، كيفية تقديم التمر، وتقديم الحلوى العمانية مثلا، وأدبيات التعامل مع الضيوف، فلا يوجد مشكلة حتى لو أخطأ، فأن يخطئ أفضل من أن يكون بعيدا كل البعد عن آليات التعامل مع الضيوف، ويجب أن لا نفترض أن يكون الطفل مهذبا في كل الأوقات، فهو في النهاية طفل إذا أخطأ يتعلم، فنهذبه ونعلمه بكلمات لائقة مثل: (شكرا لك ،من فضلك) اثناء التحدث مع الضيوف.
ومن النصائح التي حرصت الأستاذة نقاء على تأكيدها في حضور الضيف هي: تجنب توبيخ الطفل، وتجنب التصحيح أو العقاب أمام الآخرين، كما شددت على أهمية احتواء الموقف، والسيطرة على الانفعالات ،ثم مناقشة الطفل في مكان آخر لاحقا، ويجب أن لا نرفع سقف التوقعات من أبناءنا، خصوصا لأن إدراكهم غير مكتمل، وبالتالي تركيزهم منصب على تصرفات الطفل الطبيعي، فكلما وضعنا ثقتنا بهم وشجعناهم أمام الضيف، كلما كان الطفل قادرا على أن يستقبل الضيوف مستقبلا، وقادر أن يتحدث أمام الضيف، فيجب رفع شأن الطفل أمام الضيف بناءًا على قدراته، كعرض رسمه له أو عمل فني أو طلب إلقاء أنشودة يحفظها أمام الضيف، ويجب تقديم الابن باسمه، وعدم ذكر سلبياته، إذا كان مثلا يعاني من نتائج سلبية في الدراسة، ذلك يجعل الطفل واثقا من نفسه ويجلس باحترام، ويتحدث بأدب، ويعرف متى يتحدث.
ويجب عدم ابعاد الطفل بإعطائه الهواتف، أو إلهائه بالتلفاز لوقت طويل عند وجود الضيوف، رغبةً في الحفاظ على الهدوء ، فذلك يقلل من المهارات الاجتماعية عند الطفل مستقبلا .