صواريخ سورية تخرس الألسنة
بقلم:جمال الكندي
الكل يدرك ويعلم حجم المؤامرة الكونية على الدولة السورية منذ ما يقرب الست سنوات والتي جندت لها طاقات بشرية وإعلامية وعسكرية هائلة سواءً في الداخل السوري أو في الخارج ، وذلك كله من أجل تفتيت الدولة السورية من الداخل واللعب بمكوناتها الديمغرافية، فكانت ماتسمى الثورة السورية بمباركة وتأيد أمريكي تركي إسرائيلي وبعض دول المنطقة والتي تأتمر بأوامر أمريكية .
هذه الثورة والتي كانت بشعارات إنسانية في بدايتها تدعو إلى الحرية في سوريا وإعطاء السوريين حقوقهم المسلوبة من قبل الدولة السورية حسب رأي منظري الثورة السورية، كانت محاولة لجمع عطف الرأي العام العربي والإقليمي والعالمي بالفبركات الإعلامية المعروفة والتي كشفت فيما بعد فنتقلت هذه الثورة المزعومة إلى المنحى العسكري الدموي بتأيد كذلك من دول العدوان على سوريا وفي مقدمة هذه الدول إسرائيل فهي صاحبت مفاتيح إدارة العدوان على الدولة السورية، فكل همها هي والأمريكي إخراج سوريا من معادلة دول المقاومة والممانعة في المنطقة.
إن دخول الإسرائيلي في خط الدول المحاربة للدولة السورية ليس خافياً على أحد، وذلك عن طريق دعم الجماعات المسلحة بكافة تصنيفاتها من النصرة إلى داعش مروراً بمن هم محسوبين على الأتراك، وهذا كان واضحاً من الوهلة الأولى، وإسرائيل صرحت به بإستمرار، فجرحى الجماعات المسلحة في الجنوب السوري كانوا يتعالجون وما زالوا في المشافي الإسرائيلية ويلقون الدعم المادي والمعنوي من قبل نتنياهو شخصياً بزيارته لجرحى المسلحين، وهذا طبعاً ليس كرمى لعيون الثورة السورية وأهدافها المباركة ولكن من أجل المصلحة المشتركة في تفنيت الدولة السورية من الداخل
الدعم الإسرائيلي الآخر للجماعات المسلحة كان عن طريق الغارات الإسرايلية المتكررة على الأراضي السورية والحجة الإسرائيلية المعروفة أنها تقصف شحنات أسلحة تنوي الحكومة السورية إرسالها إلى حزب الله اللبناني العدو الإستراتيجي الأول للكيان الصهيوني . ولكن ما الذي تغير اليوم بقيام الدولة السورية بإطلاق صواريخ مضادة لطائرات أربكت إسرائيل وحسب الأعلان الحربي السوري أسقطت طائرة واحدة وأصابت أخرى وأجبرت أثنين منها على الفرار .
هذا الحدث ليس بالحدث الهين في الداخل الإسرائيلي فالمعادلة الحربية ضد سوريا قد تغيرت وهذا ما إعترف به المحللون السياسيون والعسكريون الصهاينة بتحليلهم العميق لهذا التطور الكبير في الميادن السوري ، فبعد أن كانت الطائرات الإسرائيلية تضرب الأهداف العسكرية في سوريا بكل سهولة لدعم أدواتهم في الداخل السوري ولا تلقى سوى التنديد الكلامي من جانب الحكومة السورية، ولعلم الكيان الصهيوني بعدم قدرة الدفاعات السورية إيقاف هذه الطائرات، والفضل يعود طبعاً لمن دمر نظام الدفاع الجوي في الجيش السوري، وصور إقتحامه لصوريخ الإعتراض السورية والتي هي موجهة لصد أي عدوان إسرائيلي على سوريا، بأن ذلك نصر للجماعات المسلحة التي تقاتل من أجل الحرية، ولكنها في الحقيقة هدية لإسرائيلي ورسالة مفادها أن سماء سوريا مفتوحةً لك افعلي ماشأتي، المهم خلاصينا من النظام السوري المقاوم لك ونحن حلفائك في الداخل السوري .
الذي تغير ولا بد أن تعيه إسرائيل جيداَ أن المعادلة الحربية ضد سوريا قد تغيرت وهذا التغير بدأ مع النصر الكبير للجيش السوري في حلب، وإلزام المنهزميين في الشمال السوري بإتفاقية أستانة التي تفصل عمليا الجماعات المسلحة المدعومة غربياً وعربياً عن النصرة، وهذا بدوره أعطى هامش قوى كبير للجيش السوري في التقدم للمناطق التي تسيطر عليها النصرة وداعش، وما تحرير تدمر والتوسع في الريف الشرقي الشمالي لحلب إلا نتاج ذلك، طبعاً هذا الأمر لا يعجب الإسرائيلي فكانت الغارة الأخيرة في ريف تدمر لإيقاف تقدم الجيش السوري .
الصواريخ التي تم أطلقها من الجانب السوري هي عملية إستراتيجية غيرت مفهوم الحرب في سوريا، فهي رسالة فهمها الإسرائيلي وحلفائه في المنطقة، بأن الحرب على سوريا قد تغيرت بعد إنتصار حلب ، وهذه العملية ما كانت لتكون إلا بوجود توافق سوري روسي إيراني ومعهم حزب الله، وأعتقد بأن الرسالة وصلت إلى عقول الساسة والعسكريين الإسرائليين، وهذا الرد السوري هو إنذار لهم، فروسيا اليوم لها وجود قوي في سوريا ولن تسمح لأي أحد حتى إسرائيل بضرب حليفها السوري من أجل أسباب هي معلوم لدى الجميع، والذي يثبت لنا ذلك إستدعاء الخارجية الروسية للسفير الإسرائيلي في روسيا لتفسير والإحتجاج على الغارة الإسرائيلية الأخيرة على سوريا.
والسؤال البديهي والذي جوابه يدعم ما قلت بأن المعادلة قد تغيرت في المنطقة هو لماذا لم تعترض سابقاً روسيا على الغارات الإسرائلية، ولم يستدعى السفير الإسرائيلي لديها للإستفسار والإستنكار، طبعاً هو كما قلت تغير الموازين العسكرية في سوريا لصالح الجيش السوري، وهذا يعطيه قدرة أكبر في مجابهة أي عدوان إسرائيلي قادم يكون تحت عنوانه المساس بسوريا خط أحمر لا يسمح به حلفائها والقادم أعظم.