من سيحرر الرقة من داعش ؟؟
أخذت الحرب في سوريا مؤخراَ إبعاد إستراتيجية مختلفة عن ما سبق في بدايتها فقد تغيرت الأولويات عند الفريق الذي يحارب الدولة السورية ويدعم الجماعات المسلحة المختلفة التي تقاتل الجيش العربي السوري، وهذا الاختلاف ناجم عن التطورات الميدانية الأخيرة والتي كانت من أهمها تحرير مدينة حلب بالكامل من الجماعات المدعومة خليجياَ وتركياً وأمريكياً .
هذا التطور الميداني الكبير غير من إستراتيجيات الحرب على سوريا وعدلها وأوجد رغم أنف أعدائها الأرضية الجديدة التي من خلالها يتم التفاهم مع الجيش السوري على أساس المنتصر في معركة كبرى وهي حلب، فكان إجتماع أستانة والذي ما كان أن يعقد لولا هذا الانتصار الذي أرغمت فيه الجماعات المسلحة التي كانت تقاتل الجيش السوري جنباً إلى جنب مع جبهة النصرة أن تنفك عن الأخيرة وإلا كانت من المغضوب عليهم حسب إتفاق أستانه، والنجاح النسبي لأستانة واحد وإثنين هو هذا الهدوء في بعض المواقع القتالية في حلب وريفها مقارنةً عن قبل، وإنتقال الإقتتال إلى الفصائل المسلحة فيما بينها بعد أن كانت في الماضي تقاتل الجيش السوري، وهذا كله هو نتاج هزيمتها في حلب .
التحرك التركي عن طريق قوات درع الفرات لقضم الأرضي السورية التي تقع تحت قبضة داعش في ريف حلب الشرقي ومحاولة الوصول إلى محافظة الرقة قلب داعش في سوريا، وإيجاد معدلة سياسية جديدة تكون بوابتها الشرق السوري لتقسيم سوريا على أساس مناطق نفوذ مختلفة التوجهات تخرق بها تركيا وحلفائها قرار سوريا السيادي فتوجد بذلك لبنان جديدة في سوريا.
طبعاً هذا المخطط ليس ببعيد عن القيادة السورية وحلفائها وما يهدم وينسف هذا المخطط هو التنسيق السياسي والعسكري بين بين حلفاء سوريا والقيادة السورية، والتقدم الميداني الكبير الذي حققه الجيش السوري في ريف حلب الشرقي وتحريره أكثر من 115 بلدة كانت تقع تحت السيطرة الداعشية، فتح المجال للجيش السوري أن يكون بالقرب من الحدود الإدارية لمحافظة الرقة ويدخل في صراع القوى التي تصرح بأنها قادمة لتحرير محافظة الرقة والمنطقة الشرقية من داعش.
بالمقابل فإننا نشاهد في الجبهة الأخرى، وأقصد الجبهة السياسية تغير في حدة التصريحات السياسية للتركي بسبب المعطى الميداني الجديد ريف حلب الشرقي ، فبعد أن كان السقف التركي عالياً جداَ ويهدد بعد الدخول إلى مدينة الباب بأن تكون وجهته القادمة مدينة منبج وبعدها الرقة تغيرت هذه النبرة العالية، وأدركت تركيا بأن قوات درع الفرات التي هي ذراعها في سوريا أصبحت محاصرة في مدينة الباب خاصة بعد أن سلمت قوات سورية الديمقراطية بعض القرى في ريف منبج الشمالي والتي تقع تحت خط التماس مع قوات درع الفرات، فخلقت بذلك درع واقي لمنع قوات درع الفرات من دخول منبج.
هذه العملية كانت بتوافق روسي أمريكي غير معلن، هذا بدوره أدى إلى نزول سقف التصريحات التركية والتي رأينها مؤخراً تذكر بأن لا مانع لدى تركيا من دخول الجيش السوري إلى مدينة منبج، وأن المشاركة في تحرير الرقة تصادفها بعض المشاكل العسكرية والسياسية .
التقدم السريع للجيش السوري في ريف حلب الشرقي وخاصة في جنوب مدينة الباب قضى على أحلام أردوغان التوسعية في سوريا فانتهت مسألة المشاركة في تحرير الرقة والسيطرة على مدينة منبج، والتي كانت تعتبر خطوط حمراء تفاهم فيها الروسي مع التركي، ولكن الأخير نكثها بدخوله إلى مدينة الباب مستقوياً بالتصريحات الأمريكية المتذبذبة والغير واضحة في الشأن السوري .
قوات درع الفرات أصبحت بعد التقدم الإستراتيجي للجيش السوري محاصرةً في الباب ولا تقدر أن تتحرك إلى الرقة أو إلى مدينة مبنيج من غير المواجهة المباشرة مع الجيش السوري وهذا بدورة ينذر بوقوع صدام سياسي وعسكري مع الروس لا يرغب فيه التركي .
حسب المعطيات الميدانية الحالية فإن مسئلة تحرير الرقة ودير الزور والشرق السوري منوطة وذلك حسب التفاهمات الأمريكية والروسية الغير معلنة في الوقت الحالي والتي تنتظر مخرجات إجتماع إستانه القادم أو جنيف إلى الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية، وهذا يعني تنسيق قادم بين أمريكا وروسيا يدعم كلام الرئيس الأمريكي ترامب بأن مكافحة الأرهاب في سوريا تأتي بالتعاون مع روسيا، وهذا ما تحاول قوى في الداخل الأمريكي والخارج أن تجعله بعيد المنال، وإن حصل هذا فهو يعني إبعاد التركي وخروجه من المعادلة العسكرية وربما السياسية القادمة في سوريا، فهل سنشهد هذا التحول فعلاً في السياسة الأمريكية تبشر بتعاون أكبر مع الجانب الروسي والإبتعاد عن الحليف التركي والخليجي .