في يوم المعلم العماني يتساءل.. كيف يمنح المعلمون الاستدامة للتنمية؟
في يوم المعلم العماني يتساءل.. كيف يمنح المعلمون الاستدامة للتنمية؟
لم يعد دور المعلم في قاموس التقدم العلمي مجرد ناقل للمعرفة أو شارح للدروس، بل تحول إلى دور استثنائي يقوم على انتاج المعرفة وبناء فرص الاستدامة في المنتج الانساني وتعميق دعائم الابتكار والابداع ونشر منظومة حضارية إنسانية راقية تسع الوطن وإنسانه، لذلك لم يعد مقبولا اهتمامهم بمسألة التدريس في إطارها الضيق دون اضافة نكهات ضرورية تجديدية وتطويرية، ودوره في تحقيق استراتيجيات التعلم النشط التي تمنح مسؤولياته الرصانة والاستدامة والمرونة والقوة عبر صناعة المحتوى المعرفي وتوظيف الفرص وتوجيهها لصالح تعلم ذي جودة، لذلك بات المعلم أكثر قدرة في فتح مجال أوسع وأرحب للابتكار وتوظيف الظروف وبناء الأولويات في ذات المتعلم، ونقل محتوى التوجيه الى تعميق الشعور بالمسؤولية والثقة في النفس، وتأكيد مبدأ الاستقلالية المصحوبة بقوة الحجة وجودة المعرفة ورصانة المنهج وسمو الفكرة وموضوعية التحليل، كما اتسع وجود المعلم الذكي القادر على فتح مسارات أكبر للمنافسة وخلق الشعور الذاتي بأهمية المعرفة المتكاملة واستيعاب الجميع لدوره في عملية التطوير ، وتمكين نفسه من الاسهام الحضاري الإنساني، في ظل ما يشهده العالم من فرص الاهتمام بالمعلم والتركيز على أهمية البحث في كل الظروف المساندة لنجاحه، وتبرز نتائج التقارير الدولية في التعليم والاقتصاد والتنمية والاجتماع وغيرها، دور المعلم كقيمة مضافة في استراتيجيات التنمية المستدامة، وتأكيدها في الوقت نفسه على إعادة صياغة مدخلات التعليم من المعلمين وفق مواصفات عالية الجودة ومعايير تبرز حجم المسؤولية القادمة ، في كونهم عناصر انتاج للفكر السليم ومنطلق تسويقه، لما يمتلكونه من قدرة التأثير في نفوس الطلبة، بل ولما يحظون به من اهتمام اجتماعي في دول العالم النامي بشكل أخص.
وإذا كان الاستدامة اليوم إطار عالمي يسعي لإعادة إنتاج الفكر والثقافة والمعرفة وحسن توجيهها وإدارة طرائقها وفق مواصفات الجودة والابتكار والتجديد، بما يعزز قدرتها على التفوق ورسم خريطة التميز واقترابها من احتياج الإنسان بالشكل الذي يضمن لها استمرارية في العطاء وقدرة على المواجهة وثبات وصلابة في مواجهة رياح التغيير والمنافسة؛ فإن دور المعلم في ذلك أوضح من الشمس في رابعة النهار، فالمعلمون هم من يمتلكون أدوات التأثير، ولديهم حس المعرفة والدخول في أعماقها عبر ما يستخدمونه من منهجيات وما يؤطرونه في ممارساتهم من استراتيجيات وخطط وأنشطة ونماذج واحصائيات ومؤشرات، لذلك كان حضورهم في عملية التجديد والتطوير وإعادة هندسة المعرفة وبناء مسارات أكبر للتحول في سلوك الإنسان وقدرتهم على امتلاك أدوات الترويج والتسويق يضعهم في قائمة الأولويات، في سبيل تحقيق الاستدامة في برامج التنمية، فمسألة القناعات وتعزيز الشعور الايجابي وترسيخ منظومة العمل وفق معايير المنافسة والجودة ، وتقريب التنمية من الأذهان وتقدير العمل التنموي والاعتراف بالمنجز الوطني والقدرة على قراءة الواقع واستخلاص مؤشراته وإدراك المفاهيم وقراءة ما بين سطور التنمية ومسألة الولاء والانتماء والمواطنة والتربية المستديمة والوعي والشعور بالذائقة الجمالية للتنمية والحرص على تعميق قيمة المنجز الوطني ، وتطوير الشعور الايجابي بالكفاءة الوطنية وصناعة الفكر الرصين وتمكين الشباب من فهم مقتضيات التحول في المجتمع، وإدراك منظومة القوانين والقدرة على صناعة البدائل وغيرها، موجهات تصنعها ارادة المعلمين وتتيح حضورها بين الطلبة وأبناء المجتمع، وتبرز صورتها في سلوك المجتمع عندما يجد المعلمون فيها حضورهم ومسار عملهم، لذلك كان حضور المعلمين في واقع المجتمع حضور الممارسة والفعل والسلوك والقدوة والاخلاص والمهنية والقوة والعطاء والوعي والمسؤولية والالتزام والنمو والثراء الفكري والجدية والانتاجية، أثره في تحقيق الاستدامة في التنمية ومشاركتهم في بناء ارضياتها التي لا يمكن أن تصنعها مؤسسات التعليم بدون المعلم الواعي، وعندما يؤسس المعلمون في الطلبة هذه المسارات من الوعي والمهنية والقيم والأخلاقيات؛ فإن قدرة هذه الموارد على أداء دورها بكفاءة وفاعلية في المستقبل أوضح وأنشط.
إنّ احتفاءنا بيوم المعلم العماني يضعنا أمام قراءة جادة تستشرف مستقبل التعليم في عُمان، وامتلاك اجابات قادمة لتساؤلات تطرح في عمق قضية المعلم، ماذا نريد من المعلم العماني، وكيف نريده، هل نحن مع مسؤوليته في تحقيق الاستدامة في التنمية ، هل نرجو منه تحولا في طبيعة الدور وقوة في أداء المسؤوليات، هل نريد أن نصنع منه قيادات مسؤولة للمستقبل لإدارة برامج التنمية وترسيخ منظومة المسؤولية والوعي وتأكيد دور المواطنة؟، هل نريد منه أن يكون قدوة يتحمل مسؤولية الكلمة والممارسة، هذه التساؤلات وغيرها، هي من تصنع لنا نماذج عمل من المعلمين القادرين على تحقيق الاستدامة، وترسيخ مفهوم أكبر للابتكار والقيادة، وإن قناعتنا اليوم بما نقدّمه للمعلم ومشاركته فيه وقدرته على تلمس هذا الإنجاز المقدم له واستشعاره له وحضوره الفعلي في كل برامج التنمية ومسالك الحوار وطرق الانتاج وترسيخ الفكر الايجابي الرصين، وحضوره في منظومة التشريعات والقوانين والقرار الوطني؛ سوف يضمن بلا شك تحولا في دوره ويضعه أمام مسؤولية البحث بجدارة في كيفية الوصول بهذه الثقة التي منحه إياها الوطن، إلى بر الأمان،
إننا نؤكد على أهمية البحث في آليات دعم ومساندة لمؤسسات التعليم ووزارة التربية والتعليم ووجود إطار وطني يضمن لهذه الجهود المقدمة للمعلم الاستمرارية والنوعية والواقعية والتحول والقوة والمهنية والتوقعات، بما يضمن دورا أكبر للمعلمين في التنمية، وعطاء متحققا منهم في العمل من أجل الوطن وقدرة في استلهام هذه الفرص لتمكّنه من إدارة مسؤولياته بكل جدارة ومهنية، ” فشكرا لكم أيها المعلمون”.