الأستانة بداية نهاية توحد رايات المسلحين في سوريا
جمال الكندي
مازالت تداعيات إجتماع الأستانة الأخير بين الحكومة السورية والجماعات المسلحة التي كانت تقاتل الجيش السوري تحت راية واحدة ، وضمن كيان واحد، وتحت غرفة عمليات واحدة في الشمال السوري تتهاوى وتتفكك من الداخل . فقد خرق هذا التوافق إبان الحملة البربرية على حلب وإنهزامهم في معركتها الخلاف الدائر الآن بين أخوة السلاح في الماضي القريب، ولم تحل خلافاتهم إلا بلغة الدم، والغريب في الأمر أنهم حينما كانوا يقاتلون الجيش السوري وحلفاءه يرفعون الندا بالله أكبر وحي على الجهاد وان الجنة على أبواب حلب، وبنفس هذا الندأ يقاتلون بعضهم البعض وكل جماعة تنعت الأخرى بالمروق من الدين والخروج عن الجهاد المقدس. والسؤال المنطقي هنا والذي بدأ يسالوه المراقبون للأزمة السورية هل هؤلاء المسلحين يأتمنون على سوريا؟ وهل هم البديل الأمثل للحكومة السورية الحالية التي تقاتل داعش وكل الجماعات المسلحة تحت راية وطنية واحدة ومن أجل وحدة التراب السوري ؟؟؟.
لقد أدرك العالم اليوم من كان الجيش السوري يقاتل ومازال ، فهل من يتقاتلون الآن في الشمال السوري أجدر أن تسلم لهم البلاد ومن فيها ؟ لذلك نحن اليوم نقدر عالياً ما جرى في حلب من إنتصار كبير وعظيم للجيش السوري وحلفاءه ، هذا الإنتصار والذي وحد حلب وجعلها حلباً واحدةً لا شرقيةً ولا غربيةً وكسر المشروع الغربي لتقسيم سوريا من حلب وتسليمها لجماعات للأسف الشديد ترفع رايات إسلامية وهي من الداخل خاويةً من كل المعاني الإسلامية النبيلة فهي متعطشةً للدماء بإسم الجهاد والجهاد منها براء .
أستانة وما جرى فيها هي بداية النهاية لفوضى المسلحين في سوريا ، وما كانت إستانة لولا إنتصار حلب الكبير الذي غير كل شي وأجبر من يحرك المسلحين في سوريا بالإعتراف بالهزيمة وقبول الجلوس مع الحكومة السورية وحلفائها في الإستانة .
ما بعد أستانة أسمية لعنة معركة حلب والتي وقعت على الجسم المسلح الذي كان يقاتل الجيش السوري في الشمال ، فهذا الإقتتال والإنشقاقات فيما بين هذه الجماعات وخاصةً أحرارالشام وفتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) وتكوين مسميات جديدة تجمع هذين الفصليين الأول هيئة تحرير الشام وتضم جبهة النصرة ومن يوافقها، والثاني جبهة تحرير سوريا وتضم أحرار الشام ومن يوافقها ، هذا الأمر يبين مدى هشاشة التجمع الذي كان يقاتل الجيش السوري وعدم إتضاح رؤية المسلحين فيما بينهم، فمنهم من يريد إقامة إمارة إسلامية حسب زعمة في شمال سورية ، وما جرى في الإستانة من مقررات يخالف توجهه القاعدي وأقصد هنا جبهة النصر ومن يدخل في نطاقها، وبين من يريد المشاركة في بناء دولة الديمقراطية والمشاركة السياسية ولكنه لا يجرأ في البوح بها مخافة غضب أخوة الجهاد في معركة حلب.
لذلك كانت استانة والتي من أهم بنودها وقف إطلاق النار وتثبيته في سوريا بين الجماعات المسلحة التي يسميها الغرب معتدلة وتحت الوصاية التركية والأمريكية وبين الجيش السوري وحلفاءه من أجل غاية مهمة وهي فصل المكون الأكبر والفاعل من بين هذه الجماعات المسلحة وهي جبهة النصرة المدرجة ضمن الجماعات الإرهابية في الأمم المتحدة والتي عجز الأمريكي في فصلها عن أخواتها الجماعات المسلحة الأخرى المصنفة أمريكياً معتدلة .
ما جرى في الأستانة وما سيجري هي بداية النهاية كما قلت بالنسبة لتوحد صف المسلحين ضد عدو واحد كانوا يقاتلونه بالأمس ، وهذا الأمر كان متوقعاً ومدروساً بعد إنتصار حلب فالمشهد العام كان مرسوماً بهذه الطريقة والإستانة هي المكان الذي كان يعول عليه لفصل الجسم الأكبر الذي يقاتل الجيش السوري وله توجهات تخالف ما يراد لسوريا الجديدة وهي جبهة النصرة ومن يدور في فلكها وبين الجماعات المسلحة المعتدلة والتي تأمن بالحل السلمي في سوريا كما يقال عنها .
إن المستفيد الأول من مقررات إستانة هو الجيش العربي السوري فتثبيت وقف إطلاق النار بينه وبين الجماعات التي كانت تقاتله مع جبهة النصرة مكن الجيش السوري من إستعادة أنفاسه والتفرغ لقتال جبهة النصرة وداعش، وما النصر الكبير ضد جبهة النصرة في وادي بردى وتحرير جميع قرى الوادي والبدأ بضخ مياه هذا الوادي إلى العاصمة دمشق، والإنتصارات الكبرى الأخرى في الأرياف الشرقية لحلب وحمص بتحريرها من قبضة داعش إلا دليل ذلك، وما كان ذلك ليحدث لولا إنتصار حلب وإجبار المسلحين على توقيع الهزيمة في إجتماع الإستانة .
المراد من مقررات الإستانة القادمة هو تثبيت وقف إطلاق النار وفصل وعزل جبهة النصرة عن الجماعات التي تأمن بالحل السياسي في سوريا . والتي لا توافق فهي سوف تصنف جماعة غير معتدلة وتدخل مع داعش والنصرة في التصنيف الدولي للجماعات المسلحة المدرج إسمها ضمن قوائم الأرهاب، لذلك نرى هذا التخبط بين المسلحين والتغيير في مسمياتها والإقتتال تحت راية هذه المسميات، وهذا طبعاً يضعف هذه الجماعات المسلحة ويقوي الجيش العربي السوري، والقادم من الأيام سوف نشهد مزيد من الجغرافيا السورية تعود إلى حضن الوطن سواءً بالقوى العسكرية أو بالمصالحات الوطنية .