بين المظهر والجوهر
خلق الله الإنسان من مادة وروح، فتمثلت المادة فى مظهر الإنسان الذى صوره الله فأحسن تصويره، أما الروح فتمثلت فى جوهر الإنسان ومعدنه وفضائله .
والإنسان لا يسمو بلونه ولا بطوله ولا بماله ولا بمظهره ولا بسلطانه وإنما بفكره وأخلاقه ومبادئه .
الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسادنا ولا إلى أموالنا ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، فالقلوب هى موطن نظر الله .
هناك مسافة كبيرة بين المظهر والجوهر تختلف بإختلاف الأشخاص وطبيعتهم وما تحتويه قلوبهم، المسافة يختلف البعد بين اطرافها من شخص لآخر،
من الناس من يحكمه مظهره ، اصبح أسيراً له ، يتعامل فيه مع الآخرين، يلبس الأقنعة الواحد تلو الآخر ليحسن مظهراً يعيش فيه مع الآخرين ولا يجد حرجا في التكلف أو الكذب ، ينافق هذا ويجامل ذآك ، ليس له مبدأ يعيش عليه غير النفاق والكذب ، يعيش بأكثر من وجه بل كل شخص في حياته له وجهْ خاص به ، يتلون جلده حسب مصلحته وحسب أهوائه ، هو كالحرباء إن لم يكن أسوأ .
وهناك من يحكمه جوهره ، يعيش بواقعية مبادئه دون تجمل أو إضافات كاذبة ، ليس لديه القدرة على النفاق أو المجاملة الكاذبة، صادق في أفعاله كصدق أفكاره ، علانيته تعكس سريرته .
بين المظهر والجوهر نلتقي بأشخاص احيانا ننخدع بمظهرهم وببرآءة وجوههم المصطنعة ولكن في النهاية تسقط الأقنعة فننصطدم بـِالوجه الحقيقي لهم .
وفي الجانب الاخر هناك من صرآحته واضحة ومفرطة وصدقه يطغى على سلوكه ، فيه صدق المظهر والجوهر..ليس له سوى وجه واحد وقلب واحد..
مثل هذا صَادق مع نفسه ومع الآخرين.
هناك فرق شاسع بين المظهر والجوهر من عاش بمظهره عاش فيه
فنحن لا نحكم على الشجرة من لحائها ولا كل ما يلمع ذهبا ولا كل ما يبرق فضة.
لو أن الماء يتحدث ..
لقال للبعض : أغسل قلبك بدلاً من یدیك !
ليتنا بقدر ما نحافظ على نظافة مظهرنا وهندامنا نعطي القليل من ذلك الإهتمام بجوهرنا