مزمار ترامب واللحن القادم
رأي-وهج الخليج
لا أعجب أكثر ممن يعتقد أن أمريكا تسود العالم وتحافظ على سلطانها كدولة حاكمة وفقا لسياسة رئيس منتخب لاربع سنوات ، وأعجب ممن يقولون مثلا أن الحزب الجمهوري معنا أو أن الحزب الديمقراطي هو حزب جل جهوده تتركز على الشأن الداخلي لامريكا وهو مناهضا للحروب بحكم مبادئه .
يا سادة يا كرام ، أمريكا لا تسود العالم بخطة خمسية تنجح أو تفشل كالتي نعرفها .. أمريكا دولة لا مثيل لها ، تخطط لأربعين ولخمسين سنة وربما لمئة ضمانا للتفوق والسيطرة على التجارة والمال والنفوذ . وما دام الامر كذلك فإن الرؤساء المنتخبين في أمريكا هم في حقيقتهم رؤساء إدارات تنفذ خطط إستراتيجية طويلة الامد ، خطط وضعت لامريكا ، وهم رؤساء لا يأتون بخطط جديدة تختلف عن خطط الحزب الاخر الذي سبقهم ، ولا رؤساء حزب يكملون لخطط من حيث إنتهى عندها أخر رئيس من نفس حزبهم ، تلك هي الحقيقة ، لذا فالسؤال هو ليس فيما اذا كان الحزب الجمهوري ضد إيران وروسيا أو مع إسرائيل أو سيشن حربا هنا أو هناك ، السؤال الحق لمعرفة الحقيقة أو لمحاولة الاقتراب من فهمها يجب أن يكون هو : ماهي المرحلة الحالية التي بلغتها أمريكا ضمن خططها الاستراتيجية الاربعينية أو المئوية لحكم العالم ؟ وما هي الأدوات التي ستستخدمها إدارة ترامب الجديدة للمرحلة القادمة ضمن المخطط ؟
إذاعلينا بالصورة الشاملة للمخطط الامريكي إن أردنا أن نفهم القادم وليست صورة الحزب الجمهوري أو الديمقراطي . أما من الذي يضع تلك السياسات والخطط الطويلة الامد لامريكا والتي يلتزم بها الحزبين الرئيسين في أمريكا وكيف توضع وتتابع وتراجع حسب متغيرات أحداث العالم فذلك شأن آخر ليس هنا محل بحثه وهو أكبر أن يدرك إلا ضمن فهم سياق تاريخ الحزبين وإستقراء الأحداث وربطها ، وإستشراف القادم بعين البصيرة .
سنتين من حكم ترامب هي المطلوبة والكافية للقضاء على ما تبقى من إستقلال سياسي لدول المنطقة .. سنتين فقط للانتهاء من التصادم السني الشيعي ، وخلال تلك السنتين سنشاهد تصادم إسلامي إسلامي ، وإسلامي روسي تستفيد منه أمريكا والتي تعمل على إذكائه ، الامر الذي قد يسمح هذه المرة بظهور أو بدايات تشكل مفاهيم لظهور تيارات مسلحة في محاولة لقيادة المنطقة .. قيادة المنطقة في ظل المعاناة من غياب القيادة الموحدة للأمة .
(تحليل بسيط ومتواضع يحمل الصواب والخطأ )