ما لم تقله تريزا ماي ؟
رأي-وهج الخليج
إنتهت القمة ٣٧ لقادة دول مجلس التعاون دون ذكر للاتحاد الخليجي رغم ما سبق القمة من تأكيدات رسمية وشعبية أن الاتحاد هو جوهر هذه القمة … فماذا حدث ؟ هل إنتهت قصة الاتحاد ؟
لا شك أن عدم إعلان الاتحاد لم يواكبه رسميا بيان يقول بإنتهاء فكرة الاتحاد أو أنه قد تم العدول عن إنشاءه ، وعليه وبفرض أن فكرة الاتحاد مازالت قائمة فإن عدم طرح الاتحاد في هذه القمة لا يعني الاقتناع بوجهة النظر العمانية ( وليتها كانت ) إلا أن الامر قد لا يخرج عن إحتمالين ، الاول أن الدول المنادية بالاتحاد رأت أنه ليس مناسبا الإعلان عن الاتحاد وملف حرب اليمن لم يحسم بعد إذ أن الحاجة للمجلس وقراراته ( وبما فيه عمان الدولة العضو ) ضرورة لحل الملف اليمني وليس من الحكمة التفريط بهذا الخيار والحرب اليمنية لم تنتهي بعد . أما الاحتمال الثاني فهو أن الاتحاد قد يكون قائم عمليا وأنه لا حاجة إلى إعلانه رسميا في الظرف الحالي على أن يستمر العمل على تفعيل ما أوجده التحالف في حرب اليمن من أرضية تفاهمات إستراتيجية كبيرة .
لقد جاءت كلمات رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي لتؤكد على المخاطر الإيرانية التي تواجه دول الخليج لتصب تلك الكلمات في خانة المواقف الرسمية والشعبية المعززة والمطالبة بالاتحاد ، إذ أن الاعتراف بالتهديد الإيراني وتصنيف النظام الإيراني في خانة العدو لدول المنطقة هو في حقيقته تعظيم لموقف الدول الخليجية المنادية بالاتحاد وتجيئ على حساب موقف عمان الرافض للاتحاد القائم على فكرة المواجهة العسكرية المذهبية . فهل الموقف البريطاني جاء عن قصد نحو الدفع بالاتحاد ؟ وهل يعني ذلك إختلاف الموقفين العُماني والبريطاني من إيران ؟ أم أن إعلان تريزا هو تأكيد لمواقف بريطانيا التي ترى في النظام الإيراني عدو ؟ أم هو موقف وبيان مناسب لتقديم عروض تجارية ؟ أم مرحلة إشعال مواقف وتسخين جبهات في ظل تصعيد ضد إيران والتملص من الاتفاق النووي ؟
وإذا كانت بريطانيا تضمن الوقوف ضد الخطر الإيراني فهل تود رؤية الحليف الخليجي ضمن إتحاد أم بشكله السياسي الحالي كمجلس والقائم على تنسيق مشترك دون إستراتيجية عسكرية وسياسية موحدة ومشتركة ؟
بلا شك إن العمل مع الحليف البريطاني في سياق ضمان أمن المنطقة هو مطلب وهو تحالف قديم أثبت فعاليته ، بل أن إعلان بريطانيا في القمة عن موقفها من النظام الإيراني كخطر ومن قيامها بإنشاء قواعد عسكرية ورفد المنطقة بخبرات كبيرة للتصدي للمخاطر الأمنية في المنطقة هو في حقيقته يعبر عن خطة عمل لبناء شراكة إستراتيجية تخدم دول المنطقة وتخدم أهداف بريطانيا الخارجة للتو من الاتحاد الاوروبي ( الباقية في النيتو ) ، فهل موقف بريطانيا سيجعل من ” الصقور ” المنادين بالاتحاد في موقف أكثر تمسكا بضرورة الاتحاد ؟
إن موقف بريطانيا وفهمها لأحداث المنطقة – وفقا لما قيل ولما لم يقل – ووفقا لموقف بريطانيا أيضا من الاتحاد الاوروبي ، يحتاج منا في المجلس أن نصغي معه للموقف العُماني المطابق للموقف البريطاني من السياسة الدولية والذي لا يرى في الاتحاد بالشكل الذي ينادى به هو الحل الأمثل لتفعيل العمل المشترك بغض النظر عن صدق ووطنية التوجهات والاصوات المنادية بتطوير العمل المشترك لدول المجلس ، لذا فإن أريد للمجلس أن يواجه التحديات فعليه أن يفعل قرارات العمل المشترك كما حدث مع تشكيل هيئة عالية المستوى ( هيئة الشئون الاقتصادية والتنموية ) ، وتفعيل مشاريع الربط الكبرى كالسكة الحديدية والطرق والكهرباء ، والاهم إعادة طرح دراسة مولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس يحفظه الله في إنشاء الجيش الخليجي الموحد للدفاع عن دول الخليج من التهديد والخطر الخارجي ، وذلك وبدل أن نضيع مزيدا من الوقت في فهم الموقف الامريكي وفيما اذا كان يشهد تراجعا أم تخليا عن الحليف الخليجي ، فالنسأل أنفسنا لماذا هذا التراجع أو التخلي الامريكي ؟ وهل هو بقصد إحداث حالة من الارباك الأمني ؟ أم الإيحاء لإيران بوجود الفراغ وتشجيعها للتمادي في محاولة السيطرة في المنطقة وإسقاطها في مغامرة تغرق المنطقة ؟ أم محاولة الوصول أمريكيا إلى تفاهمات مع دول الخليج بتكلفة وشروط أمريكية باهظة ؟ أم هي محاولة لدفع دول الخليج إلى إنشاء الاتحاد قصد مواجهة إيران ودق طبول الحرب ؟
إن تراجع أمريكا إلى الخلف ودخول بريطانيا يذكرنا بفترة نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي عندما تراجعت بريطانيا ودخلت أمريكا المنطقة … فهل من مدكر ؟