مواقع التواصل الاجتماعي بسطة بيع وشراء… بين التفاعلية والمصداقية
“النهم الاستهلاكي” أو الحمى الشرائية لم تكن سمة المجتمع الأولى قبل أن تجتاح الإعلانات مواقع التواصل الاجتماعي, والذي أوجد مهنة مكسبة لمشاهير الإعلام الرقمي الذين يشاطرون مؤسسات الاعلان المختصة ويعملون في الجانب الترويجي. ففي اللحظة التي تفكر الدخول بها إلى شبكات التواصل الاجتماعي قلما لا تجد إعلانا يقفز إلى شاشتك ينبئك بسلعة ما. فهل حقا أننا أوجدنا للعصر الاعلاني ميزة جديدة تمثلت بأناس متفاعلين في الفضاء الرقمي يوجهوننا في كل يوم لسلعة ما؟ وهل المؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي حقًا مؤثرين؟
*تفاعلية أم مصداقية*..
البعض يجد في الاعلان الالكتروني خاصية التفاعلية التي تسمح لهم بالتخاطب مع المعلن نفسه والتعرف على مواصفات السلعة، فيما يجيب الأخر عن هذا السؤال والذي طرح على شريحة من المتفاعلين في الاعلام الرقمي ان الاعلان بات مصدر ازعاج لهم، حتى انهم يتابعون المشاهير فاذا ما تحولوا لمعلنين اكثر من تقديم المحتوى يصدون عنهم.
وعن الاثر النفسي الذي يحدثه المعلنون المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي تصرح أستاذة عالية الهنائي- اخصائية إرشاد طلابي بجامعة السلطان قابوس- أنه كبير وملحوظ, خصوصًا على فئة الشباب لطبيعتهم المحبة للموضة والمجاراة. ولكن قد يتحول الأمر من مجرد مجاراه إلى نتائج عكسية مُمثلًا بعوامل الغيره والحسد. وذكرت:” لا أرى أن المعلن الرقمي المشهور والذي يصور يومياته ويروج لسلع يكون محط نقد مجتمعي, إلا إذا كان الترويج لسلع لا تتناسب مع طبيعة المجتمع الذي هو به, أو أن يُضحي بمكانته في عمل إعلان لمنتجات كمالية”.
*فرصة عمل*
بينما يقابل الموضوع بفكر آخر, فالمعلنون في مواقع التواصل الاجتماعي يرون الإعلان من طابع مهني ذا مردود ثري. فقد صرحت بثينة الزعابية صاحبة حساب Oman Careersالموجود على مواقع التواصل الاجتماعي والرئيس التنفيذي لشركة الريادة للمشاريع المتقدمة, أن الإعلام الرقمي فرصة مناسبة وبيئة خصبة للإعلان؛ لسهولة وسرعة الوصول إليه. فالحساب الذي يجمع لـ150000 متابع يعرض وظائف شاغرة وإعلانات لمنتجات وسلع. وفي هذا قالت بثينة:” شريحة كبيرة من الشركات استفادت من حسابنا, فنحن نقدم خدمة الرعاية الشهرية والتي تتمثل بوضع إعلانات لشهر كامل تابع لمؤسسة واحدة”.
وعن قدر الثقة التي توليها الزعابية للحسابات الإلكترونية فتقول أنها تعلم أن العمل على إدارة حساب في مواقع التواصل الاجتماعي غير مضمون؛ لسهولة تعرضه للهكرز و فقدان البيانات. ولذا حاولت اللجوء إلى إنشاء موقع إلكتروني بدعم مؤسسي.
وتختلف قيمة الاعلان حسب رغبة صاحب الاعلان من حيث المدة وعدد مرات النشر خلال اليوم والمدة المتفق عليها.
*الإبداع في الإعلان*
د.محمد ساطور أستاذ مساعد بقسم الإعلام في جامعة السلطان قابوس, يرى أن الاعلان دائما ما يكون مرتبط بالتكنلوجيا الجديدة المتاحة في العصر ولذا فإن الإعلان المتاح والمنتشر بالصورة التي نراها الآن هو مثال للطفرة التكنلوجية, والممارسة الإبداعية للإعلان ستزداد بمرور الأيام, لتصبح ممارسة الإعلان تختلف تمامًا عما كنا نراها ونلمسها. ويربط مكمن الابداع في المقدرة التفاعلية التي يمتلكها الإعلان على المواقع الاجتماعية ورجع الصدى, معتبرا أن الإعلان الحديث يحمل طابع مرونة تتمثل في الخاصية التي ينفرد بها في تصنيف الجمهور المستهدف, هذه الميزة تمكن للمعلن اختيار الطريقة المناسبة لممارسة الاعلان على فئة ما.
ويضيف قائلًا:” لا أرى أن ممارسة الإعلان بهذه الطريقة خاطئة ما دامت المنتجات والسلعة لا تخدش الحياء ولا تضر بالمجتمع؛ لأن الحياة الديناميكية ساعية إلى مزيد من التقدم”. وعن المصداقية التي يوليها لحسابات التواصل الاجتماعي يقول أنها ضعيفة وقد اعتاد البحث فيما ما وراء الإعلانات التي تصدر من أشخاص يتابعهم لمعرفة الشركة التي تنتجه لفحص المزايا والعيوب. “حسابات الإعلان توفر لأصحاب الحرف والصناعات اليدوية فرصة لعرض منتجاتهم وتسويقها”, وأشار إلى أن الإعلان كفن في تطور, ولذا فإن علينا تمرين ذائقتنا الاعلانية وأن نكون على وعي بالمضمون, وعلى المستهلك فحص الحساب الذي يريد الشراء منه لتقييمه ولا ضير في أن يبلغ المتابع عن الحساب لقيامه بترويج أشياء غير صالحة حتى يتابع من قِبل الموقع.
*الفاتورة تحمي من الابتزاز*
ويبقى السؤال الأهم- هل لحماية المستهلك دور في رقابة عمليات البيع والشراء الإلكتروني؟ وردا على هذا صرح مدير دائرة الدراسات وبحوث السوق بالهيئة العامة لحماية المستهلك الدكتور خلفان المبسلي أن الهيئة غير مسؤولة عن البيع والشراء عبر المواقع الإلكترونية مهما كانت صفاتها ومسمياتها, الإ إذا تم القبول والايجاب على عقد ورقي موثوق بين الطرفين بمثابة فاتورة الشراء, وقتئذ يحق للهيئة التدخل للفصل في القضية ان رافق البيع غش أو تلاعب.
وقال:” الفاتورة حق من حقوق المستهلك يحفظ حقه بالفاتورة في حال تعرض لأي ابتزاز”. ويتمثل الابتزاز في هذه الحالة في غش المنتج كرداءة البضاعة, أو انتهاء تاريخ الصلاحية أو اخلالها في مطابقة المواصفات القياسية.
…
وختام القول فإن القرارات الشرائية المتأثرة بالإعلانات الرقمية تختلف من شريحة مجتمعية لأخرى ويختلف تقبل السلعة من مُعلن لآخر.