الدبلوماسية العمانية حظت بثقة الجميع وتميزت بالشفافية والوضوح .. التفاصيل
منذ أن انطلقت مسيرة النهضة العمانية الحديثة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم –حفظه الله ورعاه– قبل ستة وأربعين عاما، دخلت عمان مرحلة جديدة ومجيدة في تاريخها، تقوم على رؤية استراتيجية، شاملة ومتكاملة، لبناء حاضر زاهر ومستقبل واعد لعمان، شعبا ومجتمعا ودولة، في كل المجالات وعلى مختلف المستويات، سواء على الصعيد الداخلي، أو على مستوى علاقاتها مع الدول والشعوب الشقيقة والصديقة في المنطقة وعلى امتداد العالم من حولها.
ولأن سلطنة عمان دولة ضاربة بجذورها في التاريخ، وطالما أدت دورا حيويا، وحضاريا مؤثرا في حقب التاريخ المتتابعة، فإن الرؤية السامية لجلالة السلطان المعظم – أبقاه الله – تفاعلت فيها الخبرة الثرية للتاريخ العماني، وطبيعة الموقع الاستراتيجي للسلطنة، وآمال الحاضر المتمثلة في بناء دولة عصرية تنعم بالسلام والأمن والاستقرار وتحقيق حياة أفضل للشعب العماني، والتطلع الى أن يعم السلام والأمن والاستقرار منطقة الخليج، وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، لتنعم كل شعوب المنطقة ودولها بالاستقرار والسلام والرخاء.
وبحكمة وبعد نظر وقدرة على قراءة الأحداث والتطورات الإقليمية والدولية وتقاطعات المصالح في هذه المنطقة الحيوية من العالم، وضع جلالته – حفظه الله ورعاه – منطلقات وأسس السياسة العمانية، داخليا وخارجيا وفي علاقات السلطنة مع الأشقاء والأصدقاء، على قاعدة صلبة هي العمل من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار، ليس فقط على الصعيد الداخلي، ولكن أيضا على الصعيدين الإقليمي والدولي، انطلاقا من ان السلام والأمن والاستقرار هي ضرورات لا غنى عنها للبناء والتنمية وصنع حياة أفضل، وتكريس كل الجهود لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة مع الأشقاء والأصدقاء على كل المستويات.
وقد أكد جلالته منذ سنوات عديدة أن السلطنة « دولة سلام «، تسعى إليه وتعمل من أجل تحقيقه ولا تتردد في بذل كل ما يمكنها من أجل هذه الغاية النبيلة، التي تتطلع إليها كافة شعوب المنطقة والعالم من حولها، وفي مقدمتها الشعب العماني، الذي مدّ جسور التجارة والمودة والصداقة مع كثير من شعوب المنطقة والعالم من حوله، شرقا وغربا منذ آلاف السنين.
وفي الوقت الذي تم فيه بناء ركائز دولة عمانية فتية، تقوم على حشد كل طاقات الشعب، وعلى المشاركة الواسعة لأبناء الوطن في صياغة وبناء التنمية الوطنية، والسير قدما لتحقيق الأهداف والأولويات الوطنية، وفق خطط وبرامج التنمية في مختلف المجالات من ناحية، والعمل على بناء القدرات العمانية للحفاظ على مكتسبات النهضة المباركة من ناحية ثانية، وهو ما يتواصل العمل فيه برعاية مباشرة ومتواصلة من جانب جلالته، فإن العمل الجاد والمخلص من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار في الخليج والمنطقة العربية، بل وعلى مستوى العالم شكل جوهر السياسة الخارجية العمانية والركيزة التي انطلقت منها مواقف السلطنة ورؤيتها وتعاملها مع مختلف التطورات الخليجية والعربية والإقليمية والدولية، ليس فقط لأن السلطنة ليس لها أعداء، وليست لديها خلافات ولا صراعات مع أي طرف آخر، ولكن أيضا لأنها تسعى الى بناء صداقات وعلاقات طيبة تقوم على التعاون المثمر والمصالح المتبادلة مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة وعلى امتداد العالم أجمع.
وفي هذا الاطار اتسمت سياسات السلطنة ومواقفها بالوضوح والصراحة والشفافية، في التعامل مع مختلف المواقف والتطورات، خليجية وعربية ودولية، سواء على المستوى الثنائي، او المتعدد الأطراف، او الجماعي.
ولأن ذلك ظل ملمحا ثابتا ومستمرا، في مختلف المواقف والظروف، التزاما وإرادة ورغبة في القيام بكل ما يمكن لتحقيق السلام والاستقرار لدول وشعوب المنطقة والعالم من حولها، فإنه ليس مصادفة أن تحظى القيادة الحكيمة بتقدير إقليمي ودولي واسع النطاق على مستوى قيادات العالم وشعوبه، وأن تحظى الدبلوماسية العمانية بثقة الجميع وتقديرهم، بل وأن تكون السلطنة طرفا فاعلا في كل الجهود الخيرة التي تسعى من أجل حل المشكلات الخليجية والإقليمية وغيرها على امتداد العقود الماضية، وأن تكون السلطنة مقصدا للعديد من قيادات المنطقة والعالم للتشاور وتبادل الرأي مع حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – وأن تحتضن السلطنة جهودا عديدة، معلنة وكثير منها غير معلن، للعمل على تقريب المواقف وتجاوز الخلافات بين الأطراف المعنية بمشكلات عديدة، خليجية وعربية وإقليمية ودولية، وهو ما حظي بتقدير كبير على مستويات عديدة والأمثلة في هذا المجال أكثر من أن تحصى.
وبينما انطلقت السياسة والمواقف العمانية من مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى واحترام سيادتها، ورفض التدخل على أي نحو في الشؤون الداخلية العمانية، والالتزام بمبادئ الحق والعدل والإنصاف في إطار الانتماء العربي والإسلامي، وحل المنازعات بالطرق السلمية، والعمل على الأخذ بسبل الحوار الإيجابي، والعمل على تعزيز المصالح المشتركة والمتبادلة مع الدول الشقيقة والصديقة، ودعم الجهود الطيبة التي تقوم بها المنظمات الإقليمية والدولية وخاصة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الأخرى، العاملة من أجل السلام والتعاون بين الدول والشعوب، فإن السلطنة رفضت دوما مختلف صور الاستقطاب في المنطقة، إقليميا ودوليا، إدراكا منها لحقيقة أن ذلك لا يسهم في حل المشكلات والخلافات، وسعت بدلا من ذلك من أجل إتاحة الفرص، لتحقيق قدر أكبر من التفاهم والفهم والإدراك الصحيح للمواقف بين الأطراف المختلفة بشأن قضية أو أخرى، يقينا منها من أن الفهم الصحيح للمواقف من شأنه أن يسهم في تقصير المسافات، وفي بناء الجسور بين الأطراف المختلفة.
وقد أدى ذلك إلى أن تضطلع السلطنة، في حالات كثيرة، بدور وأن تبذل مساعيها الحميدة، التي نجحت في مرات كثيرة في حل مشكلات كانت بمثابة تهديد للأمن والاستقرار إقليميا ودوليا. ومع أن السلطنة لا تبحث عن دور في هذا المجال، إلا أنها تستجيب عادة عندما تطلب منها الأطراف المعنية القيام بدور، ثقة منهم في جديتها وإخلاصها وحرصها على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
ويقينا أيضا بأن السلطنة لا تستغل جهودها الخيرة لتحقيق مصلحة ذاتية، ولا توظفها من أجل أجندة خاصة، لسبب بسيط هو أنها يهمها أن يعم السلام والأمن والاستقرار والوئام بين دول وشعوب المنطقة، وأنها لم تقم أبدا ببناء علاقات مع طرف على حساب أطراف أخرى، لأن علاقاتها مع الجميع طيبة في إطار أولويات السياسة والمصالح العمانية على المستويات المختلفة. ولم تكن مواقف وممارسات السلطنة وتعاملها مع مختلف التطورات، خليجية وعربية وإقليمية ودولية على امتداد السنوات الماضية وحتى الآن سوى انعكاس للمنطلقات والأسس الثابتة للسياسة العمانية، وعلى قاعدة أن السلطنة دولة مستقلة ذات سيادة وتصيغ وتدير علاقاتها ومواقفها بما يحقق مصالحها الوطنية ودون الإضرار بمصالح الدول الأخرى، بعيداً عن أي ضغوط أو تأثيرات، خاصة وأن أحداث الماضي القريب والبعيد قد أكدت سلامة مواقف السلطنة وبعد نظرها بل وأهميتها لدول المنطقة من حولها، وذلك في كثير من المواقف ولو بعد سنوات.