الدرمكي:العمق النفسي للتقارير التلفزيونية يعزز الوصول لنفسية و روح المشاهد
” قدمتُ أكثر من ألفيّ تقرير تلفزيوني وإذاعي”
” برنامج أنا الشاهد على قناة BBC فتح لي أفقا أخرى”
” حواري مع ملك السويد دائما ما أفخرُ به”
حاوره: مازن بن جمعة الدرمكي
بدأ طالبا في مدرسة راشد بن الوليد بولاية قريات، ثم إلتحق بجامعة صور للمعلمين لتلد من رحمها إعلاميا مثابرا لم يدخر جهدا من أجل الوصول إلى هدفه، خاض الصعاب ليكون موجودا على شاشه التلفاز، ثابر من أجل إيصال رسالة، معلومة، قضية ،وخبر مهم، ولكن الغريب والجميل في ذات الوقت أن بدايته كانت تربوية، معلما للغة الضاد. إذن ما قصةُ هذا الإعلامي.. ؟؟
سيرته في سطور:
أحمد بن مبارك الدرمكي حاصل على شهادة الدبلوم في مجال الإعلام ودرجة البكالوريوس في مجال اللغة العربية، ثم واصل دراسته وحصل على درجة الماجستير في الإرشاد والتوجيه النفسي. كما خاض العديد من الدورات والبرامج التخصصية في الإعلام. فهو إعلامي بوزارة التربية والتعليم، ومراسل تلفزيوني بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
عمل صحفيا متعاونا لصحيفة الفنار البريطانية وصحفيا متعاونا لقناة BBC البريطانية. الدرمكي هو نائب رئيس مكتب اتحاد المدربين العرب وحاصل على جائزة الإبداع الإعلامي في مجال التقارير الإخبارية. قدم أكثر من ألفي تقرير إذاعي وتلفزيوني في مختلف الموضوعات، ومن أبرز الشخصيات التي حاورها جلالة الملك كارل جوستاف ملك مملكة السويد، الرئيس الفخري لصندوق التمويل الكشفي العالمي.
الأستاذ أحمد حدثنا عن مشوارك الدراسي؟
بدأت دراستي في مدرسة راشد بن الوليد بقريات تخرجت من المدرسة عام 1994 ومن ثم كانت الخيارات مفتوحة بين جامعة السلطان قابوس ، وبعثة للخارج ، وجامعة صور للمعلمين. وبعد مشورة مع الأهل والأصدقاء اخترت جامعة صور للمعلمين وتخصصتُ في اللغة العربية، كان لوالدي الدور الكبير في تشجيعي لهذا التخصص وبعد توفيق من الله تخرجت عام 1999 من جامعة صور للمعلمين، وتوظفت معلما في مدرسة حي الظاهر.
عرفنا على انطلاقتك الفعلية في مجال الإعلام؟
الانطلاقة الحقيقية في مجال الاعلام كانت أثناء تقديمي للمناسبات الطلابية ، أو المهرجانات في كنف الجامعة والفضل يعود للاستاذ علي الحجري “مشرف أنشطة تربوية” وبعدها بدأت حكايتي مع التقارير الإخبارية، وهنا أسرد لك القصة
بدأت قصة عشق التقارير في المدرسة التي كنت أعمل بها عندما جاءنا اتصال في عام 2000/ 2001 على حد تذكري من وزارة التربية تريد مراسلا إذاعيا للولاية، فتم التواصل معي شخصيا. فاجتيازك للمقابلة وإعداد نموذج تقريري شرط للقبول. والحمدلله تم قبولي مراسلا للولاية ومن هنا كانت الانطلاقة الفعلية في السلك الإعلامي و “إعداد التقارير”
بمن تقتدي في مجال المراسلة التلفزيونية وإعداد التقارير؟
قبل كل شيء أود أن أوضح لك أن عمل التقارير مجاله متنوع جدا والمدارس فيه مختلفة ومتنوعة أيضا؛ لذلك نرى هذا الاختلاف جليا في القنوات التلفزيونية العالمية وهنا أيضا تستطيع رصد الفروقات المختلفة في طريقة تقديم التقارير. أما عن قدوتي أتذكر عام 2009 كان لي لقاء مع الأستاذ عباس ناصر مدير قناة الجزيرة في لبنان ، وهو من الشخصيات التي أثرت فيّ وتأثرت بها وكنت أتابع هذه الشخصية عن قرب ودائما ما أجد بها نفسي، إذ أنه كان يعتمد على الصورة في سرد حكايته ويمزج الأسلوب الأدبي بالخبري, مما جعلني أتابعه بشكل كبير وأتعلم منه.
كيف تبدأ إعداد التقرير التلفزيوني؟
التقرير بمثابة صناعة منتج، وإيصال هذا المنتج للجمهور المستمع أو المشاهد، ومن الممكن أن يتم قبول هذا المنتج أو رفضه. الإعداد للتقرير يبدأ عن طريق انتقاء “الفكرة الجيدة” ، لذلك نرى أن بعض التقارير قد تستغرق العمل فيها يوما أو يومين؛ وذلك من أجل إيصال الفكرة بشكل واضح وبصورة سليمة.
ومن المهم أن تعرف ما يحتاجه المشاهد، فبعد إعداد الفكرة يأتي سيناريو التقرير، ومن ثم تبدأ عملية التصوير وفنياته. وكونك مراسلا تلفزيونيا يجب عليك أن تكون على دراية تامة بكل مراحل التقرير مثل التصوير واختيار زواياه ، وأن يحوي التقرير على مقابلات مفيدة وتضيف معلومة للتقارير، وهنا أنبه أن الكثير من معدي التقارير يضيف المقابلة من أجل التكملة لا لإضافة معلومة أو تصريح، وهذا فهم خاطئ. ومن ثم بعدها ننتقل لكاتبة النص، فبالنسبة للنص هنالك مدرستان: مدرسة النص للصورة ومدرسة الصورة للنص، وكل مراسل يستخدم المدرسة المناسبة له.على أن لا تتضمن الجملة الواحدة أكثر من معلومة.
أماعملية المونتاج ، فعلى المراسل أن يكون شريكا في المونتاج مع الممنتج، وذلك لأن التقرير ملك للمراسل. فالممنتج يخرج التقرير بالجزء الذي يراه هو، أما أنت فتخرجه بالكل الذي تراه وهنا أيضا نركز على استخدام الصوت الطبيعي في التقارير؛ ليشعر المتلقي بالحياة و البعد عن الجمود.
ومن هنا نقول أن عملياتا إعداد وإنتاج التقرير عمليتان مترابطتان مع بعضها البعض. فالفكرة هي (بذرة) من شأنها أن تنمو ومن المحتمل أن تموت.
أهم التحديات التي تواجه المراسل و معد التقارير؟
التحديات كثيرة ولكن أحصرها في جانبين، الجانب الفني : اختيار اللقطات المناسبة والزوايا المحددة في التصوير، وتنقية المتن أو النص من أفعال وصفات تعبر عن الرأي “الحياد” وهذا يدخل في سياسة القناة بشكل العام ، والترتيب المنطقي والمتسلسل للتقرير؛ لذلك قد يجد معد التقرير تحديا في اختيار المقدمة والخاتمة المناسبة للتقرير.
أما الجانب الميداني: مثال على ذلك ( قضايا المواطن ) فالمواطن يرى موضوعا ما من زاوية محددة والسياسة الإعلامية ترى الموضوع نفسه من جانب أخرى.
ما هي أبرز التحديات الميدانية التي واجهتك في المهنة؟
تحدي مع الطبيعة “إعصار جونو”، فأنا شخصيا تعرضت لكثير من المواقف والتحديات في هذا الجانب مثال على ذلك في إعصار جونو قطعت مدة 12 ساعة بالسيارة، وعند وصولي للمنطقة المحددة تبين لي أن خط الاتصال من أجل التواصل مع هيئة الإذاعة والتلفزيون غير موجود فاضطررت للرجوع مرة أخرى لمكان يوجد به اتصال. فالمراسل يواجه تحديات عليه التغلب عليها وفي مثل هذه الحالات يجب عليك المثابرة حتى توصل المعلومة لنطاقها. فكان التعاطي مع الحدث متفاوت بتفاوت الزاوية التي ينظر منها الأطراف المتفاعلة مع الإعلام وبين تلك وذاك أنت كمراسل تدخل في صراعات كثيرة وقد تتطور هذه الصراعات لمراحل مختلفة.
ما الفرق بين تجربتك في الإذاعة وتجربتك في شاشة التلفاز؟
من المعلوم أن الاذاعة تعتمد على المسموع والتلفزيون يعتمد على الجانب المرئي، ولكن من جهتي أنا فإن الاثنين هما السهل الممتنع، من الممكن أن تظهر في الإذاعة وتُسمع الجمهور حديثا طويلا وعريضا ولا تحقق الغاية المرجوة، فالتحدي في الإذاعة يكمن في كيفية التأثير والتفاعل مع الجمهور من خلال الكلمة المسموعة. أما بالنسبة للصورة من السهل أيضا أن تُؤثر على الجمهور من خلال الصورة بعكس الكلمة تحتاج جهدا أكبر؛ لذلك فالصورة أحيانا تغنيك عن ألف كلمة، وهنا تفرق احترافية التعامل مع كل وسيلة إعلامية.
ما قصة أحمد الدرمكي مع برنامج أنا الشاهد في الـ BBC ؟ حدثنا عن هذه التجربة ؟
تجربة أنا الشاهد من التجارب التي فتحت لي أفقا أخرى، وذلك عن طريق المصور السوداني مقداد. كنا في رحلة عمل في القاهرة ووجهني لهذا التوجه. برنامج أنا الشاهد برنامج يعتمد على صحافة المواطن، فالمراسل في هذه الحالة عليه إجادة التصوير عبر الهاتف والمونتاج وبالمعنى الأصح يجيد مراحل إعداد التقرير بصورة شخصية. ويتم إرسال العمل للقناة، ومن ثم يأتيك الرد عن طريق الإيميل بالقبول أو الرفض. والحمد لله تم قبول كل الأعمال التي قدمتها وعرضت على قناة BBC.
ما هو أول تقرير قدمته على قناة BBC؟ وما هي أعمالك القادمة على القناة
أول تقرير قدمته لـ بي بي سي عندما كنت في تركيا فقررت إنتاج تقرير بسيط عن “إسطنبول في عيون سائح عماني” واعتمدت على تصوير “السلفي” والحمدلله كان رجع الصدى من نخب إعلامية عمانية وخليجية وعربية ممتاز جدا، وبعدها اشتغلت على تقرير “مسفاة قريات” والذي عرض قبل أشهر من الآن وتقرير قادم بإذن الله تم اعتماده من الجهات المختصة في القناة وسيعرض قريبا على بي بي سي ، والذي يحكي عن رحلة إلى إيران مع فريق أصدقاء السلام التطوعي.
الأستاذ أحمد ما علاقاتك مع الإرشاد النفسي في مجالك الإعلامي و التربوي؟ فمن المعلوم أن رسالتك للماستر كانت تتحدث في < التواصل الانساني في التواصل غير اللفظي>؟
نعم بدأت الإرشاد النفسي مع دراستي للماجستير في جامعة نزوى، وكنت أبحث عمّا يجعلني مع الإعلام والمجال التربوي، فوجدت أن الإرشاد النفسي أقرب إلى نفسي؛ وذلك من خلال حضوري للمحاضرة الأولى فكنت مفعما بالحيوية والنشاط.
وأيضا من الناحية التربوية والإشراف التربوي، فعندما كنت أزور بعض المدارس وأقدم الملاحظات للمعلمين والعمل على تعزيزهم وتعزير المجال التربوي. فكل ذلك يعتمد على الحالة النفسية والمجال النفسي. وأيضا هنا فرصة لتقديم ورش مفيدة في المجال التربوي مثال على ذلك: كيفية التعامل مع الطالب، وكيفية فهم سلوك الطلاب، وكيف يكون المعلم مرشدا لهذا الطلاب.
أما الجانب الإعلامي فأتاح لي الفرص في أن أنظر للتقارير من جانبها النفسي، فأصبحت أركز في أهم العوامل والجوانب والتي من شأنها أن تصل إلى نفسية وروح المشاهد.
ومن هذا الجانب استطعت أن أعمق المفهوم الإعلامي في رسالتي للماجستير، والتي نقاشت فيها “التواصل الإنساني في التواصل غير اللفظي”، وهي الرسالة الأولى من نوعها التي ناقشت هذا المجال. لذلك فإن العامة قد تعرف لغة الجسد بشكل عام، ولكن هذا المفهوم قد يتجاوز لغة الجسد لما هو أبعد من ذلك. فتُمثل لي فرصة كمراسل ومعد تقارير إخبارية للتحكم بالمشاعر وتفاعلاتها متى ما أحببت، أي بمعنى، ما الوقت المناسب الذي تبعث فيه الابتسامة؟ ومتى تلزم الصمت؟ ومتى تغير نبرة الصوت؟ كل ذلك يدخل في المجال النفسي.
كلمىة أخيرة لـ “وهج الخليج”
أتمنى لكم التوفيق في مساركم الصحفي ، و أود أن أشكر القائمين على هذه الصحيفة، متمنيا لكم مواصلة مشواركم الإعلامي رغم المتاعب التي ستعانونها، ولكن مع تمسككم بالمهنية الصحفية والحياد والمصداقية، فإن ذلك من شأنه أن يعزز ويرفع من صحيفتكم إلى المراتب العليا.