الولاء والانتماء
بقلم: مسلم بن أحمد العوائد
إن عقيدة عدم الخروج على وليّ الأمر، التي يتمسك بها أصحابها رغم ما يواجهونه من تضييق وتعذيب وتخوين واتهامات مغرضة، إنما هي طاعة لله تعالى، واتباع لأمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، والتزام شرعي نابع من القرآن الكريم، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهدي السلف الصالح.
تعرض العديد من أئمة الإسلام، مثل الإمام الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، وأحمد بن حنبل، ووكيع، وابن تيمية، وغيرهم، لأنواع مختلفة من الأذى، كالتعذيب والسجن والضرب والمنع من التدريس. بل إن بعضهم مُنع من الصلاة في المسجد، وبعضهم توفي في السجن. ورغم ذلك، ورد عنهم دعا مفاده: لو كان لأحدهم دعوة مستجابة، لجعلها في السلطان. ولهذا، لم يدعُ أي منهم إلى الخروج على ولاة الأمور الذين ظلموهم، إذ لو فعلوا ذلك، لعمّت الفوضى، وأصبح ذلك تقليدًا متبعًا إلى يوم القيامة. لكنهم، اتبعوا سنة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، حرصًا على درء المفاسد، وحقنا للدماء، وصونًا لهيبة الشريعة الإسلامية، واستقرار المجتمع وهيبة الدولة.
هذا قبل…
أما بعد…
نجد اليوم من أهل القرار والتسلط من يفتخر بما يسميه “نجاحا” في قمع اهل هذه العقيدة الاسلامية السمحة، من خلال تخويفهم ومنعهم والتضييق عليهم، بل وتصنيفهم زورًا وبهتانًا، وهذا المتسلط يعلم في قرارة نفسه علم اليقين أن هؤلاء هم صمام الأمان بعد توفيق الله، ويعلم أن خضوعهم وهدوءهم ليس عن خوف أو ضعف أو جبن، وإنما طاعةً لله ورسوله، واتباعًا لمنهج سلف الأمة، وحفاظا على المجتمع والدولة.
أخيرا…
إن التحولات والمتغيرات التي يشهدها العالم اليوم في المجالات السياسية، والثقافية، والاجتماعية، والأمنية، والاقتصادية، والتقنيّة، تتسارع بشكل خطير ومقلق، لذلك، فإن من يحرص بصدق على أمن دولته واستقرارها، ينبغي عليه أن يفي بالبيعة الشرعية التي في عنقه، و يقف بحزم وحيادية ضد كل فاسد او متعصب، او متجاهل للأنظمة والقوانين، وكذلك ضد من يفتي بجواز الخروج على ولاة الأمر والوطن.
وفي الوقت ذاته، لا بد من إنصاف العقيدة السليمة التي تحفظ هيبة الوطن، وتعزز تلاحم المجتمع والدولة، وتصون مقدرات الوطن ومكتسباته وسمعته، وذلك من خلال تمكين حَمَلة هذه العقيدة من أداء دورهم في الوعظ والإرشاد، والحلقات العلمية، والمحاضرات التوعوية في مختلف العلوم و التحول الرقمي، وخاصة في المساجد و محاضن التربية الاخرى.
ختامًا…
في عصر “المواطن الرقمي”، لم يعد مقبولًا من أي مسؤول أو مصلح تجاهل التحول الرقمي المتسارع وقوته الناعمة التي تتعاظم يومًا بعد يوم. فمن لم يستوعب سرعة هذا التحول، ويعمل بالمثل، فلن ينفعه اجترار الماضي والتقارير المزخرفة المحلية والعالمية، بل سيدخل في قائمة الأمّية الرقمية، بينما سيتصدر “المواطن الرقمي” المشهد،
إن الفجوة الرقمية بين صانعي القرار والمواطن الرقمي، الذي يستمد معلوماته ويتأثر بما يسمى ‘مشاهير التواصل الاجتماعي’ من مختلف أنحاء العالم، تُشكل خطرًا على النسيج الاجتماعي والأمن الوطني. فالمعرفة، وخاصة الرقمية، باتت اليوم تمثل القوة الحقيقية ومقياس التقدم، بينما يُعد الجهل بها أو تجاهلها دليلاً على التخلف والفساد، وبابًا مفتوحًا لما يُعرف بالفوضى الخلاقة.”